بسبب إصدار عملة جديدة.. حرب اقتصادية بين أطراف النزاع في اليمن

بسبب إصدار عملة جديدة.. حرب اقتصادية بين أطراف النزاع في اليمن

صنعاء – تشهد السوق المصرفية في اليمن أزمة جديدة على خلفية ضخ البنك المركزي بعدن -التابع للحكومة المعترف بها دوليا- أموالا جديدة من فئة الألف ريال، وقوبل ذلك بمنع سلطات الحوثي تداول هذه الطبعة في مناطق سيطرتها واصفة إياها بالمزورة.

وتعد هذه الطبعة مماثلة للطبعة المتداولة في مناطق سيطرة الحوثيين باختلاف رمزي بسيط، يتمثل في وجود حرف “د” قبل الرقم التسلسلي في الطبعة الجديدة، وهو ما عقّد من مسألة التمييز بين الطبعتين لدى المصارف والمواطنين.

وفي مؤتمر صحفي الأسبوع الفائت، قال محافظ البنك المركزي بصنعاء -التابع للحوثيين- هاشم إسماعيل إن العملة الجديدة طبعت بناء على عقد وقعه بنك عدن في العام الفائت لطباعة ترليون ريال، متهما الحكومة الرسمية بتزوير تاريخ إصدار هذه النقود على أنها طبعت في 2017.

وأصدر البنك المركزي في صنعاء تعميما مطلع الأسبوع الحالي طالب فيه المواطنين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة بعدم نقل العملة فئة ألف التي يبدأ رقمها التسلسلي بغير حرف “أ” والمؤرخة بعام 1438هـ/2017م.

من جهته قال البنك المركزي بعدن -التابع للحكومة الشرعية- إن أي تعليمات تصدر باسم فرع البنك المركزي في صنعاء تمس نشاط القطاع المصرفي غير قانونية ولا يُعتد بها.

واعتبر البنك -في بيان وُزع على وسائل الإعلام الأربعاء الماضي- أن الإجراءات التي اتخذها الحوثيون بمنع تداول العملة الجديدة تعيق جهود البنك المركزي لدفع المرتبات التي تصرف في المناطق غير المحررة.

وذكر البنك أن كافة الأوراق النقدية من العملة الوطنية بجميع فئاتها، المصدرة والمتداولة استنادا إلى قانون البنك المركزي اليمني رقم (14) لسنة 2000 والمعدل بالقانون رقم (21) لسنة 2003، تعتبر عملة قانونية ملزمة حسب قيمتها كوسيلة للدفع في جميع المعاملات الداخلية.

ويرى مصرفيون أن هذا التجاذب بين أطراف الصراع يؤثر سلبا على النشاط المصرفي واستقرار العملة في اليمن.

انتشار العملة الجديدة
ويقول محمد صادق، صاحب محل صرافة في صنعاء، إن إقحام القطاع في الصراع الحالي يحمله أعباء فوق طاقته ويخلق عراقيل أمام انسياب الحركة المصرفية.

وينتقد صادق، في حديثه للجزيرة نت، الضخ المستمر من البنك المركزي بعدن للسيولة في السوق دون غطاء، لما يسببه من فقدان لقيمة الريال اليمني مقابل العملات الأخرى.

ويرى صادق أن استقرار قيمة الريال اليمني يبدأ بسياسة نقدية موحدة في كل مناطق اليمن، وإبعاد القطاع المصرفي عن الصراع والاستقطابات المضرة بالاقتصاد اليمني.

وسبق للحكومة الشرعية أن أصدرت مطلع عام 2020 عملة جديدة من فئة الألف ريال يمني يتم تداولها حاليا في مناطق سيطرتها، وهي فئة تختلف عن الفئة التي ضختها مؤخرا ويمنع تداولها الحوثيون.

حرب اقتصادية
من جهته، يرى رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي الخبير الاقتصادي مصطفى نصر أن هذه الطبعة الجديدة التي أصدرتها الحكومة الشرعية تزيد من التأزيم والحرب الاقتصادية الدائرة بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، وسيدفع ثمن هذه الخطوة القطاع المصرفي والمواطن البسيط الذي سيجد صعوبة في التفريق بين العملات.

ويقول نصر -في حديثه للجزيرة نت- إن هذه الخطوة ستتيح لجماعة الحوثي التدخل بصورة أكبر في عمل البنوك وشركات الصرافة بل والمواطنين العاديين، بحثا عما تصفها بـ”العملة المزورة”، مطالبا بتحييد الاقتصاد والقطاع المصرفي عن الصراع.

وأضاف أن من حق البنك المركزي إصدار النقود ضمن إدارته للسياسة النقدية، ولكن وفق قواعد صارمة تحتكم لسياسة نقدية تقوم على الموازنة بين العرض والطلب وبما لا يضاعف من تضخم العملة.

ويعتبر نصر أن تزويد السوق بكميات جديدة من الفئات النقدية المطبوعة من قبل المركزي اليمني يفاقم المشكلة من حيث التضخم ويضعف العملة محملا الحكومة الشرعية والبنك المركزي بعدن مسئولية ذلك.

ويوضح أن البنك المركزي بعدن يغطي نفقاته من مصدر تضخمي، عبر طباعة مزيد من النقود بدل تحمل مسئولية حشد الموارد واستغلال كافة الإمكانات للحصول على النقد الأجنبي لتلبية احتياجات السوق.

ويرى نصر أن جماعة الحوثي مطالبة بتقدير مصلحة الناس الذين يكتوون بفارق أسعار العملة وعمولات التحويلات، معتبرا قرارها بعدم التعامل بالفئات النقدية قرارا كارثيا ليس له علاقة بالسياسة النقدية التي تقوم على العرض والطلب.

المصدر : الجزيرة