عادت موجة الحرائق الجنونية لتلتهم على مدار الأيام الماضية الأحراج والغابات السورية الواسعة في مناطق الساحل، واقتربت بعضها من الأماكن السكنية من دون أن تتمكن فرق الإطفاء من إخماد بعضها، لسرعة انتشارها وامتدادها على مئات الهكتارات في أرياف مدن اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة.
وتمكنت وحدات الإطفاء من إخماد الحرائق التي اندلعت في أحراش قرية “اللقبة” بمنطقة مصياف في ريف حماة.
ونقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن مدين العلي، رئيس مركز حماية الغابات في مصياف، أن حريق غابات اللقبة هو الخامس الذي تمكنت فرق الإطفاء من إخماده في تلك المنطقة، الأمر الذي يثير الشكوك حول افتعال تلك النيران الضخمة التي تسببت بخسارة مئات الدونمات من الأشجار المثمرة والغابات المعمرة.
وبحسب العلي، فإن فرق إطفاء مديرية الزراعة، وعدها 65، تمكنت بصعوبة من إخماد الحرائق نتيجة كثافة الغطاء النباتي ووعورة التضاريس التي أعاقت بدورها وصول سيارات الإطفاء والآليات لأماكن النيران لإطفائها، مؤكداً عدم وجود طرق زراعية وخطوط نيران، يُضاف لها الرياح القوية التي تمتاز بها منطقة مصياف، الأمر الذي دفع طواقم الإطفاء للجوء إلى أساليب يدوية قديمة، واستخدام المعاول لإخماد النيران.
وحول أسباب نشوب حرائق اللقبة، نقل العلي عن أهالي تلك المنطقة، أنها اندلعت بفعل فاعل، وأنهم شاهدوا أحدهم يُضرم النيران في منطقة مهجورة ولاذ بالفرار، فتوسّعت النيران وامتدت رقعتها حتى وصلت لمساكن القرويين لافتاً إلى أن التحقيقات جارية لكشف الجاني وتسليمه للقضاء.
وحول حجم الخسائر، أكد العلي أن حرائق أحراش اللقبة بلغت ثلاثة دونمات من الغابات والأراضي الزراعية وخسر العديد من الفلاحين لأشجارهم المثمرة.
وقال مصدر من مركز حماية الغابات لسكاي نيوز عربية، إن التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة عن معدلها الطبيعي بـ11 درجة وسرعة الهواء وإهمال المواطنين والزراعة الغير المنتظمة، يتسبب كل ذلك في توسيع رقعة الحرائق واحتراق مناطق خضراء شاسعة في جبال اللاذقية وحماه وحمص.
وأكد المصدر أن وعورة المنطقة الجبلية وانحدارها الشديد إلى جانب الموارد المحدودة تُعيق جهود مكافحة الحرائق.
ونجح عناصر فوج الإطفاء الأسبوع الماضي من إخماد ثمانية حرائق في ريف اللاذقية كان أخطر ما فيها حريقا منطقة بكسا والقنجرة.
وقال الرائد مهند جعفر، قائد فوج الإطفاء، إن حريق بكسا أتى على حوالي 30 دونماً، أما حريق القنجرة فقد أتى على مساحة تقدر بحوالي 7 دونمات من أشجار الزيتون والليمون.
وأضاف جعفر، أن النيران كادت تقترب من المنازل وتُضرَّ بالمواشي والنحل لكن تمت السيطرة عليها.
وكان أبو أيهم، المزارع الستيني من ريف اللاذقية قد خسر العام الماضي العديد من أشجار الفاكهة والزيتون، بسبب الحرائق المجهولة الضخمة التي التهمت الأخضر واليابس.
وأفاد في تصريح لسكاي نيوز عربية، أنه خسر قبل أسبوع حوالي ثلاثين شجرة فاكهة ومساحات واسعة من الأراضي الزراعية المزروعة بالخضار.
أبو أيهم نوّه إلى أن خطر النيران يتربص بكل أرياف اللاذقية وطرطوس طيلة فترة الصيف، مشيراً إلى أن خسائره العام الماضي فاقت أضعاف خسائره هذا العام، كون النيران أتت على 100 شجرة فاكهة ووصلت إلى منزله ومولدة الديزل الخاصة به وجرّاره، كما احترقت يداه وأيادي أولاده أثناء إطفائهم النيران وتعرضوا لحالات اختناق.
احصائية مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية كشفت أن حجم الخسائر الناجمة عن حرائق الغابات في سوريا العام الماضي التهمت أكثر من 9000 هكتار من الأراضي الزراعية والغابات الخضراء، ودمرت المنازل وإمدادات المياه والكهرباء، وأضرّت بحوالي 28 ألف أسرة، أي 140 ألفاً نزح منهم 25 ألف شخص بقي معظمهم دون مأوى.
وأكدت الأمم المتحدة، أن النيران تسببت بقتل وجرح العشرات، وأدخلت 80 أسرة إلى المستشفى بسبب الاختناق.
الشرق الاوسط