الأسد يرفع الرواتب بالتوازي مع زيادة أسعار الوقود والخبز

الأسد يرفع الرواتب بالتوازي مع زيادة أسعار الوقود والخبز

دمشق – أمر الرئيس السوري بشار الأسد الأحد برفع الحد الأدنى للرواتب وزيادة رواتب العاملين في الدولة، وذلك بعد ساعات قليلة من إعلان الحكومة عن حزمة جديدة من الزيادات طالت الخبز والمازوت في وقت تتخبط فيه البلاد في أسوأ أزمة اقتصادية بفعل الحرب المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات وتفاقم مظاهر الفساد.

وأصدر الأسد مرسوماً يقضي بزيادة رواتب العاملين المدنيين والعسكرين في الدولة بنسبة 50 في المئة، ورفع “الحد الأدنى العام للرواتب والحد الأدنى لرواتب المهن لعمال القطاع الخاص” ليصبح 71515 ليرة سورية (28.4 دولاراً وفق سعر الصرف الرسمي) مقارنة مع 47 ألف ليرة (18.7 دولاراً) في السابق.

وأصدر الأسد مرسوماً آخر يقضي بزيادة المعاشات التقاعدية للعسكريين والمدنيين بنسبة 40 في المئة. ونقلت سانا عن وزير المالية كنان ياغي قوله إن زيادة الرواتب للعاملين وللمتقاعدين تكلف نحو 81.6 مليار ليرة شهرياً.

ويرى نشطاء أن هذه الزيادات سحبها النظام بشكل آخر من خلال رفعه أسعار الوقود والخبز وتعرفة وسائل النقل، وبالتالي فإن معاناة المواطن مستمرة وستشتد خاصة وأن الزيادات الأخيرة ستتبعها زيادات أخرى لمعالجة عجز الموازنة.

ويعتبر خبراء اقتصاد أن زيادة الرواتب ليست أبدا الحل، بل على العكس ستؤدي إلى زيادة مستوى التضخم في وقت تشهد الليرة تهاويا أمام الدولار.

وأعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في وقت متأخر ليل السبت أنها عدلت سعر لتر المازوت ليصبح 500 ليرة سورية بعدما كان محدداً بـ180 ليرة لغالبية القطاعات و135 ليرة للأفران أي بزيادة تجاوزت 170 في المئة. كما ضاعفت الوزارة سعر ربطة الخبز ليصبح مئتي ليرة سورية مقارنة بمئة ليرة سابقاً.

80 في المئة من احتياجات سوريا من المشتقات النفطية يتم تأمينها عن طريق الاستيراد

وهذه ليست المرة الأولى التي ترفع فيها الحكومة السورية سعر المازوت أو الخبز منذ العام 2011 تاريخ بدء النزاع.

ويقول وائل حمودة (41 عاماً) بينما كان ينتظر سيارة أجرة في أحد شوارع العاصمة دمشق إن زيادة الأسعار “كانت متوقعة”، متابعا “نخشى من زيادات مقبلة في أسعار البنزين والمواد الغذائية والأدوية”.

وخلال سنوات الحرب زادت الحكومة السورية مرات عدة أسعار مواد أساسية أبرزها الوقود. ورفعت الأسبوع الماضي سعر البنزين غير المدعوم بنسبة 25 في المئة، بعدما كانت رفعت في مارس سعر البنزين المدعوم وغير المدعوم بأكثر من 50 في المئة.

ويفاقم رفع الأسعار معاناة السوريين الذين ينتظرون في طوابير طويلة للحصول على البنزين المدعوم ويشكون من الغلاء واستمرار ارتفاع الأسعار. وتعيش غالبية السوريين راهنا تحت خط الفقر وفق الأمم المتحدة. ويعاني 12.4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، بحسب برنامج الأغذية العالمي.

وتفاقمت في الأسابيع الماضية مشكلة انقطاع الكهرباء جراء نقص الغاز المغذي لمحطات توليد الطاقة الكهربائية بحسب مسؤولين سوريين، ووصلت ساعات التقنين في عدد من المناطق إلى نحو عشرين ساعة يومياً.

ومن شأن رفع سعر المازوت أن ينعكس على قطاعات عدة بينها الزراعة والصناعة التي تعتمد بشكل أساسي على مادة المازوت لتشغيل مولداتها في ظل تقنين قاس للتيار الكهربائي.

وعزا معاون مدير عام الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية مصطفى حصوية زيادة الأسعار إلى ارتفاع أسعار النفط عالمياً والعقوبات الغربية المفروضة على دمشق.

وقال، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن “ثمانين في المئة من احتياجات سوريا من المشتقات النفطية يتم تأمينها بالقطع الأجنبي عن طريق الاستيراد”، مضيفاً “كان لا بد من رفع الأسعار حتى يتم تقليص فاتورة الاستيراد وتأمين السيولة اللازمة لاستمرار توريد المشتقات النفطية”.

وتحمّل السلطات السورية باستمرار العقوبات التي تفرضها الدول الغربية عليها مسؤولية التدهور الاقتصادي في البلاد. إلا أن الرئيس السوري بشار الأسد قال في نوفمبر الماضي إن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ نحو عامين “ليست مرتبطة بالحصار” في إشارة إلى العقوبات، بل “جوهر المشكلة” اليوم “هو الأموال التي أخذها السوريون وأودعوها في لبنان، وعندما أغلقت المصارف في لبنان دفعنا الثمن”.

ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ نحو عامين. وثمة قيود كبيرة على سحب الأموال من الحسابات المصرفية لاسيما بالدولار، وخسرت الليرة أكثر من تسعين في المئة من قيمتها. وزادت الحكومة اللبنانية قبل نحو أسبوعين أسعار المحروقات بنسبة تجاوزت ثلاثين في المئة.

ويردّ مسؤولون لبنانيون أزمة المحروقات في جزء منها إلى عمليات تهريبه إلى سوريا نظراً إلى الفرق في الأسعار. وتعلن الأجهزة الأمنية اللبنانية بانتظام توقيف مهربين ينقلون البنزين والغاز عبر الحدود.

وقال محلل اقتصادي فضل عدم الكشف عن اسمه إن الدولة السورية “تستعين بالتجار لجلب المحروقات عبر طرق طويلة في محاولة للالتفاف على العقوبات”، مضيفاً “هذا الطريق الطويل يعبر دولا عدة أبرزها لبنان، والأمر مكلف للغاية”.

وأضاف “في ما مضى كان النفط السوري أهم مورد لخزينة الدولة، لكن اليوم المعادلة واضحة للغاية، طالما لا يوجد دخل للخزينة فإن زيادة الأسعار مستمرة ولن يتوقف الأمر هنا”.

ومنذ بدء النزاع مُني قطاع النفط والغاز في سوريا بخسائر كبرى تقدّر بـ91.5 مليار دولار جراء المعارك وتراجع الإنتاج مع فقدان الحكومة السيطرة على حقول كبرى فضلاً عن العقوبات الاقتصادية.

العرب