بلومبيرغ: ماذا يعني نمو بنحو 8% بآسيا فيما الآلاف يموتون؟

بلومبيرغ: ماذا يعني نمو بنحو 8% بآسيا فيما الآلاف يموتون؟

تدل المؤشرات على أن آسيا مهيأة لانتعاش اقتصادي، مع ذلك ما يزال فيروس كورونا مستشريا في بلدان مثل إندونيسيا، في حين ما يزال عدد كبير من الشعوب متأخرين في عملية التعافي.

وقال الكاتب، دانيال موس، في تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ” (Bloomberg) الأميركية، إن مركزا ماليا كبيرا يضم 5.7 ملايين شخص يستعد تدريجيا للحياة بعد الوباء، مع زيادة معدلات التطعيم وتخفيف إجراءات التباعد الاجتماعي وبدء السكان مرة أخرى في التفكير في السفر الترفيهي، وهذا في سنغافورة.

وعلى بعد رحلة قصيرة بالعبّارة، يكافح أرخبيل مترامي الأطراف يبلغ عدد سكانه 270 مليون نسمة للحصول على الأكسجين، حيث تفوق حالات الإصابة بفيروس كوفيد اليومية 20 ألف حالة ويتجاوز عدد الضحايا 60 ألف شخص، في إندونيسيا.

ويُظهر المصيران المتباينان لسنغافورة وإندونيسيا فضلا عن العديد من البلدان الأخرى في جميع أنحاء آسيا، أن أي انتعاش اقتصادي في هذه المنطقة سيخاطر بالتخلي عن مئات الملايين من الناس.

نمو اقتصادي
يتوقع صندوق النقد الدولي أن تنمو آسيا بنسبة 7.6% خلال هذا العام، مدعومة بالاقتصادات المزدهرة مثل كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة والصين، القوة المصنعة والمصدرة، وعلى النقيض من ذلك، سيتعطل نمو أماكن مثل إندونيسيا والفلبين وماليزيا بسبب فشلها المستمر في احتواء المرض.

وذكر الكاتب أن “إندونيسيا تعد في الوقت الراهن نقطة انتشار فيروس كوفيد في جنوب شرق آسيا”. وخلال الشهر الماضي، فرض الرئيس جوكو ويدودو قيودا صارمة على جاوا وبالي، وهما الجزيرتان المسؤولتان عن أكثر من نصف اقتصاد البلاد البالغ تريليون دولار، في الوقت الذي كانت تستعد فيه بالي لاستقبال الزوار الدوليين.

ولفترة طويلة، قاوم جوكو عمليات الإغلاق واسعة النطاق لصالح تدابير محلية أكثر، ومنذ ذلك الحين، أعاد تعديل التدابير مع ارتفاع الوفيات إلى مستوى قياسي وارتفاع عدد الإصابات. وفي الآن ذاته، حذّر المسؤولون من إمكانية استمرار هذا الارتفاع.

لقد كانت استجابة إندونيسيا للفيروس مخيبة للآمال منذ البداية، حيث استغرق الأمر حتى مارس/آذار من العام الماضي حتى تقر السلطات بوجود حالات عدوى، في حين أن الفيروس انتشر بالفعل في جميع أنحاء المنطقة، وغالبا ما تسببت إستراتيجية الإغلاق الجزئي في حدوث ارتباك، ولم تتعامل الدولة مطلقا مع الحالات قبل الارتفاع الثاني لوتيرة العدوى، مع ذلك، سيكون من السذاجة القول إن التحديات الاقتصادية في إندونيسيا نشأت مع تفشي فيروس كورونا.

كافح جوكو، الذي يقترب من منتصف فترة ولايته الثانية والأخيرة، لتلبية توقعات الرئاسة التي كانت مليئة بالطموح، وتمتلك البلاد العديد من مقومات الانتعاش على غرار وجود أغلبية من الشباب في منطقة تشيب بسرعة، بالإضافة إلى انتشار المستثمرين.

من جهته، اتخذ الرئيس خطوات ملموسة لانتشال البلاد من نمط النمو البالغ 5%، مثل إصلاح قوانين العمل، لكن هذه الجهود لم تؤت إلى الآن أُكلها. لطالما تحدّث العالم عن إمكانيات إندونيسيا، أما في الوقت الراهن، فهي مهددة بالوقوع في قاع العالم الاقتصادي.

الصراع مع كورونا
وعلى الرغم من أهمية تهيئة المراكز المالية مثل هونغ كونغ وسنغافورة لرحلة إعادة الفتح، فإن أجزاء شاسعة من آسيا ما تزال عالقة في معركة مميتة مع فيروس “كوفيد-19″، ويبدو إحياء السفر بمثابة رفاهية عندما يصل عدد الحالات اليومية إلى عشرات الآلاف وتظل معدلات التطعيم منخفضة للغاية. وبالنسبة لإندونيسيا والفلبين، تتفاقم المشاكل بسبب المدن المكتظة بالسكان والجزر الرئيسية المزدحمة. وكانت ماليزيا في حالة طوارئ منذ يناير/كانون الثاني حيث تظهر البيانات التي جمعتها وكالة بلومبيرغ أن أقل من 10% من الأشخاص في إندونيسيا والفلبين وتايلند وماليزيا تم تطعيمهم بالكامل.

وقد قال وزير الصحة السنغافوري في مقابلة مع صحيفة “ستريتس تايمز” (Straits Times) خلال الشهر الماضي إنه من الممكن استئناف السفر دون البقاء في الحجر الصحي بحلول نهاية العام، حيث استشهد بالولايات المتحدة ومعظم أوروبا كأمثلة على الوجهات المحتملة.

وأوضح وزير الصحة أن السلطات يجب أن تكون مقتنعة بأن معدلات التطعيم مرتفعة وأن عدد الحالات آخذ في الانخفاض، في المقابل، من الصعب رؤية أي مكان في إندونيسيا، ناهيك عن بالي، في مثل هذا الوضع في وقت قريب.

مع حدوث حوالي 60% من التجارة بين الجيران، تعد آسيا مترابطة للغاية بحيث لا تحتفل بالانتصارات الفردية على فيروس كوفيد، وبمجرد السماح بها، ستخبرك رحلة بالقارب أو الجسر، بما تفشل التوقعات الإقليمية الوردية في تصويره.

المصدر : بلومبيرغ