توصف أفغانستان بأنها مقبرة الإمبراطوريات بسبب قدرتها على المقاومة وإلحاق خسائر بالدول الأكثر قوة، وأثارت التغييرات الميدانية الأخيرة في البلد بعد الانسحاب الأميركي تساؤلات عن الدور المرتقب للصين وروسيا اللتين وجهتا تحذيرات من تداعيات الفوضى الأمنية وسيطرة طالبان على مناطق واسعة، بعد أن أدى سحب القوات الأميركية إلى إفساد توازن القوى في جنوب آسيا الذي كان ثابتا لمدة عقدين تقريبا.
ويقول الباحث جوردون تشانج في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الإخبارية إن القوة الرئيسية التالية التي من المتوقع أن تدخل أفغانستان قد تكون الصين التي تسعى للاستفادة من الانسحاب الأميركي عن طريق توسيع العلاقات السياسية والاقتصادية هناك.
ويوضح تشانج أن “الصين تريد دخول أفغانستان بشدة”، مشيرا إلى اهتمام بكين بالثروة المعدنية غير المستغلة في أفغانستان وقدرتها على الاستثمار في إطار مبادرة الحزام والطريق.
يصر الرئيس الأميركي على استكمال الانسحاب على الرغم مما تحققه طالبان من تقدم داخل الأراضي الأفغانية
وتعمل الصين على إبعاد تحول أفغانستان إلى ملاذ آمن لعناصر الإيغور المناهضة لها. وتشترك أفغانستان مع طاجيكستان في حدود وعرة طولها 80 كيلومترا، على طول ممر الصين الشمالي الشرقي، على الحدود مع منطقة شينجيانغ الصينية ذاتية الحكم والمثيرة للجدل.
ويعتزم وزير الخارجية الصيني وانغ يي السفر إلى آسيا الوسطى الأسبوع المقبل لإجراء محادثات حول أفغانستان، وكان قد حذر الأسبوع الماضي من أن المهمة الأكثر إلحاحا في هذا البلد هي “الحفاظ على الاستقرار ومنع الحرب والفوضى”.
ويرى تشانج أن الصين التي حافظت على تواجد بعثات خارجية ناجحة في مناطق مضطربة، مثل إقليم دارفور في غرب السودان، تتطلب مهمتها في أفغانستان التزاما أكبر بكثير، حيث ستجد بكين صعوبة كبيرة في المغادرة بمجرد الالتزام مثلما حدث مع القوى الكبرى الأخرى، وذلك في حال قررت خوض المغامرة الأفغانية.
وتوصف أفغانستان بأنها مقبرة الإمبراطوريات؛ فقد خسرت الإمبراطورية البريطانية صراعا استمر أربعة أعوام هناك، خلال الفترة من العام 1839 حتى العام 1842، على الرغم من أنها تمكنت من تحقيق بعض أهدافها في حرب ثانية بعد أربعين عاما.
ويقول الكاتب والصحافي تريفور فيلسث، في تقرير نشرته مجلة “ناشونال انتريست” الأميركية، إن “الاتحاد السوفييتي واجه هزيمة على أيدي المجاهدين المسلحين المدعومين من جانب الولايات المتحدة خلال ثمانينات القرن الماضي، وهو صراع أدى في النهاية إلى إفلاس موسكو والتعجيل بزوال الاتحاد السوفييتي”.
تشترك أفغانستان مع طاجيكستان في حدود وعرة طولها 80 كيلومترا، على طول ممر الصين الشمالي الشرقي، على الحدود مع منطقة شينجيانغ الصينية ذاتية الحكم والمثيرة للجدل
ويوضح فيلسث أنه بعد وقوع أحداث 11 سبتمبر عام 2001 غزت الولايات المتحدة أفغانستان وأطاحت بحكومة طالبان، لكنها سرعان ما أصبحت غارقة في حالة تمرد.
وفي أبريل الماضي أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن قوات بلاده ستنسحب من أفغانستان، لأنها حققت أهدافها لعام 2001 وتفاوضت على اتفاق سلام مع حركة طالبان.
ويصر الرئيس الأميركي على استكمال الانسحاب على الرغم مما تحققه طالبان من تقدم داخل الأراضي الأفغانية. وفي اجتماعهما في البيت الأبيض الشهر الماضي، بينما كان الانسحاب الأميركي يمضي قدما، أخبر بايدن نظيره الأفغاني أشرف غني بأن الولايات المتحدة ستواصل دعم بلاده، ووعده بمساعدات إنسانية بقيمة 266 مليون دولار وأخرى أمنية بقيمة 3.3 مليار دولار.
صحيفة العرب