تمثل زيارة واشنطن عنصر دفع قوي لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في مسعاه للحد من نفوذ إيران في العراق، والضغوط التي تمارسها الميليشيات الموالية لها لتسريع الانسحاب الأميركي.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن الزيارة ستسلط الضوء على الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وستعزز التعاون الثنائي وفقا لاتفاق عام 2008 الذي جرى بموجبه سحب القوات الأميركية من العراق.
وأشارت المتحدثة إلى مجالات تحظى باهتمام مشترك لدى البلدين ومنها الطاقة والصحة، وقالت إن جو بايدن يتطلع إلى تعزيز التعاون مع العراق “في القضايا الأمنية ليشمل الجهود المشتركة التي تضمن هزيمة” تنظيم داعش بشكل دائم.
ولم تتطرق المتحدثة إلى إيران التي تمارس نفوذا في العراق المجاور عبر روابطها الوثيقة بحكومة بغداد ودعم فصائل شيعية تشن هجمات على منشآت عسكرية تستضيف قوات أميركية.
لكنّ مراقبين عراقيين اعتبروا أن موضوع النفوذ الإيراني في البلاد سيكون العنصر الرئيسي في الزيارة، مشيرين إلى أن تكثيف الهجمات على المواقع العسكرية والدبلوماسية الأميركية قبل الزيارة كان محاولة لفرض موضوع الانسحاب على طاولة اللقاء العراقي – الأميركي.
وقال هؤلاء المراقبون إن الكاظمي الذي بدا مجبرا على القبول بالسيطرة الإيرانية، سيعمل من خلال الزيارة على إظهار معارضته لهذه السيطرة، وأنه يريد سياسة خارجية تقوم على النأي بالنفس وبناء علاقات متكافئة مع مختلف الفرقاء، وسيعرف حدود التحرك الأميركي وماذا يمكن أن تقوم به واشنطن لدعم مساعيه.
وأشاروا إلى اللقاء الذي جمع الكاظمي والرئيس برهم صالح مع المبعوث الأميركي بريت ماكغورك منسق الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لافتين إلى وجود توافق بين الكاظمي وصالح حول كيفية الخروج بحد أدنى من الاستقلالية بعد أن هيمنت إيران بشكل شبه كامل على العراق عبر الحشد الشعبي.
ويعتقد الكاظمي، كما الأميركيين، أن إيران توظف الوضع العراق كورقة مساومة مع الولايات المتحدة في ملفات أخرى، على رأسها موضوع الاتفاق النووي والدور الإقليمي لطهران الذي بات يهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
وخلال الأسابيع الأخيرة أرسلت إيران بشكل سري حسين طائب رئيس جهاز الاستخبارات في الحرس الثوري وقبله إسماعيل قاآني رئيس فيلق القدس، والهدف هو استمرار التنسيق مع قادة الميليشيات والتحكم في نسق التصعيد حسب حاجة طهران وأجندتها.
ولوّح الكاظمي بتقديم استقالته لرئيس الجمهورية، ما لم تُطلق يد الحكومة في ضبط تصرفات قوات الحشد الشعبي التي تتبع شكليا له بصفته القائد العام للقوات المسلحة، لكنه لم يفلح في ذلك. وفيما نجح في منعها من تنفيذ استعراض كبير في بغداد، إلا أنه قبل بأن يتم هذا الاستعراض بعد ذلك بأيام في ديالى، وأشرف عليه بنفسه ما اعتبر اعترافا بالأمر الواقع ورضوخا للقوى التي عبّرت أكثر من مرة عن عدم اعترافها بالدولة.
وخلال الأعوام القليلة الماضية سعى الإعلام العراقي الخاضع لإيران إلى تقديم الحشد الشعبي في صورة “قوة مقدسة” لا يمكن أن يرتكب عناصرها أيّ خطأ، وهو ما جعل من نقدها من أيّ جهة عراقية، ولو كان رئيس الوزراء أمرا صعبا.
وأعلنت الحكومة العراقية الخميس أن الكاظمي استقبل وفدا أميركيا برئاسة بريت ماكغورك، حيث ناقش الطرفان آليات انسحاب القوات الأميركية والانتقال إلى مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي.
كما تناول الطرفان “تطورات الأوضاع الإقليمية، والتأكيد على حاجة المنطقة إلى تغليب لغة الحوار والتهدئة، ودور العراق المتنامي في هذا الشأن” بحسب بيان الحكومة العراقية.
ووفق البيان تناول اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية في سياق الحوار الاستراتيجي القائم بينهما، وفقاً للمصالح المشتركة واحترام السيادة.
صحيفة العرب