صعدت قوات الاحتلال الإسرائيلي وتيرة القتل في الضفة الغربية فجر يوم أمس الأحد حيث استشهد خمسة فلسطينيين في بلدة بدو غرب القدس وبلدة برقين غرب جنين، بينهما الأسير المحرر أسامة صبح، خلال عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق، كما استشهد شاب فلسطيني خلال مواجهات بلدة بيتا يوم الجمعة الماضي خلال مواجهات قرب جبل صبيح التابع لبلدة بيتا.
يجيء ذلك بعد معركة سياسية لافتة في مجلس النواب الأمريكي، أدت، عمليا، لتأخير تمويل «القبة الحديدية» الإسرائيلية عبر فصله عن ميزانية الحكومة الفيدرالية، التي تم إقرارها، وكان المقصود بذلك فصل فكرة أن القبة هي جزء من «منظومة الدفاع» عن أمريكا نفسها.
شهد الكونغرس قبلها تقديم مشروع يطالب بجعل «حل الدولتين» قانونا أمريكيا ملزما يربط أي مساعدات مالية لإسرائيل بعدم توظيفها في تعزيز الاحتلال وقمع الفلسطينيين، وأن حل الدولتين يعني إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية، وكذلك توقيع 500 من فريق الرئيس جو بايدن الإداري بمحاسبة إسرائيل على جرائمها خلال هبة أيار/مايو الفلسطينية، وعدوان الجيش على غزة.
إقرار الكونغرس، في النهاية، تمويل «القبة» لا يقلل من شأن هذه الوقائع التي تعبر عن إشارات تغيير في النظرة إلى مسائل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ضمن كتلة يمكن أن تتزايد في مجلس النواب الأمريكي، وتتجذر ضمن صفوف المؤسسات الأكاديمية والشعبية، وهو أمر يرتبط بسعي الحزب الديمقراطي إلى إشراك فئات أكبر من الأقليات لمواجهة الترامبية، كما يرتبط بتعزز النزعة الكفاحية الشعبية الفلسطينية.
إضافة إلى اندراج استشهاد الشبان الفلسطينيين الستة الأخير في السياق العام للمقاومة الفلسطينية الطويلة الأمد للاحتلال وخططه، فلا يمكن أيضا، ملاحظة المعنى الكامن في أن ارتفاع وتيرة القتل الإسرائيلي يأتي أيضا بعد حادثة فرار الأسرى الستة، والتي بثت، رغم اعتقالهم، موجة جديدة من إرادة الكفاح والتحدي ومكاسرة منظومة الاحتلال، عبر الأنفاق في الأرض، كما عبر البالونات والصواريخ في الجو، والمواجهات الدائمة على الأرض.
آخذين في الاعتبار هذه السياقات، يمكن اعتبار تصعيد إدارة الاحتلال لوتيرة القتل ضد الفلسطينيين نقلا لـ«القبة الحديدية» الدبلوماسية والصاروخية إلى الضفة الغربية، باعتبارها الرئة الثانية التي تتغذى منها المقاومة الفلسطينية، حيث شكلت وقفة الفلسطينيين للدفاع عن الشيخ جراح، ومواجهات بيتا، وهروب الأسرى، رافعة لتحريك الشعب الفلسطيني في الداخل وغزة، وأعادت بذلك تشغيل ديناميات هائلة لمقاومة الاحتلال، وهو إذا لم ينعكس على المستوى العربي، بسبب اشتداد توحش الأنظمة وتكالب قوى الثورة المضادة العالمية والإقليمية، لكنه ظهر على مستوى الديمقراطيات الغربية، وكانت «القبة» إحدى كلمات السر العديدة، التي تكشف قوة المعنى التحرري لفلسطين.
القدس العربي