رفع بيان نواب المعارضة حول الجنوح نحو التهدئة منسوب التفاؤل بتوافق متوقع بين مجلس الأمة الكويتي والحكومة، قبل أسابيع من عودة البرلمان إلى جلساته بعد انتهاء الإجازة الصيفية، بالتزامن مع لقاءات مكثفة لأمير الكويت مع رئيسي الحكومة ومجلس النواب.
الكويت – يترقب الشارع الكويتي انتقالة سياسية حاسمة في علاقة مجلس الأمة “البرلمان” بالحكومة إثر إعلان المعارضة النيابية التهدئة مع الحكومة مع عودة البرلمان إلى عقد جلساته في السادس والعشرين من أكتوبر المقبل بعد الإجازة الصيفية.
وعبر نواب في المعارضة في بيان صدر الأحد عن رغبتهم في التهدئة مع الحكومة بعد الأنباء التي تحدثت عن الاتفاق على ملفات متعلقة بالعفو عن نواب سابقين محكومين أمام القضاء ومتواجدين خارج الكويت.
وتمثل الحراك السياسي عبر لقاءات مكثفة جمعت أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الصباح ورئيس ديوان ولي العهد الشيخ أحمد العبدالله الصباح الذي تسلم منصبه الجديد الأسبوع الماضي.
الحكومة الكويتية استغلت إجازة البرلمان للقيام بترتيبات سياسية مع المعارضة البرلمانية أسفرت عن اتفاقات أولية للتهدئة
كما التقى أمير الكويت برئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد إثر عودته من الولايات المتحدة بعد أن ترأس وفد الكويت في اجتماعات الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي عقدت في مدينة نيويورك.
وامتدت لقاءات أمير الكويت لتشمل رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي وزير العدل ووزير الدولة لشؤون تعزيز النزاهة عبدالله الرومي.
وبالتزامن مع ذلك تكثفت لقاءات ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد خلال استقباله رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ورئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد ووزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي ووزير الداخلية الشيخ ثامر العلي.
وعزت مصادر سياسية كويتية اللقاءات المكثفة لأمير الكويت وولي العهد مع رئيسي الحكومة ومجلس النواب إلى الحراك السياسي المرتقب في البلاد، خصوصا بعد الاتفاقات الأولية خلال الأسابيع الماضية على حل ما سمي بالملفات الشائكة.
وكان الغانم قد وعد بفتح تلك الملفات الشائكة بعد عودة البرلمان من إجازته الصيفية.
وأوضح أن تلك المبادرات تسعى لـ”إيجاد تفاهمات تساهم بتحقيق انفراجات سياسية للعديد من الملفات الشائكة التي كانت مثار خلاف في السنوات الماضية”.
وتتعلق تلك الملفات بالتجاذبات المستمرة منذ شهور بين الحكومة والمعارضة تحت قبة البرلمان. والعفو عن النائب مسلم البراك المتواجد في تركيا وإيجاد حلول لموضوع البدون.
وتعتبر العلاقة المتوتّرة التي جمعت بين حكومة الشيخ صباح الخالد والبرلمان المنتخب في ديسمبر الماضي وتشغل المعارضة واحدا وثلاثين من مقاعده الخمسين، عاملَ تعقيد لمهمّة الحكومة في البحث عن مخارج للأزمة المالية، حيث تحتاج إلى مرور حتمي عبر مجلس الأمّة لسنّ تشريعات تسمح بالتوجه نحو أسواق الديون الدولية.
يأتي ذلك في وقت يترقب أن يجري الشيخ صباح الخالد تعديلا على حكومته بالتزامن مع عودة جلسات مجلس الأمة.
وذكرت مصادر صحافية كويتية أن التعديل الوزاري المرتقب سيكون محدودا وربما يقتصر على غير الراغبين في الاستمرار بالحكومة.
وكثيرا ما تدفع الضغوط النيابية بعض وزراء الحكومات الكويتية إلى الاستقالة طوعا أو بطلب من رؤساء الحكومات لتجنّب التأزيم وخفض التوتّر.
لكنّ الخوف من تلك الضغوط كثيرا ما يدفع مرشّحين إلى شغل مناصب وزارية إلى رفضها والعزوف عنها لتجنّب الفشل في مهمّاتهم ولتفادي الدخول في خصومات مع النواب وحملات من قبل هؤلاء تصل أحيانا حدّ التشهير والإهانة.
وقالت المصادر “إنه لم يتبقّ أمام الحكومة إلا ثلاثة اجتماعات اعتيادية فقط قبل الإعلان عن التعديل الوزاري الذي سيتم خلال أقل من شهر لتهيئة الوقت المناسب للحكومة لاستكمال استعدادات المشاركة بفاعلية في الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي السادس عشر في السادس والعشرين من أكتوبر”.
وتنتظر الحكومة الكويتية عدة ملفات حاسمة من بينها سد العجز، وإقرار أولويات الحكومة، والتصنيف الائتماني، والمضي قدما في إجراءات العودة إلى الحياة الطبيعية، وبلورة أدوات تنفيذ برنامج عمل الحكومة، فيما يبقى الملف الأهم عقد لقاءات مع النواب لتحقيق التناغم والتنسيق.
وكانت الكويت قد شهدت عاصفة من الصراع السياسي بين الحكومة ومجلس الأمة بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في شهر ديسمبر الماضي، حيث شهدت اكتساحاً كبيراً للمعارضة، لكنها فشلت في ترجمة انتصارها في البرلمان بعد نجاح مرزوق الغانم بالفوز بكرسي رئاسة مجلس الأمة رغم إجماع المعارضة على عدم التصويت له.
ملفات حاسمة أمام الحكومة الكويتية
واستغلت الحكومة الكويتية إجازة البرلمان للقيام بترتيبات سياسية مع المعارضة البرلمانية أسفرت عن اتفاقات أولية للتهدئة يؤمل أن يكشف عنها مع انطلاق جلسات مجلس الأمة الشهر المقبل.
وطالب ستة نواب من المعارضة الكويتية المحسوبين على الإخوان المسلمين بتوفير البيئة السليمة لإقرار القوانين وحل المشاكل التي يعاني منها المواطنون في إطار الدستور، مؤكدين في بيان مشترك صدر الأحد أنهم لا يسعون للتأزيم وأن اتهامهم بممارسة النقد فقط دون العمل “ادعاء غير صحيح”.
وفيما اعتبرته مصادر نيابية “جنوحا إلى التهدئة”، قال النائب المعارض مهند الساير إن “الخلاف السياسي عطّل التشريعات، ومن دون الهدوء السياسي ونزع الفتيل لن تتحقق الأهداف المرجوة”.
وأكد الساير أن العفو عن مسلم البراك المتواجد في تركيا سيتم، في إشارة إلى عفو أميري مرتقب بعد اتفاقات حكومية مع المعارضة الكويتية التي يسيطر عليها الإسلاميون داخل البرلمان.
وسبق أن أعلن عن تحركات حكومية لحل قضية المعارضين المدانين بأحكام قضائية مختلفة والموجودين في تركيا، وإنهاء هذا الملف الشائك الذي سبق الحديث عن تحركات رسمية لإنهائه دون أي نتيجة أو تقدم.
وذكرت مصادر كويتية أن “المفاوضات بين أطراف حكومية ومعارضين في الخارج بدأت بناء على توجيهات بحسم الموضوع دون الاستعانة بنواب في مجلس الأمة”، مشيرة إلى “أن القناعة باتت راسخة لدى المتواجدين في تركيا أن قضيتهم اختلطت مع قضايا يرونها جانبية وتعرقل التوصل إلى حل”.
وفي مايو الماضي أعلن نواب عزمهم التوجه إلى إسطنبول للقاء المعارضين وعلى رأسهم النائب السابق مسلم البراك، وذلك في إطار التنسيق من أجل إنهاء هذا الملف، قبل أن يعدل النواب عن سفرهم بذريعة “الوضع الصحي والحظر الكلي المفروض هناك، وتأجيل السفر”.