يسعى التيار الصدري، الفائز في الانتخابات العراقية المبكرة، جاهداً لتشكيل الحكومة الجديدة على الرغم من اتساع رقعة الاعتراضات على النتائج ورفضها من قبل “الإطار التنسيقي” الذي يضم الكتل الشيعية باستثناء “الكتلة الصدرية”، التي يتزعمها مقتدى الصدر.
وعلى الرغم من تحول الرفض إلى اعتصامات قرب المنطقة الخضراء، مقر الحكومة العراقية والبعثات الدبلوماسية، فإن التيار الصدري يؤكد استمراره في المفاوضات مع باقي الأطراف السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة في القريب العاجل.
وفي العرف السياسي السائد منذ تغيير النظام السابق عام 2003، جرت العادة أن تتولى رئاسة الحكومة شخصية شيعية، بينما تتولى رئاسة الجمهورية شخصية من المكون الكردي ورئاسة البرلمان شخصية من المكون السني.
تشكيل تحالفات سياسية
أكد القيادي في التيار الصدري والنائب السابق رياض المسعودي، أن تياره ماض في تشكيل تحالفات سياسية “قوية وقادرة” على إعلان الحكومة الجديدة في القريب العاجل.
وقال المسعودي، في تصريحات صحافية، إن “الكتلة الصدرية لن تسير بالآليات السابقة للتشكيل”، مبيناً “أنها ستمضي في اتجاه تشكيل ائتلافات وليس تحالفات قادرة على تشكيل مجلس وزراء قوي”.
وذكر أن التيار الصدري “يمتلك محددات استراتيجية ومنهجية واضحة للمرحلة المقبلة”، مشيراً إلى أن “من يرغب بأن يدعمها عليه التحاور ليس من أجل المناصب بل لدعم الحكومة”.
وكشف أن “الكتلة النيابية الأكثر عدداً هي الكتلة الصدرية التي حصلت على 73 مقعداً”، موضحاً أن “الكتل الأخرى لم تستطع أن تصل إلى نصف هذا العدد”.
وأشار المسعودي إلى أن “هناك ثلاث مراحل لتشكيل الحكومة، الأولى مرحلة الترشيح، والثانية التكليف، والثالثة التشكيل”، موضحاً أنه “عند الأخيرة ستبدأ الائتلافات وليس التحالفات، وسيعمل التيار من أجل الحصول على الأغلبية بواقع 166 مقعداً لتشكيل الحكومة”.
جزء من الحل
وعلى الرغم من استمرار الصراع السياسي الشيعي، فإن القوى السياسية للمكونين السني والكردي لم تعلن أي موقف رسمي من تأييد طرف معين على حساب آخر.
ويؤكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني عماد باجلان، أن حزبه يقف على مسافة متساوية من جميع القوى السياسية ولن يكون مع جانب ضد آخر، بل “نسعى إلى أن نكون جزءاً من الحل وليس الصراع”.
وقال، في تصريحات صحافية، إن “الحكومة المقبلة أقرب سيناريو لها هو حكومة تحالفات وليس توافقات، حيث إن الأولى تكون بين القوى الكبيرة”، مبيناً أن “القوى المتبقية ستعمل على تشكيل كتلة كبيرة للمعارضة، وتذهب إلى البرلمان بغية تقويم ومراقبة عمل الحكومة والإعداد للانتخابات المقبلة”.
وأضاف أن “الديمقراطي الكردستاني (الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان العراق السابق مسعود بارزاني) يقف على مسافة متساوية مع جميع القوى السياسية التي تربطنا بها علاقات تاريخية ونضال مشترك وتحالفات سابقة، وتم تشكيل حكومات عديدة معها”، لافتاً إلى أن “الديمقراطي الكردستاني خصوصاً، والقوى الكردية عموماً لن تكون مع جانب ضد آخر، بل إننا ننتظر البيت الشيعي إلى حين لملمة أوراقه وأن يأتي إلينا بحسب تفسيرات المحكمة الاتحادية بكتلة كبيرة للتفاوض”.
وأكد باجلان أن “القوى السياسية جميعها عليها أن تعي أن السنوات الأربع المقبلة ستكون الفرصة الأخيرة لها وللعملية السياسية برمتها، وفي حال عدم تقديم الحكومة المقبلة أي شيء للشعب العراقي، فعلينا أن نقرأ على النظام السياسي السلام”.
الدولة تسع الجميع
بدوره، يؤكد المتحدث باسم “ائتلاف النصر”، سلام الزبيدي، أن الائتلاف الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي والمنضوي في تحالف قوى الدولة الوطنية، “يعمل ويتباحث مع الجميع بما في ذلك الكتلة الصدرية لتجاوز الأزمة”.
اقرأ المزيد
معركة الحكومة العراقية بين التظاهرات وسيناريوهات التحالفات
ما الذي يتحكم في المشهد السياسي العراقي: السلاح أم مقاعد البرلمان؟
ويعتقد الزبيدي، في حديثه لـ”اندبندنت عربية”، أن “الدولة تسع الجميع، وأن بناء أو هدم الدولة مسؤولية مشتركة يتحملها الكل. ومن حق الكتلة الصدرية باعتبارها فائزة بأكثرية المقاعد الدخول في تحالفات وتحقيق الكتلة الأكثر عدداً داخل مجلس النواب ومن ثم تشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء القادم. وهذا الحق الدستوري يشمل أي جهة أو كتلة تنطبق عليها شروط القانون الانتخابي وتفسيرات المحكمة الاتحادية العليا، صاحبة الكلمة الفصل”.
ويرى الزبيدي أن “النجاح مرهون بتحقيق العدالة والشفافية وتقديم مشروع وطني جامع، يبنى على أساس المصلحة العامة ويؤسس لدولة المؤسسات، لا دولة الأفراد والولاءات والاصطفافات”.
مشوار طويل
واعتبر الباحث السياسي والاقتصادي نبيل جبار العلي، أنه “على الرغم من فوز التيار الصدري بأعلى عدد من المقاعد، التي تمثل 22 في المئة من البرلمان، فإن المشوار طويل أمامه لإجراء تحالفات قد توصله إلى 50 في المئة زائد واحد، التي تمكنه من ضمان تمرير حكومته ومرشحيها من الوزراء”.
ووفق العلي، فإن التعقيد الذي يواجه التيار الصدري “يأتي من تخندق أغلب الأطراف السياسية الشيعية في جبهة مقابلة لتكوين الكتلة الأكثر عدداً. ولهذا المنافس القدرة على تكوين مصالح سياسية مشتركة مع الأطراف السنية والكردية الأخرى، في حين يفتقد التيار الصدري إلى تاريخ شراكة أو تفاهم سياسي معها”.
وأضاف “قد ينظر إليه العديد من الأحزاب السياسية الشيعية والسنية والكردية بعدم ارتياح بسبب تاريخه الحافل بالتقلبات في المواقف السياسية أو حتى التمرد على الاتفاقات أحياناً”.
اندبندت عربي