تثير الهجمات المتواترة التي تبناها فصيل “ألوية الوعد الحق” العراقي في الآونة الأخيرة، الكثير من التساؤلات عن تداعيات هذه الهجمات والجهات التي تقف وراء هذا الفصيل الذي لا يُعرف عنه إلا القليل ويعتقد بأنه يرتبط بالميليشيات العراقية المقربة من إيران.
ورغم أنها لم تتبن رسميا أي هجوم داخل الأراضي العراقية عبر منشوراتها في قناتها على التليغرام التي يتابعها أكثر من ستة آلاف مشترك، إلا أن هذا الفصيل تبنى هجمات ضد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أو سبق له التهديد بشنها، حيث نشرت قناته منذ إنشائها في الثالث والعشرين من يناير العام الماضي سبعة منشورات، منها ثلاثة بيانات.
وتبنّت في بيانها الأول في الرابع والعشرين من يناير 2021 هجوما بطائرات مسيرة على قصر اليمامة في الرياض، وفي بيانها الثاني باركت هجوم جماعة الحوثي على أبوظبي في السابع عشر من يناير الماضي بطائرات مسيرة أصابت صهاريج لنقل المواد النفطية في منطقة مصفح الصناعية، وأدت إلى حريق قرب مطار أبوظبي. بينما أعلنت في بيانها الثالث مسؤوليتها عن الهجوم بأربع طائرات مسيرة على منشآت حيوية في أبوظبي في الثاني من فبراير الماضي، وهو ما لم تؤكده الجهات الرسمية الإماراتية.
ويقول محللون سياسيون إن “ألوية الوعد الحق” اسم وهمي لا يتعدى كونه غطاء لإحدى الميليشيات المسلحة المتحالفة مع إيران، والتي تنفذ العمليات بأوامرها ووفق أجندتها.
يُعتقد أن ألوية الوعد الحق هي واجهة إعلامية لتبني عمليات كتائب حزب الله العراقية تجنبها ردود فعل متوقعة
وسبق أن قال المحلل السياسي مايكل نايتس من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى معلقا على الهجوم الذي استهدف الإمارات في تغريدة على تويتر “إذا كانت ألوية الوعد الحق قد خرجت من مكامنها ونفذت بالفعل هجمات بطائرات مسيرة على الإمارات، فإن هذه العملية إما تكون بتوجيه من إيران أو على الأقل سمحت بها إيران”.
ونقلت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية في الثاني من فبراير الماضي عن مسؤول في “ألوية الوعد الحق” قوله إنّ “قطع الطائرات المسيرة جاءت من إيران وتمّ تجميعها وإطلاقها من العراق”، وذلك في أعقاب الهجوم على قصر اليمامة في الرياض ما يؤكد اعتراف هذا الفصيل بتلقيه الدعم من إيران وتنفيذه سياسات طهران في منع العراق من العودة إلى محيطه العربي والإقليمي.
وكانت الإمارات والسعودية قد شاركتا إلى جانب دول عربية أخرى بحضور جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ودول إقليمية في قمة بغداد للتعاون والشراكة في الثامن والعشرين من أغسطس 2021 لدعم جهود الحكومة العراقية في تعزيز مؤسسات الدولة وفقا للآليات الدستورية، وتأكيد اعتماد العراق سياسة التوازن والتعاون الإيجابي في علاقاته الخارجية.
وعلى ما يبدو، فإن ألوية الوعد الحق التي تعلن مسؤوليتها عن هجمات على الرياض وأبوظبي، وتنظم حملات علنية لجمع التبرعات لجماعة الحوثي، هي واجهة لفصائل شيعية مسلحة تتمتع بنفوذ واسع في مؤسسات الدولة العراقية الأمنية والعسكرية.
وهذا النفوذ يجعلها بعيدة عن ملاحقة الأجهزة الأمنية العراقية التي تبدو غير مؤهلة لاتخاذ إجراءات رادعة ضد تلك الفصائل والجماعات المسلحة.
ويُعتقد أن ألوية الوعد الحق هي واجهة إعلامية لتبني عمليات كتائب حزب الله العراقية تجنبا لردود فعل متوقعة ضد هذه الكتائب.
و”ألوية الوعد الحق” هي من بين الميليشيات الشيعية المسلحة التي ظهرت خريف عام 2019 كميليشيات تتبنى هجمات بالصواريخ أو بالطائرات المسيرة على قواعد عراقية تستضيف قوات أميركية أو على أرتال الدعم اللوجستي لقوات التحالف الدولي، رغم أن تلك القوات موجودة في العراق بطلب رسمي من الحكومة العراقية منذ سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل وأجزاء واسعة من محافظات غرب وشمال غرب العراق في العام 2014، وهي لا ترتبط تنظيميا بهيئة الحشد الشعبي ما يعطيها مساحة واسعة من النشاط لتنفيذ الهجمات داخل العراق وخارجه بعيدا عن أي تداعيات قد تتحملها الحكومة العراقية.
ومنذ العام 2019، ظهرت في العراق مجموعات مسلحة وزادت من نشاطاتها بعد اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس وأبومهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي بقرار من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في يناير 2020.
ألوية الوعد الحق اسم وهمي لا يتعدى كونه غطاء لإحدى الميليشيات المسلحة المتحالفة مع إيران، والتي تنفذ العمليات بأوامرها ووفق أجندتها
ومن أهم تلك الميليشيات المسلحة، أصحاب الكهف وعصبة الثائرين وقبضة المهدي وسرايا ثورة العشرين الثانية وقوات ذوالفقار وسرايا المنتقم وأولياء الدم وثأر المهندس وقاصم الجبارين، والغاشية ومجموعات أخرى بعضها تبنى عملية واحدة أو عمليتين فقط.
ويفيد محللون بأن هناك مؤشرات على ارتباط “ألوية الوعد الحق” بكتائب حزب الله العراق إحدى أقوى وأكبر المجموعات الشيعية العراقية المسلحة الحليفة لإيران، حيث يعيد حساب أبوعلي العسكري المسؤول الأمني للكتائب نشر بيانات الألوية في قناته الرسمية بتطبيق التليغرام.
كما نظمت كتائب حزب الله العراق حملات علنية في الشوارع وفي مقراتها للتبرع بالمال لصالح جماعة الحوثي لدعم الهجمات على الإمارات والسعودية، وهو نهج مطابق تماما لألوية الوعد الحق التي تستهدف الدولتين.
ويُفهم من هجوم ألوية الوعد الحق، حسب بياناتها المعلنة، أنها تحاول الضغط على دولة الإمارات للتراجع عن دعم العمليات العسكرية للحكومة الشرعية التي حققت إنجازات ميدانية في محافظة شبوة اليمنية ذات الأهمية الحيوية لطرفي الصراع، جماعة الحوثي والحكومة الشرعية والقوات المتحالفة معهما.
وقوبلت الهجمات التي نفذتها جماعة الحوثي وألوية الوعد الحق بواسطة طائرات مسيرة وصواريخ باليستية ومجنحة على أهداف في أبوظبي بمباركة وترحيب من معظم قيادات الميليشيات المسلحة الحليفة لإيران.
في حين، وصف رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر ألوية الوعد الحق بأنها مجموعة من الإرهابيين الخارجين عن القانون، وطالب حكومة مصطفى الكاظمي باتخاذ إجراءات حازمة مع هؤلاء لئلا يحدث ما لا يحمد عقباه.
صحيفة العرب