كيف سيؤثر ضعف بوتين على مكانة إسرائيل لدى الولايات المتحدة؟

كيف سيؤثر ضعف بوتين على مكانة إسرائيل لدى الولايات المتحدة؟

المدافع الروسية تواصل ضجيجها في أوكرانيا وهدم مدنها وقراها، وفي المقابل تتوالى أنباء وشائعات عن تقدم لوقف النار. ولا يزال لغز بوتين حتى الآن دون حل. رغم كل ما مر على أوكرانيا في الشهر الأخير، يصعب الفهم على كثيرين بأن بوتين لن يوقف الدبابات الروسية إلى أن يحقق صورة نصر تبرر الغزو الروسي لأوكرانيا. وكلما مر الوقت، ولم يحقق هذه الصورة، يصبح الوضع مقلقاً وأليماً أكثر.

عندما كتبت في أحد مقالاتي السابقة في بداية الغزو الروسي: “دعوا بوتين ينتصر”، قصدت هذا؛ أعطوه شيئاً من مطالبه الكثيرة، أعطوه إحساساً بأنكم تراعونه وأنه محق ظاهراً، أعطوه شيئاً صغيراً كي توقفوه، لأنه إذا شعر بأنكم لا تراعون مطالبه وأنه لا يحقق مبتغاه، فسيصبح غير متوقع وأخطر مما هو اليوم. ففي النهاية المريرة لهذا الغزو البائس والزائد، حين تترسب آثار الحرائق والدمار ويبدو أن بوتين يحصل على بعض من مطالبه، الثمن سيكون أكبر بكثير. ولكن إذا لم يحصل بوتين على شيء ما من تلك المطالب، فلن يتوقف قصف أوكرانيا ومحاصرة مدنها، والأفظع أنه ليس هناك من يوقف هذا.

اليوم، لا يبدو أن العقوبات التي تفرض على روسيا ستردع بوتين، وهو لا يفزع من أولئك الذين يتهمونه بجرائم الحرب، ويستعد للأسوأ من كل شيء، ويبدأ في بناء “الستار الحديدي” الذي غلف الاتحاد السوفياتي في عهد الحرب الباردة. لا مشكلة لديه بعزل نفسه عن العالم على حساب شعبه، وأن ينتهج نظام تقشف في روسيا. فقبل كل شيء، هو وطني سوفياتي مستعد للتضحية بكثير جداً من أجل هذه الأيديولوجيا، حتى لو وقف أمامه كل العالم. إن التحليل المعمق للغزو الروسي في أوكرانيا يشير إلى أن الأمريكيين هم السبب الأساس لكل ما يحصل اليوم في أوكرانيا، وخصوصاً إلى التجاهل الأمريكي من تخوف بوتين من وجود الناتو على أراضي شرق أوروبا، الذي يوقظ في الدب الروسي أحاسيس وذكريات غير لطيفة. وحسب هذا التفسير، يبدو هذا التجاهل هو المحفز الذي حرك بوتين لهذه الخطوة.

يثبت الأمريكيون في هذه الأثناء، مثل فرارهم من أفغانستان، بأنه لا يمكن الاعتماد عليه. واضح أنهم تركوا أوكرانيا لمصيرها أمام الغزو الروسي دون أن يخلقوا ردعاً عسكرياً حقيقياً. وفي هذه الساعات الصعبة أيضاً، حين يفر مئات آلاف اللاجئين الأوكرانيين من الطوق الروسي الخانق الذي يشتد حول أوكرانيا المدمرة، تقف إدارة بايدن جانباً. ثمة إحساس بأن الأمريكيين كانوا مستعدين لأن يتواصل الغزو الروسي دون وقف للنار كي يتورط فيه بوتين أكثر فأكثر، رغم أن هذا يجري على ظهر الأوكرانيين الذين يُقتلون ويقتلعون من بيوتهم.

هذا الوضع ينبغي أن يشعل أضواء حمراء في إسرائيل أيضاً؛ فنحن نسمع في هذه الأيام أن الولايات المتحدة تبحث إمكانية إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة منظمات الإرهاب في الولايات المتحدة كجزء من العودة إلى الاتفاق النووي. كلما ضعفت مكانة بوتين وروسيا فسيؤثر هذا أيضاً على مكانة إسرائيل في نظر الولايات المتحدة. فالعلاقة الخاصة التي نشأت في السنوات الأخيرة بين بوتين وإسرائيل أثرت في موقف الإدارة الأمريكية من إسرائيل. 

القدس العربي