العراق: «الديمقراطي الكردستاني» يراهن على تحالفه مع الصدر والسنّة لتحقيق الإصلاح ومحاربة الفساد

العراق: «الديمقراطي الكردستاني» يراهن على تحالفه مع الصدر والسنّة لتحقيق الإصلاح ومحاربة الفساد

رفض الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، اتهامه بـ»شقّ» الصف الشيعي، بقراره التحالف مع التيار الصدري، برئاسة مقتدى الصدر، على حساب «الإطار التنسيقي» وفيما عوّل الحزب الكردي على تحالفه «الاستراتيجي» مع الصدريين والسنّة في إدارة دفّة الحكم في البلاد، وتنفيذ الإصلاحات ومحاربة الفساد، عدّ تطبيق الدستور أساساً لضمان حقوق جميع العراقيين.

القيادية في الحزب، أشواق الجاف، قالت لـ«القدس العربي» إن «التحالف الثلاثي يرغب في أن تكون المرحلة المقبلة هي مرحلة تغيير» مشيرة إلى وجود «اتفاق على استمرار هذا التحالف طوال الدورة البرلمانية الحالية، لتنفيذ النقاط المثبّتة في برنامجه، من بينها الإصلاح وإنهاء الفساد وتقديم الخدمات وغيرها من الأمور التي تصبّ في الصالح العام، وتكون خطوة مهمة في بناء البلد».
ومن بين أبرز الأسباب التي تشكّل على أساسها التحالف الثلاثي أو «انقاذ وطن» بحسب الجاف هي «بناء ثقة المواطن بالطبقة السياسية. مع شديد الأسف المواطن العراقي اليوم لا يثق بهذه الطبقة، وعلى الجميع أن يعي بأن هذا الأمر خطر جداً» مبينة إن «بناء البلد سيعيد ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، وهذا ما يخطط له التحالف الثلاثي، ونتمنى من جميع القوى السياسية العمل على تطبيق ذلك في المرحلة المقبلة».
وتتهم قوى سياسية شيعية مقرّبة من «الإطار التنسيقي» الحزب الديمقراطي الكردستاني، بـ»شق الصف الشيعي» باختياره التحالف مع التيار الصدري، وعرقلة تشكيل «الكتلة الشيعية» الأكبر التي تتولى تسمية رئيس الوزراء وتشكيل حكومته.
غير إن الجاف رفضت تلك التهم قائلة: «نحن لا ندعم وجود خلاف داخل البيت الشيعي، بلد ندعم التقارب لما فيه خدمة للصالح العام» موضحة إن حزبها «رشّح ريبر أحمد للمنصب الرئاسي، حسب الاستحقاق الانتخابي، بكوننا أكثر الأحزاب الكردستانية عدداً في البرلمان الجديد».
وقالت أيضاً: «انتظرنا وقتاً طويلاً ونحن ننتظر تفاهم الأخوة في البيت الشيعي، لكنهم لم يتفقوا، وحضرت وفود إلى بغداد وعقدت عدّة لقاءات، لكن هناك توقيتات دستورية» مشيرة إلى إن «اختيار رئاسة البرلمان لم تسبب شرخاً في البيت الشيعي. نحن لا نقف إلى جانب ذلك بكونه لا يخدم العملية السياسية».
وأعلن رئيس الكتلة الصدرية النيابية، حسن العذاري، نهاية الأسبوع الماضي، تحوّل التحالف الثلاثي إلى تحالف «انقاذ وطن» يضم الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، وتحالف «السيادة» السنّي، بزعامة خميس الخنجر، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
وأعلن التحالف في حينها ترشيح محمد جعفر الصدر، السفير العراقي لدى لندن، وأبن عم زعيم التيار الصدري، ونسيبه، مقتدى الصدر، لمنصب رئيس الحكومة، فيما رشّح وزير داخلية إقليم كردستان العراق، ريبر أحمد لمنصب رئيس الجمهورية.
وعلى الرغم من ذهاب «الديمقراطي» إلى التحالف مع «انقاذ وطن» بعيداً عن مزاج شريكه السياسي الأبرز في الإقليم، حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني، الذي قرر التحالف مع «الإطار التنسيقي» الشيعي، غير إن حزب بارزاني لا ينوي «التضحية» بشريكه، حسب الجاف التي أفادت بأنه «في عام 2018 دخل كل من الحزبين جلسة اختيار رئيس الجمهورية- حينها- بمرشح، وعند فوز برهم صالح بالمنصب لم يتسبب ذلك بقطع العلاقات بين الاتحاد والديمقراطي، واستمر الحزبان في الحكم بإقليم كردستان وخاضوا الانتخابات هناك وشكلوا الحكومة (الكردية)».
وأكدت إن «الخلاف على أي منصب لا يمكن أن ينتج تضحية بالآخر. الأمر يتعلق بالاستحقاقات الانتخابية وما أفرزته نتائج انتخابات أكتوبر من نتائج، ويجب عدم زجّها في العلاقات السياسية» مشيرة إلى إن «أي حزب سيفوز بالمنصب (الرئاسي) سيهنئه الحزب الآخر، كما قمنا نحن (الديمقراطي) في 2018».
ومضت قائلة: «نحن اعتدنا على إمكانية حدوث تغيير في أي لحظة، لكننا في الديمقراطي الكردستاني، لدينا مرشحنا للرئاسة ونحشد له داخل مجلس النواب (البرلمان)». وشددت في الوقت عينه على أهمية «تطبيق الدستور على أرض الواقع. في حال تطبيق الدستور فإن جميع المواطنين من زاخو (أقصى الشمال) إلى البصرة (أقصى الجنوب) سيحصلون على حقوقهم» لافتة إلى إن «التحالف تضم القوى السياسية التي تعدّ أدوات تنفيذ الدستور، لكن الاستمرار في خرقه وتطبيقه بشكل سياسي ومزاجي، فإن التحالفات (التقليدية – الشيعية والسنية والكردية) أيضاً لن تتمكن من إيجاد حل».
وأكدت أهمية «ترميم العملية السياسية التي لم تستطع خدمة المواطن».
وأتمّت الجاف تقول: «النقطة الجوهرية التي يجب أن تنطلق منها العملية السياسية في المرحلة المقبلة- يجب أن تتفق عليها جميع الكتل- هي تطبيق الدستور بروحه القانونية والدستورية، لمعالجة الفساد الذي أصبح كمرض السرطان ينخر في جسد مؤسسات الدولة، وترك الآليات التقليدية في محاربته».
ويعوّل تحالف «انقاذ وطن» على دور المستقلين في اكمال النصاب القانوني لجلسة اختيار رئيس الجمهورية، الذي يحتاج إلى تصويت ثلثي أعضاء مجلس النواب (220 نائباً من مجموع 329 نائباً) فيما يعكف «الإطار التنسيقي» الشيعي على كسر نصاب الجلسة بما بات يعرف بـ»الثلث الضامن».
ويدعم «الإطار التنسيقي» مرشح حليفه «الاتحاد الوطني» برهم صالح للمنصب الرئاسي، وتجديد الولاية له.
وفي الاسبوع الماضي، لوّحت فصائل شيعية مسلحة، بخيارات عسكرية لمنع تمرير ريبر أحمد، ومضي «انقاذ وطن» في اختيار رئيس الحكومة وكابينته، بمعزل عن «الإطار» الشيعي.
وسبقت تلك التطورات قصف مدينة أربيل، بصواريخ إيرانية، بزعم وجود مقار للموساد الإسرائيلي، غير إن مراقبين عدّوه «رسالة سياسية» إلى الأكراد أيضاً.
ووفقاً للجاف فإن قصف عاصمة إقليم كردستان العراق «هو خرق للسيادة العراقية» موضحة إنه «بعد عام 2003 وجّهت للإقليم تهم كثيرة من دون إثباتها، الأمر يعدّ سبباً في إحداث مشاكل في العملية السياسية، نتيجة تأزيم العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان».
وحثّت القيادية في الحزب الديمقراطي الكردستاني على أهمية «إثبات هذه الاتهامات بدلائل غير قابلة للتأويل» مردفة بالقول: «سئمنا من الاتهامات المتكررة. إذا أردنا الانتقال إلى مرحلة جديدة يجب أن تنتهي مرحلة إطلاق الاتهامات».
وفي وقتٍ سابق من أمس السبت، وصل نواب الكتلة الصدرية، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف «السيادة» السني، إلى مبنى مجلس النواب، لحضور جلسة مقررة لاختيار رئيس الجمهورية، فضلاً عن نواب كتل مستقلة، أبرزها تحالف «من أجل الشعب» والذي يضم نحو 18 نائباً من كتل «الجيل الجديد» و«امتداد» وبعض المستقلين.
وبالإضافة إلى مقاطعة «الإطار التنسيقي» الشيعي الجلسة، أعلن رئيس كتلة «الاتحاد الوطني» الكردستاني، هريم اغا، مقاطعة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، مؤكداً أن تشكيل الحكومة الجديدة بحاجة إلى «توافق سياسي».
وقال اغا في بيان إنه «إذا أردنا التفكير في تشكيل حكومة وطنية قوية، علينا ان نضع نصب أعيننا أين المنطق من القول، للذي كان في الأمس في خندق حماية نظام الحكم ودحر فلول البعث والقاعدة وداعش، اذهب وكن معارضا!».
وأضاف، انه «بسبب عدم وجود قوة عسكرية متكاملة القوى في البلد كذلك من أجل الحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة، لا تزال مكونات الشعب العراقي بحاجة إلى النظام التوافقي».
وتابع: «عليه إذا أردنا تشكيل حكومة قوية قادرة على مجابهة التحديات التي تعترض العملية السياسية في العراق وتكون معبرة عن كل صوت ولون، فهنا لا نزال بحاجة إلى (مبدأ التوافق)».
وأشار كمال اغا إلى ان «هذا لا ينطبق على البيت الشيعي فقط. فأي تفكير وأيُ منطق هذا في الوقت الذي يوجد فيه عدد من المشاكل بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية أبرزها المادة 140 من الدستور وملف النفط ومسألة قوات البيشمركه، لنأتي ونتحدث عن حكومة الأغلبية فبصوت الكرد لوحدهم داخل البرلمان أو في مجلس الوزراء لا يمكن تمرير أي مشروع قانون».
وأضح انه «ليس من الصحيح ان نضحي بنضال وتضحيات شعب كردستان لصالح مكتسبات شخصية لأناس لا يعرفون قيمة التضحيات التي قدمها شعبنا، متبعين مجموعة من الشعارات لا تعترف بحقوق الكرد وسائر المكونات العراقية الأخرى».
كذلك، قرر «الاتحاد الإسلامي» الكردستاني، الذي يمتلك أربعة مقاعد في البرلمان الاتحادي، عدم المشاركة في الجلسة أيضاً.
وقال بيان للكتلة أنه «بعد دراسة المستجدات الداخلية والإقليمية والوقوف على التوقعات ومن أجل إتاحة المجال أكثر للتوافق وحل التوترات وإبعاد المخاطر، قرر المجلس التنفيذي للاتحاد الإسلامي بالتشاور مع الكتلة في مجلس النواب عدم المشاركة وعدم التصويت لأي من المرشحين تماشيا مع اختيار صف المعارضة في بغداد وإقليم كردستان».
ومن بين المقاطعين أيضاً، المشروع «الوطني العراقي» برئاسة جمال الضاري.

القدس العربي