قيس سعيد يلوّح بقوة الدولة لمواجهة عودة البرلمان

قيس سعيد يلوّح بقوة الدولة لمواجهة عودة البرلمان

تونس – أرسل الرئيس التونسي قيس سعيد إشارات واضحة على أن الدولة لن تسكت تجاه مساعي إعادة عمل البرلمان، التي يقف وراءها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، في موقف وصفته أوساط سياسية تونسية بأنه يظهر عزم قيس سعيد على مواجهة هذه المناورة بالقوة.

وقالت الأوساط السياسية التونسية إن مبادرة الرئيس سعيد بعقد اجتماع لمجلس الأمن القومي ساعات بعد الإعلان عن اعتزام البرلمان عقد جلسة عامة الأربعاء كانت رسالة واضحة على أن مشكلة الغنوشي ليست مع قيس سعيد وحده، وإنما هي مع المؤسسات السيادية في تونس، وتحديدا الجيش ووزارة الداخلية، وأن رئيس الجمهورية لديه كل الصلاحيات لاتخاذ قرار فوري وحاسم لقطع الطريق على العودة إلى صراع الشرعيات الذي عطل البلاد لفترات طويلة.

وأضافت هذه الأوساط أن الرئيس سعيد يعرف أن الهدف من إعادة نشاط البرلمان بالنسبة إلى الغنوشي ليس العودة فعليا إلى عمل المؤسسة التشريعية، وإنما توظيفه كورقة ضغط خارجية على قيس سعيد، وإظهاره في صورة الرئيس الذي لا يتحكّم في الوضع، وأن هناك خلافات كثيرة من حوله، وهي صورة تدفع أساسا إلى التشكيك في قدرة رئيس الجمهورية والحكومة التي شكلها على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي يطالب بها المانحون، ومن ثمة قطع الطريق على تمكين تونس من القروض والمساعدات التي تساعدها على الخروج من الأزمة في ظل رئاسة قيس سعيد.

إبراهيم بودربالة: الدعوة إلى جلسة عامة فيها تحد ومحاولة لإظهار القوة

وأشارت إلى أن اللعبة مكشوفة بالنسبة إلى رئيس الجمهورية، لهذا كان رده واضحا وقاطعا بأن “الدولة التونسية ليست لعبة وليست دمية تحركها الخيوط من الداخل والخارج”، مضيفا أن “المساس بوحدة الدولة هو مسّ بأمنها وبأمن الشعب التّونسي”.

وقال الرئيس سعيد “تونس لها سيادة الدولة في الخارج، وسيادة الشعب في الداخل، ومن يريد أن يعبث بها أو أن يصل إلى الاقتتال الدّاخلي، فهناك قوات ومؤسسات ستصدّهم عن مآربهم (دون أن يسمي من يقصد)”.

واعتبر أن “اجتماع اليوم (الاثنين) أو الاجتماعات التي ستتم الدعوة إليها هي محاولات بائسة بسبب خوف البعض من الذهاب إلى صناديق الاقتراع في الفترة المقبلة”.

ولم تستبعد الأوساط السابقة أن يلجأ قيس سعيد إلى إجراءات عملية ضد من سيشاركون في جلسة اليوم الأربعاء، مثل اعتقال رئيس البرلمان أو وضعه تحت الإقامة الجبرية، والأمر نفسه ينطبق على بعض رؤساء الكتل الذين حضروا. كما توقعت أن يتحرك القضاء لاستدعاء النواب الذين خالفوا قرار التجميد.

وكان مكتب البرلمان أعلن الاثنين أنه سيعقد جلسة عامة الأربعاء (اليوم)، في تحد للرئيس قيس سعيد الذي علق أعمال المجلس ورفع الحصانة عن النواب.

وقال الغنوشي في بيان على صفحته في فيسبوك إن جلسة الأربعاء “ستدرس النظر في إلغاء التدابير الاستثنائية” التي اتخذها قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي.

واعتبر مراقبون سياسيون أن الغنوشي نجح في استقطاب بعض الكتل والمجموعات السياسية الصغيرة مستفيدا من عدم لجوء الرئيس سعيد إلى إجراءات إضافية لتثبيت تجميد البرلمان ومنع النواب من استثمار حالة الفراغ، مشيرين كذلك إلى أن معارضي قيس سعيد قد استفادوا أيما استفادة من تصعيد الاتحاد العام التونسي للشغل، ليس فقط من خلال محاولة إقناع الخارج بأن الأمور غير مستقرة في تونس، وإنما أيضا عبر السعي لتوسيع هامش الاحتجاج وتحدي الدولة.

وأعلن نورالدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد، عن الاتجاه نحو تنفيذ إضراب عام يشمل القطاع العام والوظيفة العمومية، وذلك ضمن سلسلة الإضرابات التي قرئت على أنها أسلوب للضغط على الحكومة لتنفيذ مطالب النقابات.

زهير المغزاوي: الغنوشي يسعى لخلق شرعيتين في تونس على غرار ليبيا

ووصف سياسيون ونواب ما قام به الغنوشي بأنه مغامرة ستقود إلى المزيد من الأزمات، في الوقت الذي تعيش فيه تونس وضعا صعبا للغاية، وحملوه مسؤولية ما سيحصل، سواء ما تعلق منه بصراع الشرعيات أو اتصل بتأثيراته.

واعتبر عميد المحامين إبراهيم بودربالة دعوة مكتب البرلمان المجمد إلى جلسة عامة تحديًا ومحاولة لإظهار القوة بما يتعارض مع مصلحة تونس، مشددا على ضرورة تحكيم العقل والتريث والتهدئة، خاصة وأن رئيس الدولة كان أعلن عن خارطة طريق، وهو ما يستوجب التعاطي معها بشكل إيجابي.

وحذر بودربالة من سقوط البلاد في دائرة الفوضى والتصادم، وذلك في تعليقه على الدعوة للعودة إلى المجلس الأعلى للقضاء ووضع حد للمجلس المؤقت.

من جانبه اتّهم زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب، الغنوشي بمحاولة خلق شرعيتين في تونس على غرار ما يحدث في ليبيا -حيث توجد حكومتان وبرلمانان واحد في طبرق وآخر في طرابلس- متوقعا ألا يكون لقرارات الجلسة العامة تأثير كبير على المشهد.

ومن المرجح أن يحاول البرلمان عقد جلستي الأربعاء والسبت عبر رابط فيديو على الإنترنت في ظل استمرار وجود قوات أمنية تغلق مقر البرلمان منذ الخامس والعشرين من يوليو.

وإذا عقدت الجلسة عبر الإنترنت من المتوقع أن يشارك فيها نواب من حزب النهضة ومن ائتلاف الكرامة ونواب من حزب قلب تونس، إضافة إلى نواب من المستقلين.

وكان 27 نائبا مستقلا ومن كتل صغيرة دعوا نهاية الأسبوع الماضي إلى عقد جلسة عامة. لكن الرئيس سعيد سرعان ما رد مُلمّحا إلى هذه المحاولة بقوله “من يريد العودة إلى الوراء فهو واهم.. فليجتمعوا في مركبة فضائية”.

العرب