كشف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في مقابلة مع جريدة “الصباح” العراقية، نشرت السبت، عن انفراجة قريبة في العلاقات بين إيران والسعودية مشيرا إلى أن “التفاهم” بينهما “بات قريبا”، فيما لا تزال المملكة تلتزم الصمت ما يعكس وجود تحفظات من الرياض على المسارعة في إطلاق أحكام لا تقترن بالتزامات ملموسة على الأرض من جانب طهران.
وكانت جولة خامسة من المحادثات قد عقدت في الحادي والعشرين من أبريل في بغداد، على ما أعلن مسؤولون عراقيون، فيما أكّدت الخارجية العراقية مذّاك أن جولات إضافية ستعقد أيضا بين الطرفين، ملمحة حتّى إلى احتمال استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين.
وقطعت العلاقات بين القوتين النافذتين في منطقة الخليج منذ مطلع 2016. إلا أن البلدين اللذين يقفان على طرفي نقيض في مختلف الملفات الإقليمية، بدآ منذ أبريل 2021 مفاوضات في بغداد بتسهيل من الكاظمي الذي تربطه علاقات جيدة بالجانبين.
وفي مقابلة مطولة مع جريدة “الصباح” الرسمية، تناولت عدة ملفات داخلية وخارجية، قال الكاظمي إن “الإخوة في المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية يتعاملون مع ملفّ الحوار بمسؤولية عالية ومتطلبات الوضع الحالي للمنطقة، ونحن واثقون بأنّ التفاهم بات قريبا إنْ شاء الله”.
وتحدّث الكاظمي عن وجود “انفراجة حقيقية واسعة في العلاقات بين كل دول المنطقة”. وشدّد على أن “العراق لديه مصلحة مباشرة في تحقيق تفاهمات بين دول المنطقة وتحقيق الاستقرار الإقليمي”.
وفي الأثناء، أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين لوكالة الأنباء العراقية الأحد أن “العاصمة بغداد ستحتضن جولة جديدة من المباحثات بعد انتهاء الخامسة بين الرياض وطهران”. وأكّد الوزير أن “الجولة الخامسة من المباحثات بين السعودية وإيران في بغداد انتهت في أجواء إيجابية”.
كما أعلنت الخارجية العراقية الثلاثاء أن الكاظمي نفسه كان حاضرا في جولة المفاوضات الأخيرة بين الطرفين، وفق وكالة الأنباء العراقية “واع”.
وأكّدت الخارجية على لسان الناطق باسمها أحمد الصحاف أن “الحوار تضمن عدة ملفات من بينها الملف الأمني”. وأضاف الصحاف أن “جولة الحوارات بدأت ولا تزال ممتدة وتأخذ طريقها إلى إحداث مقاربات جوهرية وأساسية ربما سيكون منها استئناف التمثيل الدبلوماسي بين إيران والسعودية”.
ويعتبر العراق الذي يقع على خط تماس بين السعودية وإيران أحد أبرز المتضررين من الخصومة بين البلدين، وتسعى بغداد إلى كسر الحاجز بينهما على أمل أن ينعكس الوضع إيجابا على استقرارها.
ويستبعد المراقبون أن تسفر المحادثات بين الطرفين عن اختراق جوهري، وأن أقصى ما يمكن تحقيقه هو خفض التصعيد بينهما في بعض الساحات ومنها اليمن، مشيرين إلى أن إيران ليست على استعداد حاليا إلى أن تغير من استراتيجيتها لاسيما في علاقة بدعم الجماعات المتطرفة.
ويرى مراقبون أن الاحتفاء الإيراني بنتائج الجولة الخامسة ووصفها بالجدية والإيجابية لا تخلو من دعاية مجانية، حيث تسعى إلى استثمار هذه الجولة سياسيا ودعائيا في إطار الترويج للداخل الإيراني كما للخارج لإنجازات دبلوماسية في مسار إنهاء عزلتها الإقليمية.
ويقول محللون إن تلميحات المسؤولين الإيرانيين عن حصول اختراق في المفاوضات لا يخلو من مبالغة، حيث إن الحديث عن ذلك يتطلب أكثر من مجرد رسائل كلامية “ودية” بل إلى أفعال تترجم على الأرض، وهو الأمر الذي يجعل السعودية تتأنى في إطلاق أي تصريحات حول المباحثات.
وتعد إيران والسعودية أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، وهما على طرفي نقيض في معظم الملفات الإقليمية وأبرزها النزاع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفا عسكريا داعما للحكومة المعترف بها دوليا، وتتهم طهران بدعم المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد أبرزها صنعاء.
كذلك، تبدي السعودية قلقها من نفوذ إيران الإقليمي وتتّهمها بـ”التدخّل” في دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان، وتتوجّس من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان رحّب في مارس، بتصريحات لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن علاقات الجوار بين المملكة وإيران، معتبرا أنها تظهر “رغبة” الرياض باستئناف علاقاتها الدبلوماسية مع طهران.
صحيفة للعرب