بدء العد التنازلي لـ”تركيا 2023″.. تحالف تواجهه “طاولة” وأحزاب بدور محوري

بدء العد التنازلي لـ”تركيا 2023″.. تحالف تواجهه “طاولة” وأحزاب بدور محوري

عام فقط بات يفصل تركيا عن الانتخابات الرئاسية التي توصف بـ”المفصلية والحساسة”، ورغم أن التحالفات السياسية في البلاد لم تصل إلى الشكل الذي سيتم المضي فيه بحلول ذلك الوقت المرتقب، إلا أن السائد حاليا هو تصدّر الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان كمرشح رئاسي عن “تحالف الشعب”.

أما بالنسبة للمعارضة التركية فلم تحسم قرارها حتى الآن بشأن الاسم الذي سينافس إردوغان، فيما تسير ومنذ أشهر ضمن دائرة “الطاولة السداسية”، في مسعى من جانبها للخروج بمحددات سيتم العمل عليها لاحقا. كخطة انتخابية للانتخابات المقرر تنظيمها في يونيو 2023.

وما بين هذين الطرفين تبرز أحزاب صغيرة كانت تشكلت على مدى العامين الماضيين، وعقب الانتقال إلى النظام الرئاسي.

ورغم أنها “ذات نفس معارض”، إلا أنها لم تحسم قراراها أيضا، سواء بانخراطها ضمن تكتل المعارضة الذي يتم العمل عليه، أو تحالف الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) وحليفه “حزب الحركة القومية”.

وكان تأسيس هذه الأحزاب “ذو خلفيات انشقاقية”، بمعنى أنها ظهرت على الواجهة بعد الانشقاق عن الأصل الذي كانت تنتمي إليه، مثل “حزب المستقبل” الذي يتزعمه أحمد داوود أوغلو، و”حزب الديمقراطية والتقدم” الذي يقوده علي باباجان. والاسمان كانا ضمن صفوف “العدالة والتنمية” في السابق.

إضافة إلى “حزب النصر” وزعيمه أوميت أوزداغ، الذي يتصدّر منذ أشهر واجهة السياسة الداخلية للبلاد بحديثه عن ملف اللاجئين، وهو الذي انشق قبل سنوات عن “حزب الجيد” ذو الجذور القومية.

وهناك “حزب البلد” الذي يتزعمه محرم إينجه المنشق عن “حزب الشعب الجمهوري”، في مطلع 2021، إلى جانب “حزب التغيير”، وزعيمه مصطفى صاريغول، المنشق أيضا عن الحزب الرئيسي (حزب الشعب).

“دور محوري”

وأعلنت “الهيئة العليا للانتخابات” في تركيا، الأسبوع الماضي، أن عدد الأحزاب التي يحق لها المشاركة في الانتخابات المقبلة عام 2023 زاد من 24 حزبا إلى 27، بعدما نالت 3 أحزاب جديدة أحقية المشاركة فيها.

وبحسب ما نشرته الجريدة الرسمية، فقد انضمت إلى القائمة المستوفية لشروط المشاركة في الانتخابات التركية 2023 أحزاب “البلد” الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق، محرم إنجه، و”التغيير” و”العدالة”.

بدوره حدّث مكتب المدعي العام بالمحكمة العليا عدد أعضاء الأحزاب السياسية، وبحسب ما نشر عبر موقعه الرسمي يضم الحزب الحاكم 11 مليونا و64 ألفا و747 عضوا، حزب الشعب الجمهوري (مليون و312 ألفا و891 عضوا)، حزب الجيد (512 ألفا و543 عضوا)، حزب الحركة القومية (476 ألفا و869 عضوا).

أما بالنسبة للأحزاب الصغيرة، فقد بلغ عدد أعضاء “حزب المستقبل” 45 ألفا و682، حزب الديمقراطية والتقدم (102 ألفا و896)، حزب البلد (17 ألفا و179)، حزب التغيير (7 آلاف و521)، حزب النصر (109 أعضاء).

ويعتبر الباحث السياسي التركي، هشام جوناي، أن النظام الرئاسي الذي تم صياغته قبل سنوات ويطبق الآن، أسفر عما يعرف بنظام “الـ50+1″، من أجل الفوز بالانتخابات.

ويقول في حديث لموقع “الحرة”: “هذا النظام جعل الأحزاب الصغيرة حتى لو كانت أصواتها 1 بالمئة أو أقل تلعب دورا محوريا”.

وهذا الدور “تحتاجه التحالفات من أجل تحقيق نسبة الفوز المذكورة”.

ويوضح جوناي أن “النظام الرئاسي هو الذي كان السبب في الانشقاقات التي أسفرت عن ظهور الأحزاب الصغيرة”، مشيرا إلى أن الأخيرة “ليس لها أساس إيديولوجي بل هي أدوات انتخابية”.

ويضيف: “قد لا تستمر مطولا لأنها أحزاب لها هدف معين ودور معين ستلعبه، وبعد ذلك ستدخل في تاريخ الأحزاب التي تأسست وأغلقت. وهي لا تعد ولا تحصى في التاريخ السياسي التركي”.

من جهته اعتبر الأكاديمي والباحث السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، أن تعدد وكثرة الأحزاب السياسية “أمر ذو حدين في الداخل التركي”.

ويرى حافظ أوغلو في حديث لموقع “الحرة” أن هذا الجو هو “دليل من جهة على أن الأتراك ساسة بالفطرة، وأن الحرية في تأسيس أحزاب متنوعة المشارب متوفرة”.

ومن جهة أخرى يتابع الباحث السياسي: “كثرة الأحزاب وتشتتها غالبا لم يؤثر على الانتخابات السابقة، ولكن انتخابات 2023 مفصلية وإن صح التعبير يمكننا القول أن تركيا في الانتخابات على مفترق طرق”.

وبوجهة نظره، فإن “مشكلة الأحزاب السياسية الصغيرة أن طموحاتها أكبر من إمكانياتها، بالإضافة إلى اختلاف منبعها وبالتالي توجهها”.

ويشير إلى ذلك بقوله: “منها اليمين ومنها اليسار ومنها المحافظ ومنها العلماني الوسط.. هذا يربك الناخب التركي أولا، وربما يجعل مصير البلاد على الهاوية. ستحاول أحزاب المعارضة الكبرى استقطابها وأخذ الموافقة منها على دعم مرشحها – الذي لم يتفق عليه حتى الآن – ضد مرشح تحالف الجمهور وهو الرئيس إردوغان”.

“صراع بفارق بسيط”

وفي الوقت الذي يلعب فيه زعيم “حزب النصر” أوميت أوزداغ على وتر اللاجئين السوريين وضرورة إعادتهم إلى سوريا، يتجه زعماء أحزاب صغيرة أخرى إلى التركيز على ملف الاقتصاد وقضايا إنسانية وحقوقية أخرى، منتقدين بذلك طريقة التعاطي الحكومية معها.

وقبل أيام، قال أوزداغ الذي بات يتصدر حديث وسائل الإعلام التركية على مستوى غير مسبوق، إن إعادة السوريين إلى الوطن (سوريا) “ستتم وفقا للقانون ومن خلال الاتفاقات الدبلوماسية وعن طريق البر”.

وبعد ذلك، قال محرم إينجه الذي واجه إردوغان في الانتخابات الرئاسية الماضية، إن “كلا من الحكومة والمعارضة مرتبكون بشأن الهجرة في البلاد”، مضيفا: “سنصلح الأمر مع بشار الأسد فورا خلال فترة رئاستي، وسنجلس على الطاولة، وسأعين سفيرا في دمشق”.

وفي المقابل كان زعيم “حزب الديمقراطية والتقدم”، علي باباجان قد أعلن قبل أسبوعين قرار حزبه بالدخول في الانتخابات البرلمانية المقبلة باسمه وشعاره الخاص دون الانضمام إلى أي تحالف.

وفيما يتعلق بإمكانية المشاركة مع أحزاب المعارضة على “مرشح مشترك”، أو الذهاب بمرشح خاص بالحزب، أوضح باباجان، أن “المرشح الرئاسي المشترك سيكون مهما لضمان النجاح في الانتخابات، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق فسيتم النظر إلى خيارات مختلفة”.

المحلل السياسي التركي، جواد غوك اعتبر أن “الأحزاب الصغيرة تندرج في جبهة المعارضة وهم في مواجهة الحكومة”.

ويقول لموقع “الحرة”: “هم معارضة. ولهذا السبب فإن أحزاب المعارضة الستة الكبيرة تحاول جذبهم، لكسب فارق التصويت”.

ويضيف: “الحكومة في حرج بسبب الملف الاقتصادي في الوقت الحالي”، واعتبر غوك أنها “لديها مخاوف، وتسعى للاستفادة من كل الطرق القانونية حتى لا تشارك الأحزاب الصغيرة التي ظهرت على الواجهة”.

لكن الباحث السياسي، مهند حافظ أوغلو كان له رأي مختلف عن ذلك وقال: “ربما أقصى ما يمكنهم فعله تعليق لافتات أيام الانتخابات (الأحزاب الصغيرة).. حتى عتبة دخول البرلمان يبدو أنها عالية على بعضهم”.

ويضيف الباحث: “في تركيا يوم واحد في السياسة يعني زمنا طويلا.. علينا المتابعة حتى الصمت الانتخابي”.

أما الباحث السياسي، هشام جوناي، فقد تحدث عن “صراع قد يكون بفارق بسيط”، بقوله: “الصراع يدور حول من سيقضم نسبة ولو كانت 1 بالمئة، لكي يفوز بالانتخابات الرئاسية؟”.

وتتضارب نتائج الاستطلاعات التي تنشرها مراكز الأبحاث في تركيا بين اليوم والآخر، بشأن آراء الناخبين ووجهات نظرهم بشأن الحال العام.

وبينما يظهر البعض منها انخفاضا ملحوظا في شعبية الحزب الحاكم، توضح أخرى أن النتائج لا يمكن حسمها في الوقت الحالي، مع ترجيحات بميل كفة “العدالة والتنمية” على حساب الأحزاب الأخرى، في الاستحقاق الذي ينتظره الكثيرون.

وسبق وأن اعتبر إردوغان أن انتخابات 2023 “ستكون نقطة تحول في تاريخ البلاد والشعب”، وكذلك ما أشارت إليه أحزاب المعارضة، في مقدمتها “حزب الشعب الجمهوري”.

ويواجه الحزب الحاكم في تركيا محطات خلال الأشهر الـ12 المقبلة، على رأسها الاقتصاد والأزمة التي تعيشها العملة، إضافة إلى ملف اللاجئين السوريين، الذي تحاول المعارضة بشكل شبه يومي تصديره على واجهة جدول الأعمال اليومي.

وكان إردوغان اتجه خلال الأشهر المقابل إلى سياسة خارجية مختلفة عن تلك التي سادت لسنوات، فاتحا الباب أمام إعادة تطبيع العلاقات مع دول، مثل السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل.

وفي المقابل، وبينما شكلت ستة أحزاب معارضة، قبل أشهر، ما يسمى بـ”الطاولة السداسية”، من أجل الاستعداد للمواجهة المرتقبة بعد عام، إلا أنها لم تحسم قرارها باسم “المرشح المشترك”.

وتضم الطاولة زعيم “حزب الشعب الجمهوري”، كمال كلشدار أوغلو، وزعيمة حزب “الجيد”، ميرال أكشنار، إضافة إلى زعيم “حزب المستقبل”، أحمد داوود أوغلو، وزعيم “حزب الديمقراطية والتقدم”، علي باباجان، وغولتكين أويصال، الممثل عن “الحزب الديمقراطي”، وتمل قره موللا أوغلو، عن “حزب السعادة”.

الحرة