تحت عنوان “كل العيون على أوكرانيا لكن هناك أزمة أخرى تتخمر في إيران” نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا لكارل بيلدت، رئيس الوزراء السويدي السابق، وخافيير سولانا الأمين العام السابق لحلف الناتو وممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية سابقا، قالا فيه إن اندلاع الحرب الأوكرانية في قلب أوروبا يجب ألا يعمي النظر عن نقطة ساخنة تهدد الأمن الأوروبي: إيران وبرنامجها النووي الذي يتوسع.
و”حتى نتوصل إلى صفقة تعيد اتفاقية عام 2015 إلى مسارها فنحن نتجه إلى نزاع جديد مع طهران”. وفي الوقت الذي تحرك فيه الرئيس بايدن والقادة الأوروبيون بحزم وسرعة بالموضوع الأوكراني فـ”عليهم الآن اتخاذ خطوات لمنع إيران من الوصول إلى عتبة الدولة النووية”.
ولأجل هذا، فقد قام إنريكو مورا، منسق الاتحاد الأوروبي في مفاوضات الصفقة النووية بزيارة إيران ومحاولة إنقاذ الاتفاقية التي علقت بالرمال المتحركة في كل من واشنطن وطهران. ومرر الكونغرس بداية الشهر الحالي مشروع قرار وافق عليه حزب بايدن وأكد على ضرورة شمل أي اتفاق جديد مع إيران نشاطاتها غير المتعلقة بالبرنامج النووي. وفي طهران بدأت الشهية للاتفاقية تخف في وقت بدأ فيه الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي بالتفاخر حول زيادة معدلات إنتاج النفط منذ توليه السلطة في آب/أغسطس الماضي وبرغم العقوبات الأمريكية.
ويرى الكاتبان أن المفاوضات حول جوهر الصفقة قد اكتملت إلا أن الأوروبيين يحاولون كسر الجمود في موضوع لا يزال يشوش على كل ما تم تحقيقه، وهو تصنيف أمريكا للحرس الثوري كمنظمة إرهابية. ويعلق الكاتبان أن هذا التصنيف رمزي ولن يؤثر من قريب أو بعيد على الخلاف بشأن البرنامج النووي. وستكون حماقة لو سمحت طهران وواشنطن للمواقف الأيديولوجية المحلية بتخريب صفقة نووية نجت وبرغم المعوقات، طوال فترة حكم دونالد ترامب.
فقد دعم الأوروبيون الجهود الدبلوماسية للرئيس باراك أوباما واحتجوا على قرار ترامب الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة وهم الآن على الخط الأمامي في الجهود الدبلوماسية لإنهاء الأزمة النووية مع إيران وتجنب حرب كارثية جديدة في الشرق الأوسط. وأشار المسؤولان السابقان وبدهشة إلى بطء الخطوات الدبلوماسية للرئيس بايدن والتي تحظى بدعم من الأوروبيين، مع أن حملته الرئاسية قامت على إحياء الاتفاقية التي خرج منها ترامب ووعد بعودة أمريكا من جديد للساحة الدولية بعد محاولات العزلة في عهد ترامب. ولعل التردد نابع من محاولته “البقاء في الجانب الآمن” قبل انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر النصفية والمتوقع أن يخسر فيها الديمقراطيون.
ويعلق الكاتبان بالقول إن كون بايدن رئيسا نجحت في عهد إدارته جهود احتواء إيران، سيكون دفعة له وللحزب الديمقراطي في انتخابات عام 2024. كما أن نزعة طهران المحاربة تظل مشكلة، ففي الوقت الذي يتباهى فيه رئيسي بزيادة معدلات إنتاج النفط لا تزال فيه إيران تتعرض لضغوط اقتصادية. إلا أن سجن أوروبيين بطريقة ظالمة وحتى أثناء زيارة مورا يعتبر إهانة للأوروبيين. وكل هذه المشاكل ستصبح عصية على الحل لو تعاملت أوروبا والولايات المتحدة مع إيران متحررة من قيود اتفاق يحد من نشاطاتها النووية.
فالغرب لم يتوصل لاتفاقية التحكم بالسلاح مع الاتحاد السوفييتي السابق لأنه كان موافقا على قيادة البلد أو أنه كان يريد تطبيع العلاقات معه و”فعلنا هذا لأنه نفع أمننا القومي، وينسحب نفس الشيء على إيران، ويجب على بايدن التفكير وبجدية بشأن الثمن لسلبيته تجاه إيران والبحث عن طريق للأمام وإلا فسنجد أنفسنا وسط نزاع لم يسع إليه أحد”.
القدس العربي