يكشف الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الاثنين، النقاب عن اتفاقية تجارية باسم الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهندي والهادئ (IPEF)، خلال زيارته العاصمة اليابانية، طوكيو، واجتماعه مع قادة مجموعة الرباعية «الكواد» التي تضم أيضاً الهند وأستراليا واليابان.
وتهدف الاتفاقية إلى ربط دول المنطقة بشكل أوثق في مجالات تشمل التجارة وسلاسل التوريد والطاقة النظيفة والبنية التحتية والرقمية، ويطلق عليها المسؤولون في إدارة بايدن «الترتيبات الاقتصادية للقرن الحادي والعشرين».
وكان الرئيس الأميركي قد وصل إلى اليابان مساء الأحد، وهي محطته الآسيوية الثانية؛ حيث يلتقي قادة اليابان والهند وأستراليا، وهو التحالف الرباعي الجديد الذي يعد حجر الزاوية في استراتيجية بايدن لمواجهة نفوذ وطموحات الصين المتزايدة.
ويلتقي بايدن في طوكيو اليوم مع الإمبراطور ناروهيتو، قبل إجراء محادثات مع رئيس الوزراء فوميو كيشيدا حول خطط اليابان لتوسيع قدراتها العسكرية، ومواجهة نفوذ الصين المتنامي في المنطقة.
وتشترك دول الرباعي «الكواد» في المخاوف من ازدياد النفوذ الصيني، وترغب في تعزيز التحالف؛ لكن المجموعة تتجنب إعلان أجندة مناهضة للصين بشكل علني، وتبحث في سبيل لمنع تكرار عدوان صيني لتايوان، مماثل لما حدث من عدوان روسي لأوكرانيا. ولن تتضمن الاتفاقية تايوان، وهي نقطة خلاف ساخنة بين الولايات المتحدة والصين.
ومن المؤكد أن ضم تايوان إلى الدول المشاركة في الاتفاق كان سيثير غضب الصين التي تعتبر تايوان جزءاً من الصين. لذا فضلت إدارة بايدن إبقاء تايوان خارج هذه الاتفاقية، والسعي لجذب دول أخرى من جنوب شرقي آسيا الذين يرتبطون بعلاقات وثيقة مع الصين.
وأكد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أن تايوان ليست من بين الحكومات التي ستوقع على إطلاق الإطار الاقتصادي. وقال: «نتطلع إلى تعميق شراكتنا الاقتصادية مع تايوان، بما في ذلك في قضايا التكنولوجيا العالية؛ لكننا نتابع ذلك على المستوي الثنائي».
وعلى هامش قمة «الكواد»، من المتوقع أن يعقد بايدن اجتماعات ثنائية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس الوزراء الأسترالي المنتخب حديثاً أنتوني ألبانيزي، للتركيز على مواجهة التحديات وتعزيز الفرص الاقتصادية في منطقة المحيطين الهادئ والهندي.
ويقول ماثيو غودمان، نائب الرئيس الأول للاقتصاد في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن بعض الموقعين سيصابون بخيبة أمل؛ لأنه من غير المتوقع أن تتضمن الاتفاقية أحكاماً لزيادة الوصول إلى السوق الأميركية.
وقد سيطر القلق خلال رحلة بايدن الآسيوية من إقدام كوريا الشمالية على إجراء تجربة نووية. وأكد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أن المخاوف لا تزال قائمة؛ لكن بايدن قال إنه غير قلق من تجارب كوريا الشمالية النووية. وحينما سئل عن الرسالة التي يحملها إلى الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون، قال بايدن في رد ساخر، إنها ستكون كلمة واحدة، وهي: «مرحباً».
وجاء رد بايدن الساخر ليؤكد نهج إدارته تجاه التوترات مع كوريا الشمالية؛ حيث دعت الإدارة الأميركية إلى إجراء حوار ومفاوضات واجهتها كوريا الشمالية بالرفض والاستمرار في برامج الصواريخ الباليستية وتعزيز الترسانة العسكرية.
وقد أجرى بايدن محادثات ليومين مع الرئيس الكوري الجنوبي الجديد يون سوك يول، ركّزت خصوصاً على تعزيز الدفاع العسكري ضد كوريا الشمالية.
وذكر بايدن ويون في بيان السبت، أنه «بالنظر إلى التهديد المتصاعد من كوريا الشمالية، تم الاتفاق على إطلاق مشاورات لتوسيع نطاق وحجم التدريبات العسكرية المشتركة والتدريب في شبه الجزيرة الكورية وحولها».
وكانت التدريبات المشتركة قد تقلصت بسبب «كوفيد»، ولأن سلفَي بايدن ويون، دونالد ترمب ومون جاي إن، شرعا في جولة من المحادثات الدبلوماسية رفيعة المستوى مع كوريا الشمالية وصلت إلى طريق مسدود.
وأفاد يون الذي انتُخب بفضل رسالته المؤيّدة بقوة للولايات المتحدة، بأنه وبايدن «ناقشنا إن كنا سنحتاج لأنواع مختلفة من التدريبات للاستعداد لهجوم نووي».
ومن المرجح أن يثير أي حشد للقوات أو توسيع التدريبات العسكرية المشتركة غضب بيونغ يانغ التي تعتبر تلك التمارين بمثابة استعدادات لغزوها.
وكانت كوريا الشمالية قد أجرت سلسلة من اختبارات الأسلحة هذا العام في تحدٍّ للعقوبات الدولية، وشملت إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات بمدى كامل لأول مرة منذ عام 2017، بينما تشير صور الأقمار الاصطناعية إلى أن تجربة نووية تلوح في الأفق؛ لكن جدول اختبار الأسلحة الكوري الشمالي قد يتأثر أيضاً بتفشي فيروس «كوفيد» في البلاد.
وقبل توجهه إلى اليابان أمس، التقى بايدن رئيس «هيونداي» للاحتفال بقرار شركة السيارات الكورية الجنوبية العملاقة استثمار 5.5 مليار دولار في مصنع للسيارات الكهربائية في ولاية جورجيا في جنوب الولايات المتحدة.
كما التقى برفقة يون القوات الأميركية والكورية الجنوبية، وهي خطوات قال مسؤول كبير في البيت الأبيض إنها «تبرز الطبيعة المتكاملة الحقيقية» للتحالف الاقتصادي والعسكري بين البلدين.
وأكد بايدن على جانب أوسع نطاقاً لجولته، قائلاً إن آسيا هي ساحة معركة رئيسية في «المنافسة العالمية بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية».
وأردف الرئيس الأميركي إثر لقاء يون: «تحدثنا بشيء من التفصيل عن حاجتنا إلى جعل هذا يتجاوز الولايات المتحدة واليابان وكوريا، ليشمل كامل المحيط الهادئ وجنوب المحيط الهادئ والمحيط الهندي. أعتقد أن هذه فرصة».
الشرق الأوسط