تطرح قوى سياسية عراقية مختلفة منذ أيام، عبر تصريحات وبيانات متكررة، خيار حل البرلمان والذهاب نحو إجراء انتخابات جديدة في العراق، كحل لمعالجة الأزمة السياسية الحالية، التي تدخل قريباً شهرها السابع على التوالي، من دون أي بوادر حقيقية لنهايتها.
ومنذ الإعلان عن النتائج النهائية الرسمية للانتخابات في العراق، في الثلاثين من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي (بعد 50 يوماً من إجراء عملية الاقتراع في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2021)، تتواصل الأزمة السياسية في البلاد، مسجلة بذلك إحدى أطول الأزمات التي يشهدها العراق، منذ الغزو الأميركي عام 2003.
تشكيل الحكومة أساس الأزمة السياسية العراقية
تتركز الأزمة السياسية حول تشكيل الحكومة المقبلة، إذ يواصل زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي حازت كتلته على المرتبة الأولى في الانتخابات، الإصرار على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، رافضاً العودة إلى حكومات التوافق القائمة على المحاصصة ووفقاً للأوزان الطائفية في البلاد.
في المقابل، يرفض تحالف “الإطار التنسيقي”، الذي يضم عدداً من القوى الحليفة لإيران، هذا الطرح، ويؤكد أيضاً رفضه تشكيل أي حكومة لا تكون من خلال كتلة سياسية للمكوّن الشيعي.
وأعلن الصدر عن تحالف عابر للهويات الفرعية تحت اسم “إنقاذ وطن”، ضم تحالف “السيادة” الذي يقدم نفسه ممثلاً سياسياً عن العرب السنّة بزعامة خميس الخنجر، والحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان بزعامة مسعود البارزاني.
عضو بالتيار الصدري: تحالف “إنقاذ وطن” يمتلك قرار حل البرلمان
خيار حلّ البرلمان العراقي وإعادة الانتخابات
وخلال الأيام الماضية، صدرت مواقف سياسية عدة تؤكد أن حل البرلمان وإعادة الانتخابات سيكون الخيار المتاح والأفضل من سيناريو الفوضى، في ظل مخاوف من تأثر الملف الأمني بالأزمة السياسية الحالية.
وتحدث رئيس حركة “امتداد” المدنية، النائب علاء الركابي، لوكالة الأنباء العراقية “واع” أخيراً، عن أن حل البرلمان خيار يلوح في الأفق، بعد تجاوز المهل الدستورية وعدم وجود أي ملامح لحل للأزمة.
من جهته، أكد عضو “الاتحاد الوطني الكردستاني”، فائق يزيدي، في تصريحات له أخيراً، أن “حل البرلمان هو أحد السيناريوهات المحتملة للخروج من الأزمة”.
تظاهرات العراق/سياسة/حسين فالح/فرانس برس
تقارير عربية
تحديات غير مسبوقة تواجه أبرز القوى المدنية في العراق
في المقابل، حذر عضو اللجنة القانونية في البرلمان، محمد عنوز، من أن حل البرلمان “ستكون نتائجه وخيمة على أوضاع البلاد”، في معرض تعليقه للصحافيين في بغداد على هذا الخيار.
لكنّ عضواً بارزاً في التيار الصدري، قال لـ”العربي الجديد” طالباً عدم ذكر اسمه، إن “حل البرلمان وإعادة الانتخابات أفضل من ولادة حكومة مشوّهة”. وأكد مناقشة هذا الخيار في اجتماعات مختلفة بينها لأعضاء تحالف “إنقاذ وطن”.
ورأى أن “إعادة الانتخابات ستكون في صالح القوى المؤيدة لمشروع حكومة الأغلبية وكذلك المدنيين والمستقلين، لانكشاف ظهر القوى التي أسندت التفاوض مع أبناء الوطن لشخصيات من الخارج”، في إشارة إلى تحالف “الإطار التنسيقي”.
واعتبر أن تحالف “إنقاذ وطن” يمتلك قرار حل البرلمان، قائلاً “لدينا 180 نائباً ومتى ما رأينا أن حل البرلمان في صالح العراقيين، سنفعل ذلك بلا تردد، ولن نواجه صعوبة بتحقيق نصاب هذه الجلسة حتى إذا قاطعت قوى الإطار التنسيقي”.
في المقابل، أكد القيادي في تحالف “الإطار التنسيقي”، محمد الصيهود، في حديث لـ”العربي الجديد”، ارتفاع حظوظ خيار حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة في الأيام الأخيرة، معتبراً أنه “قد يكون أفضل من الخيارات الأخرى إذا استمرت الأزمة فترة أطول”.
الصيهود: خيار حل البرلمان وإجراء الانتخابات مشروط بتغيير مفوضية الانتخابات
وأضاف الصيهود أن “خيار حل البرلمان والتوجه نحو إعادة الانتخابات بات مطروحاً كأمر واقع الآن من قبل أطراف سياسية مختلفة، خصوصاً لما للانسداد الحاصل حالياً من تأثير على مجمل الأوضاع في العراق”.
كنّه رأى أن إجراء انتخابات جديدة بوجود مفوضية الانتخابات نفسها وبإشراف الحكومة الحالية “أمر غير مجدٍ”، معتبراً أن المفوضية وحكومة مصطفى الكاظمي “فشلوا في إجراء انتخابات نزيهة، ولهذا التوجه نحو خيار حل البرلمان وإجراء الانتخابات مشروط بتغيير مفوضية الانتخابات، وربما يطاول الأمر تعديل قانون الانتخابات، خصوصاً في ما يتعلق بآلية عد وفرز الأصوات”.
وفي السياق، أكد نائب آخر عن “الإطار التنسيقي”، طلب عدم كشف اسمه، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “إخفاق المساعي الحالية من قبل وسطاء إيرانيين لحل الأزمة، يعني استنفاد الفرص كاملة”.
وأضاف أنّ “إعادة الانتخابات يجب أن يرافقها تغيير مفوضية الانتخابات وإعادة النظر بقانون الانتخابات، وهو ما لا يمكن تحقيقه في حال تم حل البرلمان فعلياً قبل ذلك، ما يعني أننا سندخل بفوضى أكبر”.
واعتبر أنّ “هذا الخيار يلوّح به الصدريون ضمن رسائل مبطنة للإطار التنسيقي، ونعتبر أن ذهاب الصدر وكتلته للمعارضة أفضل من إعادة الانتخابات التي قد لا تكون عملية إجرائها مرة أخرى مضمونة من الأساس”.
متظاهر عراقي (صباح ارار/ فرانس برس)
تقارير عربية
فريق تفاوض من المستقلين يبحث حل أزمة الانسداد السياسي في العراق
آلية حل البرلمان العراقي
من جانبه، شرح الخبير في الدستور العراقي علي التميمي لـ”العربي الجديد” آلية التوجه إلى هذا الخيار، قائلاً إنه “وفقاً للمادة 64 من الدستور، يُحل البرلمان بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية”.
وأوضح أنه “بعد حل البرلمان، يدعو رئيس الجمهورية إلى انتخابات جديدة خلال مدة أقصاها ستين يوماً من تاريخ الحل، ويُعدّ مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية، كما هو الحال حالياً في ظل الانسداد السياسي”.
تلويح مقتدى الصدر بخيار حل البرلمان يؤكد ثقته بقاعدته الشعبية
بدوره، أكد المحلل السياسي أحمد الشريفي، لـ”العربي الجديد”، أن “خيار حل البرلمان والذهاب إلى إجراء انتخابات جديدة مطروح على الأقل في اجتماعات القوى السياسية التي تبحث عن حلول، وربما بات بعضها يهيئ نفسه لهذا السيناريو تحسباً لحدوثه فعلاً”.
وأضاف أن “هذا الخيار وعلى الرغم من صعوبته، لكنه يعد حلاً أخيراً لإنهاء حالة الانسداد السياسي في العراق”.
وبيّن الشريفي أن “تلويح مقتدى الصدر بهذا الخيار أكثر من مرة، يؤكد ثقته العالية بقاعدته الشعبية، فهي لن تتأثر بشكل سلبي إذا أعيدت الانتخابات البرلمانية المبكرة، بل على العكس، هذه المرة ربما يرتفع عدد مقاعد التيار الصدري في البرلمان، وهذا الأمر يشمل حلفاءه في تحالف السيادة والحزب الديمقراطي”.
العربي الجديد