أخفق مجلس الأمن الدولي في التصويت على تمديد الآلية التي تتيح إبقاء معبر باب الهوى عند الحدود السورية ـ التركية مفتوحاً بما يمكّن الأمم المتحدة من إيصال المساعدات الإنسانية لأكثر من 2.4 مليون سوري يقيمون في محافظة إدلب وشمال حلب ومناطق أخرى غير خاضعة لسيطرة النظام السوري. وهذه الآلية معتمدة بموجب قرار مجلس الأمن لعام 2014، الذي اشترط التصويت سنوياً على التمديد وخضع بالتالي إلى مساومات سياسية بعضها يهبط إلى مستوى الابتزاز الصريح بين روسيا وأعضاء مجلس الأمن الدولي بالنظر إلى تلويح موسكو باستخدام حق النقض (الفيتو) لتعطيل إصدار القرار، وهذا ما حدث بالفعل مع مفاوضات الأيام الأخيرة قبيل انتهاء صلاحية التمديد الراهنة يوم 10 تموز/ يوليو الجاري.
وفي السنوات السابقة كانت المساومات الروسية تسعى إلى اشتراط مرور المساعدات الإنسانية عبر النظام السوري وبإشرافه، وهذا ما كان يُقابل برفض دولي لاعتبارات عديدة أبرزها أن النظام يمكن أن يحول توزيع المساعدات إلى ورقة ضغط أو حصار على ملايين السوريين، بالإضافة إلى حجبها تماماً عن ملايين آخرين. وقبل استخدام الفيتو ضد مشروع قرار يمدد إيصال المساعدات لمدة عام من دون موافقة النظام الروسي، اقترحت موسكو تمديداً لستة أشهر قابلة للتجديد وانتهى إلى الفشل لأنه يفتح الباب مجدداً على مزيد من المماطلات.
ومن الواضح أن موسكو تتعمد هذه السنة خلق المزيد من الصعوبات أمام التعاون الدولي لتمديد آلية توفير المساعدات، وذلك على خلفية الاجتياح العسكري الروسي في أوكرانيا ومشاكسة القوى الغربية داخل مجلس الأمن الدولي من قبيل ردّ الفعل تجاه العقوبات المختلفة التي فُرضت على روسيا، حتى إذا اتخذت المساومة صيغة العقاب الجماعي لملايين السوريين المعتمدين في عيشهم اليومي على تلك المساعدات، خاصة أولئك الذين لا مسكن لهم إلا في المخيمات أو حتى في العراء.
وقبل مؤسسات الإغاثة الدولية وتلك العاملة في إطار الأمم المتحدة، كانت منظمة العفو الدولية قد حذرت من مغبة تعطيل آلية إيصال المساعدات، واعتبرت أن الفيتو الروسي سوف يغلق بشكل فعال آخر شريان حياة لـ4 ملايين شخص على الأقل في شمال غرب سوريا، ممّن يعتمدون بصفة شبه كلية على مساعدة الأمم المتحدة للبقاء على قيد الحياة. ورغم أن مجلس الأمن يمكن أن يتوصل إلى صيغة لتصويت جديد وسبق أن جرى تمديد الآلية حتى بعد انتهاء مفعول سريانها، فإن المعطيات تشير هذه المرة إلى تعنت روسي أشد.
وكان بمثابة إضافة الإهانة إلى جراح السوريين أن يقوم رئيس النظام السوري وأفراد عائلته بزيارة استعراضية إلى مدينة حلب، هي الأولى منذ انتفاضة آذار/ مارس 2011، في الوقت ذاته الذي شهد مداولات مجلس الأمن الدولي حول تمديد آلية عبور المساعدات الإنسانية من تركيا إلى ملايين السوريين. وكانت الفوارق صارخة وفاضحة بين اختيال آل الأسد وتأنقهم على خلفية من ركام المدينة ودمارها، وبين قلق ملايين السوريين في المخيمات إزاء احتمالات الفيتو الروسي وعذابات الافتقار إلى أبسط الغذاء والدواء.
القدس العربي