كيف تنظر الصحافة الإيرانية إلى المفاوضات النووية؟

كيف تنظر الصحافة الإيرانية إلى المفاوضات النووية؟

لا يفتأ ملف المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية يشهد تقلبات من أسبوع لآخر، فتارة يُقال إن الطرفين على وشك الوصول إلى اتفاق، وطوراً تبدو الأطراف المعنية متشائمة.

وفي الأثناء، تتابع الصحف الإيرانية هذه التطورات باهتمام وشغف، وتتساءل عن الجدوى من نجاح هذه المفاوضات، كما تتبادل الحجج والتحاليل الجيوسياسية التي تأخذ بعين الاعتبار موقفي روسيا وإسرائيل.

* *
بعد أربعة أشهر من بدء أول جولة مفاوضات تخوضها بلاده من أجل استعادة الاتفاق النووي الإيراني، تسلم الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي مقاليد الحكم في إيران.

وأسند مهمة قيادة المفاوضات إلى نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، علي باقري كني، الدبلوماسي المعروف بمواقفه الرافضة للاتفاق المبرم في العام 2015، الأمر الذي أثار انتقادات في أوساط التيار الإصلاحي.

إلا أن طيفاً واسعاً من الإصلاحيين أعربوا عن أملهم في أن تسهم سيطرة المحافظين على البرلمان والحكومة بالكامل في تشكيل نواة تساعد على انطلاق مفاوضات نووية جادة تؤدي إلى التوصل إلى حلول للأزمة العالقة بين إيران والولايات المتحدة، وتمهد الطريق أمام إنجاح مفاوضات فيينا.

في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، استؤنفت المفاوضات في فيينا في جولتها السابعة برئاسة باقري كني، واستمرت حتى منتصف آب (أغسطس) 2022، وتخللها الكثير من فترات المد والجزر، من دون التوصل إلى اتفاق نهائي بين الجانبين. فكيف ترى الصحف الإيرانية هذه التطورات؟

“لا تسمحوا لحمار أميركا بعبور الجسر”

بعد أن تعقدت المفاوضات مؤخراً، كتب عضو تحرير صحيفة “كيهان” المحافظة، محمد أعرابي، وهو أحد أبرز معارضي الاتفاق النووي، مقالاً في 27 آب (أغسطس) بعنوان “من الخيانة في فرض العقوبات إلى محاولة تجاوز العقوبات”.

واقترح أعرابي في مقاله على الحكومة الإيرانية تأجيل المفاوضات لمدة شهرين حتى يدخل فصل الشتاء، بهدف الضغط على الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية من خلال أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية.

ورد عليه، عبر حسابه على “تويتر” عباس عبدي؛ أحد الوجوه الإصلاحية المعروفة في إيران، بتغريدة كتب فيها: “تطالب صحيفة ’كيهان‘ بتأجيل المفاوضات النووية لمدة شهرين، وتدعي أن هذه الحكومة أثبتت أنه يمكن تحقيق إنجازات متقدمة من دون الاتفاق النووي واتفاقية الشفافية المالية الدولية.

إذا كانت الحكومة الإيرانية تشارك صحيفة ’كيهان‘ هذه القناعة، وترى أنها ليست في حاجة إلى الاتفاق النووي، فإن عليها أن توقف المفاوضات وتخرج من الاتفاق بلا رجعة، وليس لمدة شهرين فقط”.

ومن جهته، يؤكد إسماعيل غرانماية، من صحيفة “اعتماد”، هو الآخر، ضرورة التمسك بالمفاوضات الدبلوماسية وعدم محاولة تعويضها بوسائل ضغط أخرى.

وكتب في مقال له نشر بتاريخ 17 آب (أغسطس) 2022 تحت عنوان “إحياء خطة العمل المشتركة الشاملة والمخاوف”:

“يجب الالتفات إلى موضوع مهم، هو أن عملية توظيف الدبلوماسية لتحقيق المصالح الوطنية لا يمكن أن تتم إلا من خلال المفاوضات.

واستبدال عملية المفاوضات بأي عملية أخرى، سواء كانت الحرب والمواجهة أو حتى المماطلة في المفاوضات، لن يحقق سوى الخسارة البحتة لكلا الطرفين. وفي الحقيقة، لا يمكن أن نتصور أي بديل مناسب للاتفاق النووي”.

بعد ذلك بثمانية أيام، كتب حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة “كيهان” مقالاً بعنوان “لا تسمحوا لحمار أميركا بعبور الجسر”.

وتشير هذه العبارة إلى مثل إيراني شعبي حول صاحب حمار أراد عبور الجسر بدابته المحملة بالبضائع، واعداً حارس الجسر بأنه سيدفع له رسوم المرور بعد قضاء حاجته، لكنه بمجرد أن عبر حماره الجسر، نكث بوعده ولم يدفع أي شيء.

وأراد الكاتب أن يقول، من خلال اللجوء إلى هذه الصورة، إن أميركا إذا حصلت على ما تريد، فإنها ستتجاهل المطالب الإيرانية:
“على الفريق الإيراني المفاوض أن يكون حذراً أمام الحيل الأميركية كافة، وألا يوافق على العودة إلى نقطة تسبق المفاوضات الأخيرة والاتفاق المبرم في العام 2015، الذي كان في حد ذاته بمثابة خسارة محضة بالنسبة لنا.

كان الهدف المعلن للاتفاق النووي هو إلغاء العقوبات، لكنها لم تُلغ. وها قد أضيفت إليها مئات العقوبات الجديدة”.

إنكار للأزمة الاقتصادية

وكان شريعتمداري قد حذر سابقًا الفريق الإيراني المفاوض ووزير الخارجية، وطالبهم في 18 آب (أغسطس) 2022 بعدم الاطمئنان إلى الضمانات الأميركية في مقال بعنوان “ما الضمان للضمان الأميركي”؟ الذي جاء فيه:

“يمكن القول بجرأة إنه لا يوجد أي اعتبار لأي ضمانات أميركية. ألم يكن الاتفاق النووي معاهدة دولية؟ ألم تتعهد أميركا بأن تلتزم بتنفيذ هذا الاتفاق؟

لكننا رأينا كيف أنها لم تكتف بعدم الالتزام بأي تعهد من تعهداتها في هذا الاتفاق فقط، بل إنها خرجت من الاتفاق النووي بسهولة ولم يحرك أحد ساكناً! أي عقل سليم يمكن أن يثق بأي ضمانات تقدمها الولايات المتحدة الأميركية؟!”.

وتظل فكرة الفخ الأميركي تعود بانتظام، كما يظهر هنا في مقال السيد محمد أعرابي، بتاريخ 27 آب (أغسطس) 2022، الذي يرى فيه أن المفاوضات مصيدة أميركية، والتي لطالما طالب حكومة رئيسي بالانسحاب منها:

“إن رفع العقوبات من خلال المفاوضات ما هو إلا طُعم تزين به الإدارة الأميركية مصيدتها. يمكن للحكومة الحالية من خلال عزمها ودعم الشعب الإيراني أن تتتجنب هذا الطعم وتغض الطرف عنه.

وكما نجحت في تحقيق إنجازات جيدة خلال العام الأول من عمرها، فإن عليها أن تُركز وتخصص وقتها لوضع خطط تؤدي إلى إفشال العقوبات وإبطال أثرها”.

كما تتعارض الآراء أيضًا بشأن التداعيات الاقتصادية. وقد تبنت صحيفة “رسالة” المحافظة أيضاً مواقف قريبة من مواقف صحيفة “كيهان”، وهي تعتقد بأن أثر العقوبات على الاقتصاد المحلي في عهد إبراهيم رئيسي أصبح ضئيلاً، وأن إيران لن تتعرض لأزمات اقتصادية مستقبلية حتى في غياب اتفاق.

وفي مقابلة أجرتها الصحيفة مع المحلل الاقتصادي عبد المجيد شيخي في 5 أيلول (سبتمبر) 2022، قال شيخي:
“مع انفتاح الحكومة الحالية في علاقاتها الدبلوماسية مع دول المنطقة والدول الصديقة، تراجع تأثير العقوبات بشكل ملحوظ. […] لحسن الحظ، بدأت الحكومة في تعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية (…). ولكن بما أن الحكومة السابقة وقعت على الاتفاق الذي كان بمثابة شيك على بياض، فإننا مضطرون إلى الصمود والمطالبة بالامتيازات التي وُعدنا بها”.

بيد أن المحلل الاقتصادي في صحيفة “آرمان” الإصلاحية، بيمان مولوي، عدد الآثار الإيجابية التي يمكن أن يجلبها الاتفاق على الاقتصاد الإيراني، فكتب دفاعاً عنه في 18 آب (أغسطس) 2022:

“يجب أن نرى الآن ما مدى تأثير الاتفاق النووي في حال تم إحياؤه مجدداً: سوف تتضاءل المخاطر الاقتصادية في إيران، وسيبطئ الاتفاق عجلة خروج الاستثمارات من الأسواق المحلية، كما سيرتفع معدل النمو الاقتصادي ويتراجع معدل التضخم بشكل كبير، ناهيك عن انخفاض التكاليف التي يتحملها التجار في الساحات الدولية وارتفاع عائدات الحكومة، ما سيساعدها على ترميم البنية التحتية المهترئة.

وبطبيعة الحال، سوف يحدث كل هذا شريطة ألا تحدث تغييرات في الولايات المتحدة جراء وصول الجمهوريين إلى السلطة مجدداً وخروجهم من الاتفاق مرة أخرى”.

في محاولة منه لتقريب وجهات النظر، يعتقد السيد جواد حصار، وهو أحد الوجوه الإصلاحية البارزة، أنه يجب اعتبار أي اتفاق يتم التوصل إليه في مفاوضات فيينا بمثابة إنجاز وطني لجميع التيارات السياسية، وهو ما عبر عنه في مقال له بعنوان “التوافق الداخلي بعد الاتفاق النووي”، نُشر في 31 آب (أغسطس) 2022 بصحيفة “اعتماد” الإصلاحية:

“كنتُ قد أكدت في أكثر من مرة أن إيران، بعد إحياء الاتفاق النووي على المستوى الدولي، يجب أن تعمل على إبرام صفقة الاتفاق على المستوى المحلي (الاتفاق الداخلي).

وهذا يعني مشاركة جميع التوجهات السياسية في إدارة البلد على المستويات كافة؛ حيث يجب العمل على استثمار جميع الطاقات السياسية في البلد، وأن يجلس الجميع إلى طاولة المفاوضات بهدف التفاهم وقيادة المجتمع نحو التطور والنمو والازدهار.

لا يجب أن تُسجل المصالح الاقتصادية والثقافية والسياسية الناتجة عن الاتفاق باسم تيار معين وتساعد على تعزيز مكانته وحده في الساحة المحلية”.

انتقاد المفاوضات غير المباشرة

يعتقد الكثير من المحللين السياسيين والدبلوماسيين السابقين أن سياسة إدارة المفاوضات بشكل غير مباشر مع الولايات المتحدة الأميركية تحتاج إلى إعادة النظر في مصلحة الاستغناء عن وسيط، وفي هذا الصدد، كتب حسن بهشتي بور في صحيفة “اعتماد” في 3 أيلول (سبتمبر):

“إن طريقة دبلوماسية البينغ بونغ بين إيران وأميركا هي عملية مملة ومتعبة للطرفين، وفق الآلية التي تدور بها في الوقت الحالي.

إيران تتفاوض مع الدول الأوروبية، وبعد ذلك تقوم أوروبا بنقل الرد الإيراني إلى أميركا، ثم تعاد الكرة مرة أخرى من أميركا إلى إيران. هذه الآلية تستهلك طرفي المفاوضات وتشعرهما بالتعب”.

ومن جهته، أرجع موقع “الدبلوماسية الإيرانية” المعتدل سرد أسباب عدم التوصل إلى النتائج المرجوة من المفاوضات إلى سببين رئيسيين: الأول هو عدم توفر الإرادة الجادة والملحة لإعادة إحياء الاتفاق النووي لدى الجانبين الإيراني والأميركي، والثاني هو آلية إدارة المفاوضات -خاصة من جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية- بشكل غير مباشر، والتي يصفها الموقع بـ”الخاطئة مائة بالمائة”.(1)

وهو رأي شاطره إياه على الموقع الدبلوماسي السابق نفسه أبو القاسم دلفي الذي صرح في لقاء صحفي:

“عندما يقود مفاوضات حساسة مثل هذه شخص بمستوى نائب وزير الخارجية في الشؤون السياسية علي باقري كني (بدلاً من أن يقوم بذلك الوزير بنفسه)، لا يمكن أن نتصور نتائج مناسبة للمفاوضات حول ملف بهذه الأهمية. وسوف يخلق عدم إحياء الاتفاق النووي تحديات دبلوماسية وأمنية لإيران مع كل دول العالم، ولذلك نعتقد أن إكمال المفاوضات وفق هذه الآلية وعلى هذا المستوى لن يحقق المطالب المرجوة”.

“لا يوجد تنسيق بين المحافظين”

ليس انتقاد الحكومة في إيران حكرًا على الإصلاحيين، وهم الذين يتمنون أن تصل الحكومة الحالية إلى اتفاق في نهاية المطاف. وهو ما يظهر من حديث الناشط السياسي الإصلاحي، علي باقري، مع وكالة أنباء “إيلنا” الإصلاحية في الأول من أيلول (سبتمبر) 2022، حول تحديات الرئيس إبراهيم رئيسي:

“تواجه حكومة إبراهيم رئيسي الآن معارضة من التيار المحافظ (المعارض للاتفاق النووي) أكثر مما تواجه من التيار الإصلاحي. وأتمنى أن يفكر هذا التيار أكثر بالمصالح الوطنية الايرانية لكي تثمر المفاوضات وتؤدي إلى التوصل إلى نتيجة تصب في مصلحة الشعب الإيراني”.

وعبرت صحيفة “ابتكار” الإصلاحية عن تعجبها من موقف الإصلاحيين في اليوم نفسه:

“في الوقت الذي تبنت فيه الحكومة المحافظة الحالية سياسة المضي قدماً بالمفاوضات، كنا نتصور أن الوجوه والشخصيات البارزة في هذا التيار -أو معظمها- سوف تدعمها، لكننا اكتشفنا أنه لا يوجد تنسيق بين المحافظين على هذا المستوى، بل وأن الاتفاق النووي قد يصبح محوراً تتركز من حوله الكثير من النزاعات الداخلية”.

أثار تعامل المحافظين مع ملف الاتفاق النووي اهتمام وسائل الإعلام بشكل خاص في السنوات الأخيرة. وينظر موقع “ديدار نيوز” إلى هذا الأمر في إطار السياسات العامة والاستراتيجية الإيرانية:

“التيار المحافظ يسيطر اليوم منفرداً على مقاليد الحكم كافة في إيران، وجميع المؤسسات هي في يد المحافظين وكل الطرق تؤدي إلى مكاتب الشخصيات البارزة وصاحبة النفوذ في هذا التيار.

وعلى الرغم من ذلك، تواجه البلاد مشاكل جادة، فقط وضع حذف عائدات النفط من موازنة البلد قطاع الاستثمار الخاص في مأزق حقيقي، والتضخم بلغ أرقاماً قياسية وأدى إلى إضعاف القطاع الصناعي الخاص بشكل كبير.

وفي النتيجة تراجعت عائدات الحكومة بشكل كبير وملحوظ. في هذه الأوضاع نتوقع أن ينظر المحافظون إلى الاتفاق النووي على أنه بمثابة صك مصرفي يجب صرف رصيده، لكن ذلك ليس بالأمر السهل، فمشكلة الولايات المتحدة مع إيران -وخاصة مع التيار المحافظ- لا تتعلق بالملف النووي فحسب، بل تتعلق أيضاً بجوهر السياسة الخارجية الإيرانية، التي تعد جزءاً أساسياً من هوية التيار المحافظ، وتدعمها بشكل تام مؤسسات سياسية وعسكرية نافذة في الجمهورية الإسلامية.

وحتى لو أثمرت المفاوضات النووية -على عكس ما يتمناه الوفد الإيراني المفاوض- فإننا نستبعد أن يقدم الغرب على خفض الضغوط الاقتصادية والسياسية.(2)

مصلحة روسيا وإسرائيل

على الرغم من التركيز على الشأن الداخلي، تبقى القراءة الإقليمية حاضرة؛ إذ يضع موقع “إنصاف نيوز” الإصلاحي التحليلي حسين شريعتمداري وإسرائيل في كفة ميزان واحدة. وجاء في مقال لمدير الموقع، علي أصغر شفيعيان، الذي نُشر بتاريخ 17 آب (أغسطس) 2022:

“ما أهداف إسرائيل و’كيهان‘ المشتركة في معارضة الاتفاق النووي؟ على الرغم من أن الدوافع قد تبدو مختلفة نوعاً ما، إلا أنها تأتي من جذور مشتركة.

فالاتفاق بين إيران والغرب سوف يحرمهم من استخدام ورقة الضحية ومن المتاجرة بالأمن (أمن المنطقة بالنسبة لإسرائيل وأمن إيران بالنسبة لصحيفة كيهان)، ولهذا السبب نشاهد ظهور موجة جديدة من الأفكار المعارضة للاتفاق النووي داخل إيران وخارجها”.

ومن جهتها، تطرقت صحيفة “شرق” الإصلاحية مرة أخرى إلى مسألة تدخل روسيا في قرار طهران في مفاوضات فيينا، وكتبت تقول:

“يعتقد الكثيرون أن المواقف الروسية هي أحد أهم العوامل التي تؤخر التوصل إلى اتفاق نهائي في مفاوضات فيينا.

وبناء على ذلك وإلى جانب معارضة التيارات المتشددة في الداخل والانتهاكات الصادرة عن الكونغرس الأميركي والدور المخرب لإسرائيل، يجب أن نحمّل الجانب الروسي جزءًا من المسؤولية عن الوصول إلى الأوضاع القائمة”.

في الحقيقة، واجهت محادثات فيينا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا تحديات جديدة؛ إذ وضعت روسيا شروطًا إضافية للاتفاق، وهي عدم إدراج العقوبات الأميركية ضد روسيا في العلاقات التجارية مع إيران، واستبعاد علاقات الصناعة النووية بين البلدين من نطاقها.

ومن ناحية أخرى، تشعر روسيا بالقلق مما سيصبح عليه تصدير النفط والغاز الإيراني بعد الاتفاق، وتخشى أن يُعرض ذلك مصالحها الاقتصادية للخطر.

ومن جهته، نشر موقع “خبر أونلاين” الإيراني التحليلي في الرابع من أيلول (سبتمبر) مقالاً للصحفي الإيراني البارز، جلال خوش جهرة، انتقد فيه بشدة قرار إيقاف المفاوضات:

“على إيران وواشنطن أن تتخليا عن الحذر والتحفظات، وأن تختبرا مرة أخرى مدى إرادتهما الجادة في العودة إلى طاولة المفاوضات. […] إذا استمرت واشنطن بفرض التحديات التي تعارض المطالب الإيرانية، فإنها تلعب في منطقة إسرائيل والمعارضين للاتفاق النووي.

وعلى وطهران أيضاً أن تتقدم بأفكار وحلول قوية لكي تخرج من حالة التشتت الراهنة ولكي تتجنب الخسائر الضخمة التي تتكبدها، لأن الفرصة تكاد تضيع على الجميع”.

على الرغم من الفوارق التي قد نجدها بين مختلف الأطياف السياسية، إلا أنه قد يوجد بينها قاسم مشترك؛ إذ يبدو أن الأغلبية بدأت تضيق ذرعا من غياب أفق واضح، لا سيما في صفوف المحسوبين على التيار المحافظ، مثل نائب رئيس لجنة الشؤون الداخلية والمجالس في البرلمان الإيراني محمد آصفري الذي دعا إلى وضع حد لحالة الضياع الغالبة على المفاوضات النووية:

“أعتقد أن هناك الكثير من الفرص التي يتم التفريط فيها بسبب المماطلة. يجب تعيين مصير المفاوضات بشكل حاسم. في كل مرة يطرأ مستجد يعرقل المفاوضات، ما يتسبب في يأس الشعب من التوصل إلى النتيجة المرجوة، ويضع المنتجين والمستثمرين المحليين والأجانب في مأزق، وكأنهم في برزخ (…). الاستثمار في زمن العقوبات أو في زمن الاتفاق مختلف، والناس ينتظرون إعلان نتيجة المفاوضات لكي يتضح مستقبلهم. لقد ارتكبت الحكومة السابقة خطأ بأن سمحت للمفاوضات بأن تكون مرنة، مما أدى إلى ضبابية أحاطت بالأشخاص الذين يريدون الدخول إلى المجال الاقتصادي”.

الغد