تتضارب المعلومات في شأن الموعد الذي يمكن أن يقدم فيه رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد شياع السوداني تشكيلته الحكومية كاملة إلى مجلس النواب لغرض نيلها الثقة؛ فالمواعيد التي كانت مقررة سلفاً مثل السبت الماضي، أو الاثنين، جرى تخطيها لتحدَّد مواعيد جديدة مثل الأربعاء، أو مطلع الأسبوع المقبل.
وفي حين كانت قوى «ائتلاف إدارة الدولة» تعلن أنها تزمع تشكيل «حكومة خدمة بعيداً عن المحاصصة والخلافات الحزبية والقومية»؛ فإن واقع الحال بدا مختلفاً، وهو ما اضطر المكلف إلى إصدار أكثر من بيان أو توضيح بشأن طريقة تعامله مع القوى السياسية بشأن ترشيح الوزراء، أو توزيع الحقائب الوزارية.
فقوى «الإطار التنسيقي» الشيعي التي ينتمي إليها السوداني أعلنت من جهة تفويضه اختيار المرشحين للحقائب الوزارية، لكنها، وطبقاً للمعلومات المتداولة في غرف المباحثات غير المعلنة، لم تحسم خلافاتها بشأن بعض الحقائب المهمة من جهة ثانية، وهي، مثلما يصفها سياسي عراقي مستقل، «تلك التي تدر ذهباً» في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، مبيناً أن «طريقة تخويل السوداني لم تشمل توزيع الحقائب، بل فقط اختيار الوزراء من بين مرشحين تقدمهم الكتل السياسية نفسها».
ويضيف السياسي العراقي أن «القوى الشيعية أعلنت تخويل السوداني، بينما القوى السياسية والكردية لم تفعل ذلك؛ لأن بعض خلافاتها، لا سيما السنية منها، معقدة إلى حد كبير. في حين أن القوى الكردية تبحث في استحقاقات ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية».
ويوضح السياسي العراقي آلية العمل على حسم التشكيلة الحكومية: «الخلافات الشيعية حسمت في غالبيتها على ما يبدو؛ بما فيها الخلاف على وزارتي النفط والنقل، وهما من الوزارات التي تدر ذهباً. بينما الأمر لا يزال موارباً بشأن وزارة الداخلية، التي رشح لها عدد من القادة العسكريين، ولا تزال موضع خلاف؛ لكن على الأسماء وليس على العائدية».
ويتمحور الخلاف سنياً حول وزارة الدفاع التي يتنازع عليها «حزب تقدم» بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، و«تحالف عزم» بزعامة مثنى السامرائي.
وبالعودة إلى السياسي العراقي، وكذلك مصادر متطابقة، فإنه في الوقت الذي «حسم فيه (تحالف السيادة) المكون من (تقدم) بزعامة الحلبوسي، و(العزم) بزعامة خميس الخنجر، منصبي رئيس البرلمان الذي هو من حصة (تقدم) وزعيمه الحلبوسي، ونائب رئيس الجمهورية ومرشحه الخنجر، فإن (السيادة) يريد تقاسم الوزارات السنية الست؛ بما فيها الوزارتان السياديتان: الدفاع والتخطيط. أما (تحالف عزم) بزعامة مثنى السامرائي المنشق عن الخنجر فيريد إما الاستحواذ على الوزارات السنية كلها باحتساب نقاط منصبي رئيس البرلمان ونائب رئيس الجمهورية، وإما يأخذ هو منصب رئاسة البرلمان في مقابل تخليه عن الوزارات الست لـ(السيادة)؛ الأمر الذي يرفضه الأخير».
وفي حين يستمر الخلاف داخل البيت السني «المنقسم على نفسه قبل أن يكون حول تشكيل الحكومة» طبقاً لما يرى السياسي المستقل، فإن «الأمر لا يعني السوداني كثيراً؛ لأن بمقدوره إبقاء بعض الحقائب شاغرة، أو شغلها من قبل وزراء آخرين مؤقتاً، في حال تمكن من إكمال نصف تشكيلته والتصويت عليها داخل البرلمان».
والأمر نفسه ينطبق على الخلاف الكردي؛ بحيث إن الخلاف بين الحزبين الرئيسيين؛ «الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني»، ينعكس على سرعة إكمال التشكيلة الوزارية، لكن، طبقاً لمصدر كردي مطلع تحدث إلى «الشرق الأوسط»، «أصله يتعلق بطريقة التعامل في مرحلة ما بعد حسم منصب رئيس الجمهورية»، مبيناً أنه «في الوقت الذي بدا فيه أن منصب رئيس الجمهورية جاء عبر تسوية بين الحزبين الرئيسيين، فإن إصرار رئيس (الاتحاد الوطني) بافل طالباني، على اعتبار الرئيس الحالي عبد اللطيف رشيد من حصة (الاتحاد)، أدى إلى عودة (الديمقراطي) إلى احتساب النقاط على صعيد حسم المناصب الوزارية، ورفض منح (الاتحاد) أي وزارة من الوزارات الأربع، أو ربما التكرم عليه بوزارة هامشية»؛ أي، طبقاً لرؤية السياسي العراقي، ليست من «الوزارات التي تدر ذهباً».
الشرق الاوسط