استمرار التقاعس الدولي إزاء تغيّرات المناخ قد يغيّر خرائط العالم

استمرار التقاعس الدولي إزاء تغيّرات المناخ قد يغيّر خرائط العالم

شرم الشيخ (مصر) – تقول الأمم المتحدة في تقرير تناول الارتفاع السريع في وتيرة الاحترار العالمي، إن كلا من السنوات الثماني الأخيرة، في حال ثبتت التوقعات بشأن العام 2022، ستكون أكثر حرّاً من أي عام سابق لسنة 2015.

المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أشارت في مقطع مصور بُثّ في شرم الشيخ الأحد، إلى تسارع في وتيرة ارتفاع مستوى مياه البحار وذوبان الأنهر الجليدية والأمطار الغزيرة وموجات الحر والكوارث القاتلة التي تتسبب فيها.

حرارة الأرض ارتفعت أكثر من 1.1 درجة مئوية منذ نهاية القرن التاسع عشر، وقد سجل نصف هذا الاحترار تقريبا في السنوات الثلاثين الأخيرة.

وقال المدير العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس “كلما كان الاحترار عاليا كلما تعمقت التداعيات”. فمياه سطح المحيطات التي تمتص أكثر من 90 في المئة من الحرارة المتراكمة جراء الانبعاثات الناجمة عن النشاط البشري، سجلت مستويات قياسية في 2021 وقد زادت حرارتها بسرعة خصوصا خلال السنوات العشرين الأخيرة.

وارتفعت أيضا موجات الحر البحرية مع تداعيات مدمرة على الشعاب المرجانية وعلى نصف مليار شخص يعتمدون على البحار لتأمين الغذاء وسبل العيش.

كما شهدت 55 في المئة من مياه سطح المحيطات موجة حر بحرية واحدة على الأقل في العام 2022.

وتضاعفت وتيرة ارتفاع مستوى البحار في السنوات الثلاثين الأخيرة بسبب ذوبان الأنهر والصفائح الجليدية، ما يهدد عشرات ملايين الأشخاص الذين يعيشون في مناطق ساحلية خفيضة.

وقال مايك ميريديث كبير العلماء في بريتيش أنتركتيك سورفي “الرسائل الواردة في هذا التقرير لا يمكن أن تكون أكثر قتامة”. وأضاف “في كل أرجاء كوكب الأرض تحطمت مستويات قياسية فيما أجزاء مختلفة من منظومة المناخ تنهار”.

وقد بلغت غازات الدفيئة المسؤولة عن أكثر من 95 في المئة من الاحترار الحاصل، مستويات قياسية مع تحقيق غاز الميثان أكبر قفزة تسجل خلال عام بحسب التقرير السنوي للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية حول وضع المناخ العالمي.

في هذا العام أيضاً أثرت سلسلة من الظواهر المناخية القصوى التي عمّقها التغير المناخي، تأثيراً بالغاً في مجتمعات مختلفة عبر العالم. فقد تلت موجة حر استمرت شهرين في جنوب آسيا في مارس وأبريل، فيضانات في باكستان غمرت ثلث مساحة البلاد. وقضى فيها ما لا يقل عن 1700 شخص وتشرد ثمانية ملايين.

وفي شرق أفريقيا انحسرت الهطولات دون المعدل لأربعة مواسم أمطار متتالية وهي الأطول في 40 عاما ويتوقع أن يساهم هذا العام في اشتداد الجفاف.

أما الصين التي يغيب رئيسها شي جينبينغ عن قمة ”كوب 27“ فقد شهدت أطول موجة حر تسجل حتى الآن وأكثرها شدة، وثاني أكثر فصول الصيف جفافا.

الصين التي يغيب رئيسها شي جينبينغ عن قمة “كوب 27” شهدت هذا العام أطول موجة حر تسجل حتى الآن

وأدى تراجع مستوى المياه إلى اضطرابات الحركة التجارية أو هددها على نهر يانغستي في الصين وعلى نهر المسيسيبي في الولايات المتحدة والكثير من الأنهر الرئيسية في أوروبا التي عانت أيضا من موجات حر متكررة.

الدول الفقيرة التي تحمل أقل قدر مسؤولية في التغير المناخي، عانت أكثر من غيرها بسبب هشاشتها حيال تداعيات الوضع. وأوضح تالاس “لكن حتى المجتمعات المستعدة جدا لحقت بها أضرار كبيرة جراء ظواهر قصوى كما تبين من موجات الحر المطولة والجفاف في أجزاء واسعة من أوروبا وجنوب الصين”.

في جبال الألب الأوروبية حُطمت الأرقام القياسية في ذوبان الأنهر الجليدية في العام 2022 مع تراجع في معدل السماكة يتراوح بين 3 وأكثر من أربعة أمتار وهو الأعلى حتى الآن.

وقال ديف ريي رئيس معهد التغير المناخي في جامعة إدنبره “لو كان لا بد من شطب سنة تمثل عدم التحرك على صعيد المناخ فهي سنة 2022”، وأكد قائلاً “أمام العالم مهمة جبارة في الحد من الأضرار”.

ويمكن أن يؤدي ذلك كلّه، في حال استمر التقاعس الدولي عن القيام بما يجب من إجراءات تم الاتفاق عليها، إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار نصف متر، ولكن لا يمكن استبعاد ارتفاعه مترين بحلول نهاية القرن. وعن ذلك تقول ديان بلاك لاين، سفيرة أنتيغوا وبربودا، وقائدة مفاوضي المناخ لتحالف الدول الجزرية الصغيرة، إن شيئاً كهذا ”يمكن أن يكون له تأثير مدمّر على البلدان الساحلية المنخفضة“.

العرب