محادثات سعودية – صينية قبل توقيع اتفاقيات تتجاوز 29 مليار دولار

محادثات سعودية – صينية قبل توقيع اتفاقيات تتجاوز 29 مليار دولار

الرياض – بدأ الرئيس الصيني محادثات مع قادة السعودية في ثاني أيام زيارته للرياض الخميس، قبل التوقيع على اتفاقيات بمليارات الدولارات بين القوتين الاقتصاديتين الطامحتين لتعزيز تقاربهما، رغم تحذيرات واشنطن من تصاعد نفوذ بكين ووسط ترقب غربي وعالمي.

وأقامت السعودية استقبالا رسميا حافلا لضيفها الصيني، حيث صافح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الرئيس شي جين بينغ عندما خرج من سيارته لدى وصوله إلى قصر اليمامة في الرياض، المقر الرسمي للملك ومقر الديوان الملكي، بحسب لقطات بثتها وسائل الإعلام الحكومية.

ووقف المسؤولان جنبا إلى جنب بينما كانت فرقة تعزف النشيد الوطني لبلديهما، ثم سارا معا نحو مدخل القصر.

وحيا الرئيس الصيني أصدقاءه العرب، مؤكدا أن زيارته إلى المملكة “ستفتح عصرا جديدا للعلاقات بين الصين وبين العالم العربي ودول الخليج والسعودية”.

وقال الرئيس شي، في مقال تحت عنوان “توارث الصداقة الممتدة لآلاف السنين والعمل سويا على خلق مستقبل جميل” نشرته صحيفة “الرياض” الخميس، إن هذه الزيارة ستكون لتوارث الماضي وفتح الآفاق، وتهدف إلى تكريس الصداقة التاريخية بين الصين وبين الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي والسعودية.

وأضاف “يرجع تاريخ التواصل بين الصين والدول العربية إلى ما قبل أكثر من 2000 سنة. منذ ذلك الحين، يشهد طريق الحرير البري تبادلات كثيفة بين التجار والمسافرين، ويشهد طريق التوابل البحري تباري السفن الشراعية”.

وتابع “يمثل العالم العربي عضوا مهما في صفوف الدول النامية وقوة مهمة للدفاع عن العدل والإنصاف الدوليين، إن الشعوب العربية شعوب ساعية إلى التقدم، لما لها من الإيمان بالاستقلال ورفض التدخل الخارجي وعدم الخضوع لسياسة القوة والهيمنة”.

وأشار إلى أن “الدول العربية دول لها إمكانيات هائلة، لما لها من الموارد الطبيعية المتنوعة والصناعات المتميزة والإنجازات البارزة في البناء”.

ولفت إلى أن “الدول العربية تدعم بثبات مبدأ الصين الواحدة وتدعم جهود الصين للحفاظ على مصالحها الحيوية، وتدعم الصين جهود الدول العربية في الحفاظ على سيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها، ولم يغب الدعم الصيني الثابت والدائم يوما للدول العربية في القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا”.

وأضاف “تبقى الصين أكبر شريك تجاري لمجلس التعاون الخليجي وأكبر مستورد لمنتجاته البتروكيمياوية، وتجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين 230 مليار دولار أميركي، وتجاوزت واردات من النفط الخام من دول المجلس عتبة 200 مليون طن في عام 2021”.

وأكد أن “المملكة حققت نتائج إيجابية في الإصلاح للتنويع الاقتصادي والاجتماعي، كما أن المبادرات التنموية المهمة مثل ‘الشرق الأوسط الأخضر’ و’السعودية الخضراء’ تلفت أنظار العالم، الأمر الذي ساهم في مواصلة الارتقاء بمكانة المملكة وتأثيراتها العالمية في مجالات السياسة والاقتصاد والطاقة وغيرها”.

وتنعقد خلال زيارة الرئيس الصيني ثلاث قمم، هي “السعودية – الصينية، والخليجية – الصينية، والعربية – الصينية”، بحضور أكثر من 30 قائد دولة ومنظمة دولية، ما يعكس أهمية انعقاد هذه القمم، وما تحظى به من اهتمام إقليمي ودولي.

وبحسب وسائل إعلام سعودية حكومية، سيتم توقيع اتفاقيات بنحو 29.3 مليار دولار الخميس، في وقت تسعى الصين إلى تعزيز اقتصادها المتضرر من فايروس كورونا، بينما يسعى السعوديون، حلفاء الولايات المتحدة التاريخيون، إلى تنويع تحالفاتهم الاقتصادية والسياسية.

ويشارك الرئيس الصيني خلال الزيارة في قمتين خليجية – صينية وعربية – صينية يحضرهما قادة دول المنطقة الذين بدأوا بالفعل بالتوافد إلى العاصمة السعودية، وبينهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

وتعمل الصين، أكبر مستهلك للنفط السعودي، على تقوية علاقاتها التجارية والسياسية مع منطقة تعتمد منذ فترة طويلة على الولايات المتحدة في الحماية العسكرية، لكنها أعربت عن مخاوفها من تراجع الوجود الأميركي.

وبعد ساعات على وصوله الأربعاء، أعلنت وسائل الإعلام الحكومية السعودية عن 34 اتفاقية استثمار في قطاعات تشمل الهيدروجين الأخضر وتكنولوجيا المعلومات والنقل والبناء.

ولم تقدّم وكالة الأنباء السعودية الرسمية تفاصيل، لكنها قالت إن إجمالي التجارة بين البلدين بلغ 304 مليارات ريال سعودي (80 مليار دولار) في عام 2021، و103 مليارات ريال سعودي (27 مليار دولار) في الربع الثالث من عام 2022.

ويرى ولي العهد السعودي الشاب الأمير محمد بن سلمان أن الصين شريك مهم في “رؤية 2030” الاقتصادية الإصلاحية، حيث يسعى إلى إشراك الشركات الصينية في مشاريع عملاقة طموحة تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن الوقود الأحفوري.

وتشمل هذه المشاريع مدينة نيوم المستقبلية التي تبلغ قيمة الاستثمارات فيها 500 مليار دولار، وستعتمد بشكل كبير على تقنية التعرف على الوجه والمراقبة.

وقال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح إن زيارة شي ستسهم في رفع وتيرة التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، حيث تقدم الزيارة للشركات والمستثمرين الصينيين “عوائد”، بحسب وكالة الأنباء السعودية.

وأفاد دبلوماسيون مقيمون في الرياض بأن الرئيس الصيني قد يجري محادثات ثنائية الخميس مع زعماء عرب آخرين وصلوا إلى السعودية قبل قمتي الجمعة.

وإلى جانب السيسي، يصل الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى الرياض الخميس. كما أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي حضورهم.

ووفقا لوزارة الخارجية الصينية، فإن برنامج شي يمثّل “أكبر نشاط دبلوماسي على نطاق واسع بين الصين والعالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية”.

ولم يغب ذلك عن أعين البيت الأبيض الذي حذر من “النفوذ الذي تحاول الصين تنميته حول العالم”.

وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي للصحافيين الأربعاء “نحن مدركون للنفوذ الذي تحاول الصين توسيعه حول العالم. الشرق الأوسط هو بالتأكيد من بين هذه المناطق، حيث يرغبون بتعميق مستوى نفوذهم”، مضيفا “نعتقد أن العديد من الأمور التي يسعون إليها، وطريقة سعيهم إليها، لا تتلاءم مع الحفاظ على النظام الدولي الذي تحكمه قواعد” محددة.

وتابع كيربي “لا نطلب من الدول الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، لكن كما قال الرئيس مرّات عدّة، نعتقد أن الولايات المتحدة بالتأكيد في وضع يتيح لها القيادة في إطار هذه المنافسة الإستراتيجية”.

ولطالما كانت واشنطن شريكا وثيقا للرياض، لكن العلاقة توترت مؤخرا بسبب الخلافات حول سياسة الطاقة والضمانات الأمنية الأميركية لدول المنطقة وحقوق الإنسان.

ويقوم شي بثالث رحلة له إلى الخارج منذ أن دفعت جائحة كوفيد – 19 الصين إلى إغلاق حدودها والشروع في سلسلة من عمليات الإغلاق، مما أضر باقتصادها العملاق.

العرب