سجن ناشط بتهمة “إهانة الحشد” يقود إلى احتجاجات في جنوب العراق

سجن ناشط بتهمة “إهانة الحشد” يقود إلى احتجاجات في جنوب العراق

الناصرية (العراق)- قُتل متظاهران الأربعاء بالرصاص وأصيب نحو 20 آخرين بجروح في صدامات مع قوات الأمن في الناصرية جنوب العراق، خلال مسيرة للاحتجاج على حكم بالسجن في حق ناشط بسبب “إهانة الحشد” الشعبي.

وتتضمّن الاحتجاجات الجديدة إشارة واضحة إلى تزايد الغضب الشعبي على ميليشيا الحشد الشعبي، التي أصبحت تهدد النشطاء المعارضين للسلطة التي تهيمن عليها الأحزاب الموالية لإيران.

وحكمت محكمة في بغداد الاثنين على حيدر الزيدي بالسجن ثلاث سنوات بعد إدانته بتهمة إهانة قوات الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل مسلحة شيعية موالية لإيران وصارت منضوية في القوات الرسمية. ولا يزال بإمكان الزيدي البالغ من العمر 20 عاما استئناف هذا الحكم.

◘ كثيرون قارنوا الحكم على الزيدي بالسجن مع الإفراج مؤخراً بكفالة عن رجل أعمال متورط بفضيحة فساد وسرقة 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب

وأثار هذا الحكم جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما تظاهر الأربعاء المئات في مدينة الناصرية الفقيرة الواقعة في جنوب العراق.

وقال حسين رياض المتحدث باسم دائرة الصحة في محافظة ذي قار إن “متظاهريْن قتلا بالرصاص” وأصيب 21 آخرون بجروح، من بينهم خمسة بالرصاص في صدامات مع قوات الأمن خلال التظاهرة. وأفاد بأن هناك شرطيّا من بين الجرحى.

وتشهد الناصرية من وقت إلى آخر احتجاجات ينظمها ناشطون مناهضون للسلطة أو شباب متخرجون حديثاً يطالبون بوظائف في القطاع العام أو قطاع الطاقة في جنوب العراق الغني بالنفط.

وكانت الناصرية أحد أكبر معاقل انتفاضة أكتوبر 2019 في العراق، وقد شهدت احتجاجات في 2020 و2021، ما يكشف عن وجود مناخ اجتماعي يمهد لاستئناف تلك الانتفاضة غير المسبوقة نظرا إلى عدم تسجيل أي تقدّم نحو تحقيق المطالب التي رُفعت خلالها والتي تدور في مجملها حول الإصلاح وتحسين الأوضاع المعيشية ومحاربة الفساد الحكومي المستشري على أوسع نطاق ومحاسبة قَتَلة المتظاهرين.

وفي مركز الطب العدلي في الناصرية وقف محمد (أحد المتظاهرين) مع العشرات من أقرباء وأصدقاء القتيلين اللذين قضيا أثناء الصدامات، منددا بالتدخل “الوحشي” لشرطة مكافحة الشغب التي “أطلقت الرصاص الحي” على المتظاهرين في ساحة الحبوبي ذات الرمزية الكبيرة لدى المحتجين.

وقال “منذ (الثلاثاء) كان هناك جرحى (من احتجاجات 2019) يتظاهرون بشكل سلمي. وكانت هناك وقفة الثلاثاء في ساحة الحبوبي للمطالبة بالإفراج عن حيدر”.

وصدر الحُكم على الزيدي الموقوف حاليّا على خلفية تغريدة جرى حذفها منذ ذلك الوقت، ينتقد فيها أبومهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي الذي قتل في يناير 2020 مع اللواء الإيراني قاسم سليماني بضربة جوية أميركية على طريق مطار بغداد.

وتناقلت حسابات مقربة من الحشد صورا لهذه التغريدة.

وكتب الزيدي الأحد على حسابه في موقع فيسبوك أنه يمثل أمام المحكمة بتهمة “إهانة مؤسسات الدولة”، داعيا إلى القيام بوقفة احتجاجية لدعمه.

وفي إطار هذه القضية أوقف الزيدي لفترة وجيزة في يونيو قبل الإفراج عنه بكفالة بعد أسبوعين، كما قال على مواقع التواصل الاجتماعي.

وينفي الزيدي أن يكون هو من كتب التغريدة، مؤكدا ووالده أن حسابه على تويتر تعرض للقرصنة، كما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان ليل الثلاثاء.

وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في المنظمة، ضمن البيان إنه “بغض النظر عمّن نشر التغريدة، ينبغي ألا يُستخدم نظام العدالة العراقي كأداة لقمع أي انتقاد سلمي للسلطات أو العناصر المسلحة”.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي قارن كثيرون الحكم على الزيدي بالسجن مع الإفراج مؤخراً بكفالة عن رجل أعمال متورط بفضيحة فساد وسرقة 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب.

وفي يونيو الماضي نددت بعثة الأمم المتحدة في العراق بوجود “بيئة من الخوف والترهيب” تقيّد حرية التعبير في البلاد، متحدثةً عما قامت به “عناصر مسلحة مجهولة الهوية” من أعمال بهدف “قمع المعارضة والانتقاد”.

ويقوم البرلمان حاليا بقراءة مشروع قانون متعلق بـ”حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي”، مقدم من لجنة حقوق الإنسان “لرسم آلية لضمان حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي وحق المعرفة بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة”، وفق بيان صادر عن مجلس النواب.

العرب