تثير مساعي الكتل السياسية الكبرى في العراق لتغيير القانون الانتخابي قلق المكونات المدنية والأحزاب الناشئة، التي تخشى من أن تأتي مثل هذه التعديلات على حسابها، في ظل حديث متصاعد عن توجه إلى إعادة العمل بنظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.
وتحمّل القوى السياسية الكبرى، ولاسيما تلك المنضوية ضمن تحالف الإطار التنسيقي الشيعي القانون الانتخابي الحالي المسؤولية عن تراجع حظوظها في الانتخابات التشريعية السابقة التي جرت في سبتمبر من العام الماضي.
وترى هذه القوى أن القانون الانتخابي القائم أدى إلى تشتت قواعدها الشعبية بين الدوائر الانتخابية المختلفة، وتسعى اليوم إلى تدارك الأمر استعدادا للاستحقاق المقبل، بعد أن نجحت في تجاوز الانتكاسة الانتخابية الأخيرة التي منيت بها، والسيطرة مجددا على دفة السلطة بعد انسحاب التيار الصدري من المشهد.
وأكد عضو مجلس النواب صلاح التميمي وجود إجماع لدى الأطراف السياسية على تعديل قانون الانتخابات. وقال التميمي في تصريحات صحفية إن “الأطراف السياسية أجمعت على إجراء تعديلات على قانون الانتخابات”.
وأضاف أنه “تم تكثيف الجهود والاجتماعات حيال إنهاء هذا الملف”. وتابع، أنه “حال انتهاء العطلة التشريعية سيتم إقرار القانون، حيث تم البدء بالمراحل الأولى لتعديل القانون خصوصا من ناحية التوافق السياسي والاجتماعات”.
وكان رئيس الوزراء العراقي الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي قد أكد في وقت سابق من الشهر الجاري سعي تحالف “الإطار التنسيقي” للعودة إلى قانون الانتخابات القديم المعروف بـ”سانت ليغو” وفق قاسم انتخابي بواقع 1.7 في الدائرة الواحدة.
وقال المالكي في حديثٍ لقناة محلية “جميع الكتل السياسية مع تغيير قانون الانتخابات إلى قاعدة سانت ليغو 1.7، ويعني أن المحافظة تعود لتصبح دائرة واحدة، لأنني غير مقتنع بالقانون السابق”.
و”سانت ليغو” هي طريقة رياضية في توزيع أصوات الناخبين على القوائم الانتخابية المشاركة، فتُقسم الأصوات على 1.3 تصاعديا، حينها تحصل القوائم الصغيرة على فرص أكبر للفوز بمقاعد برلمانية، وكلما ارتفع القاسم الانتخابي، أي من 1.6 وأكثر، كلّما قلّت فرص تلك القوائم وزادت مقاعد الائتلافات الكبيرة.
وترى الأحزاب الناشئة والقوى المدنية في العراق أن العودة إلى هذا القانون يخدم مصالح القوى الكبرى، وهو يشكل ارتدادا خطيرا عن الوعود التي تم إطلاقها على خلفية الحراك الشعبي غير المسبوق الذي شهده العراق في أكتوبر 2019، ومن بينها إصلاح النظام السياسي.
ونجحت قوى مدنية ومستقلة أبرزها حركة “امتداد”، و”جيل جديد”، و”إشراقة كانون”، بفضل القانون الحالي في تحقيق نتائج مهمة في الانتخابات السابقة حيث حصدت 49 مقعدا بالبرلمان الجديد (من أصل 329).
وانتقد النائب عن “إشراقة كانون” مصطفى الكرعاوي ما يروج عن تعديل القانون الانتخابي، قائلا إن “القانون الأنسب للانتخابات هو القانون الذي تم اعتماده في الانتخابات السابقة عام 2021، وهو اعتماد الدوائر المتعددة والذي يعد أكثر إنصافا، على اعتبار أنه حصل توزيع عادل لتمثيل المناطق، ويفوز المرشح بأصواته وليس اعتمادا على أصوات رئيس كتلته، بالتالي سيكون مدينا له لأنه فاز بأصوات غيره”.
ونوه النائب عن كتلة “إشراقة كانون” في تصريحات صحفية بأهمية “من يفوز بالأصوات، والذي يكون استحقاقه أكثر، خصوصا من له سيرة ذاتية وشعبية ستكون فرصته أكبر بالفوز بالانتخابات، وبالتالي وجود تمثيل حقيقي لرأي الشعب”.
◙ متابعون يتوقعون أن يسرّع الإطار التنسيقي من تحركاته لتعديل القانون الانتخابي وهو الذي صادق على البرنامج الحكومي
وانتقد الكرعاوي “بعض الأشخاص الذين لديهم إمكانية هامة في الحصول على أصوات عالية، يقومون بتصعيد أشخاص لا يستحقون الفوز بالانتخابات، وهذا الأمر غير منصف”، معتبرا أن “بقاء القانون على وضعه هو الحل الأنسب”.
ويتوقع متابعون أن يسرّع الإطار التنسيقي من تحركاته لجهة تعديل القانون الانتخابي، وهو الذي صادق على البرنامج الحكومي الذي تضمن إجراء انتخابات جديدة في غضون عام.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد طرح في برنامجه الحكومي حزمة من التوقيتات في علاقة بالانتخابات، تبدأ بتعديل القانون الحالي في غضون ثلاثة أشهر من منح حكومته ثقة مجلس النواب، وإجراء الانتخابات بعد عام من ذلك على ألاّ تتجاوز في سقفها الزمني نهاية العام 2023، وعلى أن تسبقها انتخابات مجالس المحافظات المعطلة منذ عام 2018.
العرب