تستبعد أوساط نيابية عراقية إمكانية المصادقة على الموازنة العامة الأسبوع الحالي، في ظل خلافات مستمرة بين الكتل السياسية على العديد من البنود من بينها تلك المتعلقة بحصص المحافظات والوزارات.
وتقول الأوساط إن كل طرف سياسي يتعاطى مع الموازنة العامة التي تهم العام الحالي وعامي 2024 و2025 بمنطق لا يخلو من الحساسيات السياسية الخاصة به، في علاقة بالرهان الانتخابي المقبل، وهو الأمر الذي يتسبب في تأخر الاتفاق بشأنها.
وكان مجلس الوزراء العراقي أقر في الثالث عشر من مارس الماضي أضخم موازنة مالية في تاريخ البلاد، زادت عن 197 تريليونا و828 مليار دينار عراقي (نحو 152.2 مليار دولار)، وبعجز إجمالي يقدر بـ63 تريليون دينار عراقي.
لكن الأوساط النيابية تستبعد إمكانية الالتزام بهذا الموعد، لافتة إلى أن الخيار الأقرب هو التصويت الجزئي على الموازنة، وتأجيل النقاط الخلافية إلى وقت لاحق من أجل فسح المجال للاتفاق بشأنها.
وذكر النائب مصطفى الكرعاوي أنه “حتى هذه الساعة اللجنة المالية البرلمانية مستمرة في مناقشة فقرات قانون الموازنة، وهناك ملاحظات نيابية كثيرة على الفقرات، خصوصاً المتعلقة بالتخصيصات المالية للمحافظات وبعض الوزارات، ونحتاج إلى وقت للوصول إلى اتفاق حول تلك الفقرات”.
وقال الكرعاوي في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن “هناك تحفظات لدى بعض الكتل البرلمانية ونواب على قانون الموازنة، وهناك شبه تأكيد وإجماع على ضرورة إجراء تعديلات جوهرية على فقرات القانون، قبل تمريره، ودون ذلك صعب جداً تمرير القانون، ولهذا سنعمل على إجراء مناقلات في التخصيصات المالية من أجل إنصاف المحافظات”.
وأشار إلى أن “مجلس النواب يمكن أن يباشر التصويت على بعض فقرات قانون الموازنة، التي ليس عليها أي خلاف أو تحفّظ، وتأجيل الفقرات الخلافية إلى الأسبوع المقبل”.
واعتبر الكرعاوي أن “تمرير مجمل القانون خلال الأسبوع الحالي، نعتقد أنه أمر ليس سهلا، ويحتاج إلى توافق نيابي، وهذا التوافق غير موجود حتى الساعة، ما لم تجر التعديلات اللازمة على القانون”.
وكان نواب من وسط وجنوب العراق أعلنوا عن رفضهم المصادقة على الموازنة بصيغتها الحالية، مطالبين بإعادة النظر في التخصيصات المالية الموجهة إلى محافظاتهم.
ويرى مراقبون أن مواقف بعض النواب والكتل تبدو متأثرة على نحو بعيد بالانتخابات المحلية التي ستجري في نوفمبر المقبل، حيث تسعى هذه الكتل لتحصيل مكاسب للمحافظات التي تهيمن عليها وتملك فيها قواعد شعبية، وهو ما يفسر حجم الضغوط المتعلقة بهذه الفقرة.
حال عدم تخصيص الأموال المناسبة للمحافظة سيمتنعون عن المشاركة في جلسة التصويت على الموازنة العامة”. وكانت لجنة الخدمات والإعمار النيابية استضافت الأحد المحافظين في اجتماع خصص للتباحث بشأن الموازنة.
وذكرت اللجنة في بيان لها أن “أعضاءها استمعوا خلال اللقاء إلى احتياجات المحافظات فيما يتعلق بأولوية المشاريع وتوزيع التخصيصات المالية بشكل عادل بين المحافظات لكافة قطاعات الخدمات في مجال الطاقة والصحة والتربية والإسكان والماء والمجاري والطرق والجسور، فضلا عن ضرورة وضع الحلول للمعوقات المالية للمشاريع المتلكئة وتعزيز مبدأ اللامركزية الإدارية وتعزيز تخصيصاتها المالية”.
وأشار البيان إلى أن “لجنة الخدمات والإعمار النيابية بصدد رفع تقرير بشأن مشاريع المحافظات إلى اللجنة المالية لأخذها بعين الاعتبار والدراسة لتضمينها في الموازنة”.
ويتطلع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى المصادقة على الموازنة العامة، من أجل ضمان ولاية حكومية مستقرة نسبيا. ويقول متابعون إن الإطار التنسيقي، وهو الطرف السياسي المتحكم في المشهد العراقي حاليا، سيحرص على تمرير هذه الموازنة، على الرغم من الثغرات الكبيرة التي تتضمنها، والتي سبق أن حذر منها خبراء مال، لاسيما في علاقة بنسبة العجز.
وبقي العراق خلال العام 2022 بدون موازنة عامة، على خلفية الأزمة السياسية التي شهدها إثر الانتخابات التشريعية. وقد حاولت حكومة تصريف الأعمال السابقة، التي كان يترأسها مصطفى الكاظمي، إرسال موازنة، لكن فشل في ذلك بقرار من المحكمة الاتحادية العليا.
ويتم تسيير الوضع المالي حاليا وفق المادة 13 أولا من قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 التي تنص على أنه “في حالة تأخر إقرار الموازنة العامة الاتحادية، يصدر وزير المالية توجيها بالصرف للنفقات التشغيلية”، أبرزها رواتب الموظفين التي تتجاوز شهريا ستة مليارات دولار.
صحيفة العرب