أعلنت إيران، الثلاثاء، عن تجربة صاروخ فرط صوتي، في منعطف حقيقي في تاريخ صناعة الأسلحة ومقدمة لردع كبير في منطقة الشرق الأوسط، ومنها استحالة تنفيذ إسرائيل أي هجوم على إيران بل وحتى الولايات المتحدة.
واعتاد العالم على أن أخبار التقدم في الصناعة العسكرية تقتصر فقط على الدول الكبرى وأساسا الغربية وروسيا ولاحقا الصين ولكنه يتفاجأ في السنوات الأخيرة باقتحام دول تعتبر بمقاييس معينة من “العالم الثالث” أو “صاعدة” تقتحم هذا المجال بقوة وأساسا إيران وتركيا. ولأول مرة في تاريخ الحروب خلال القرون الثلاثة الأخيرة، يكون ضمن الأسلحة الرئيسية في حرب معينة، وفي هذه الحالة الحرب الروسية- الأوكرانية، الطائرات المسيرة “الدرون” الإيرانية والتركية. وكيف تعتمد دولة تمتلك صناعة عسكرية متطورة مثل روسيا على الدرون الإيراني “الشاهد” بمختلف أنواعه.
في هذا الصدد، أعلنت إيران، اليوم الثلاثاء، عن تجربة صاروخ فرط صوتي يحمل اسم “فتاح”، وهو من إنجاز القوة الجوفضائية الإيرانية ويبلغ مداه 1400 كلم. وبالتالي، الصواريخ فرط صوتية الإيرانية لديها القدرة على الطيران بسرعة تفوق 5 ماخ خمس مرات سرعة الصوت. وتقول إيران إن صاروخ “فتاح” تبلغ سرعته 13 ماخ، فهو يقارب 18 ألف كلم في الساعة. وإن كان هذا المعطى صحيحا، فهو رقم قياسي بين الصواريخ فرط صوتية.
وتعني هذه التجربة الصاروخية، ثلاثة أمور رئيسية وهي:
في المقام الأول، تقدم ملحوظ في الصناعة العسكرية الإيرانية، لأن صنع محرك صاروخ فرط صوتي يتطلب تقنية عالية للغاية، تتوفر حتى الآن لكل من روسيا في الدرجة الثانية ثم الصين وبعدها الولايات المتحدة، وأعلنت كوريا الشمالية عن تصنيع صاروخ فرط صوتي، بينما الدول الغربية ذات التاريخ في الصناعة العسكرية مثل فرنسا وبريطانيا لم تنجح حتى الآن في صناعة صاروخ فرط صوتي. وإذا كانت إيران قد صنعت صاروخا بهذه السرعة، فهي قادرة على صناعة أنظمة اعتراض جوي متقدمة. في هذا الصدد، لا يمكن فهم نظام الاعتراض الجوي الأكثر تطورا في العالم إس 500 الروسي بل وحتى 400 الذي اقتنته تركيا دون التقدم في الصواريخ فرط صوتية. وإلى جانب البرنامج النووي الإيراني، كان الغرب يريد فرض حظر تطوير إيران للصواريخ ولكنه فشل في هذا المسعى.
يمنح هذا الصاروخ للقوات العسكرية الإيرانية قدرة ردع كبيرة للغاية، وذلك من خلال إصابة أهداف بعيدة ونسبة عالية في التدمير
في المقام الثاني، يمنح هذا الصاروخ للقوات العسكرية الإيرانية قدرة ردع كبيرة للغاية، وذلك من خلال إصابة أهداف بعيدة ونسبة عالية في التدمير، ولا توجد أنظمة مضادة للطيران قادرة على اعتراض هذه الصواريخ بسهولة نظرا للفارق بين سرعتها وسرعة الأنظمة المستعملة مثل القبة الحديدية الإسرائيلية أو نظام باتريوت الأمريكي. كما سيجعل هذا الصاروخ إيران محصنة من هجمات قد تشنها إسرائيل بل وحتى الولايات المتحدة خوفا من الرد. وعلاقة بهذه النقطة الأخيرة، أي شن هجمات ضد إيران، فإن الإعلام الغربي وعددا من الخبراء ثم المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين يتحدثون ومنذ عشرين سنة عن هجمات إسرائيلية وأمريكية ستستهدف البرنامج النووي الإيراني، غير أن هذه الهجمات لم تقع نهائيا. ويعود السبب الى التخوف من خطر الصواريخ الإيرانية.
لا توجد أنظمة مضادة للطيران قادرة على اعتراض هذه الصواريخ بسهولة نظرا للفارق بين سرعتها وسرعة الأنظمة المستعملة مثل القبة الحديدية الإسرائيلية أو نظام باتريوت الأمريكي
في المقام الثالث، إذا ما قررت إيران مستقبلا بيع هذه الصواريخ لدول صديقة خاصة إذا جعلتها تنطلق من منصات ثابتة وليس من الغواصات والسفن الحربية والمقاتلات، فهي قادرة على تغيير الكثير من الموازين العسكرية في عدد من المناطق. وينظر الغرب بقلق إلى إقدام تركيا وإيران على الإخلال بموازين القوى في مناطق معينة بسبب بيع الطائرات بدون طيار.
القدس العربي