أمريكا واغتيال أبو عاقلة: فارق الجنرال والسيناتور

أمريكا واغتيال أبو عاقلة: فارق الجنرال والسيناتور

نشر السيناتور الديمقراطي الأمريكي كريس فان هولين بياناً مستفيضاً حول جريمة قتل الصحافية الفلسطينية ـ الأمريكية شيرين أبو عاقلة، التي استشهدت برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلية يوم 11 أيار/ مايو 2022 أثناء قيامها بتغطية غارة عسكرية إسرائيلية على مخيم جنين في الضفة الغربية.
وبوصفه أحد أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، كان فان هولين قد طالب الإدارة الأمريكية بنشر التقرير السري الذي أعده الجنرال مايكل فنزل منسق الأمن الأمريكي بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال حول استشهاد أبو عاقلة، وماطلت وزارة الخارجية الأمريكية في تلبية هذا الطلب حتى رضخت أخيراً وأتاحت للسناتور الاطلاع على محتوياته.
وإذا كان فان هولين قد أطرى أشغال فنزل وفريقه من باب اللباقة غالباً، فإنه شدد بوضوح على مسائل عديدة ذات طبيعة إشكالية تكتنف التقرير، وعلى رأسها أن المحققين الأمريكيين لم يقابلوا الشهود المباشرين على الواقعة، ولم يتمكنوا بالتالي من إجراء تحقيق مستقل، وجاءت نتائجهم أقرب إلى تلخيص تقارير أخرى منها إلى إضافة حقائق ناجمة عن مشاهدات ميدانية.
كذلك حضّ السيناتور إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على نشر التقرير لأن توفيره للعموم «أمر حيوي لضمان الشفافية والمساءلة في مقتل المواطنة والصحافية الأمريكية شيرين أبو عاقلة بالرصاص، ولتجنب الوفيات غير المشروعة في المستقبل ـ وهي أهداف يجب أن ندعمها جميعاً». هذا مع العلم أن التقرير التلخيصي «لا يلقي، ولا يمكن أن يلقي، ضوءاً جديداً على الحالة الذهنية للفرد المسؤول عن إطلاق الرصاصة القاتلة» كما أضاف فان هولين.
ومن المعروف أن مواقف الخارجية الأمريكية كانت قد ابتدأت من افتراض خجول يفيد بأن «النيران الإسرائيلية ربما تكون مسؤولة عن قتل الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، لكن الاستنتاجات ليست حاسمة» بسبب أن الرصاصة تعرضت لأضرار بالغة تعيق التوصل إلى نتيجة قاطعة. ثم انتقلت إلى الزعم بأن الإدارة تبحث عن تحقيق مستقل، كما رفضت تأكيد أو نفي التسريبات حول تكليف مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي بمتابعة الواقعة، وانتهت اليوم إلى تصريح وزير الخارجية أنتوني بلينكن بأن واشنطن تدعو دولة الاحتلال إلى «مراجعة قواعد الاشتباك العسكرية».
وليس بيان السيناتور فان هولين سوى المساهمة الأحدث في إدانة جرائم الاحتلال، خاصة وأنه يعقب انتقادات صريحة وجهها الرجل إلى الإدارة الأمريكية خلال جلسة اجتماع فرعية في مجلس الشيوخ. وهو يندرج أيضاً في مجموعة التحقيقات المستقلة التي بادرت إلى إجرائها الأمم المتحدة، ومؤسسات إعلامية أمريكية بارزة مثل «سي إن إن» و«واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» لا تُشتهر بمعاداة دولة الاحتلال، وانتهت جميعها إلى تحميل البندقية الإسرائيلية مسؤولية استشهاد أبو عاقلة.
والفارق بين فنزل وفان هولن لا يقتصر على تباين مقاربة عسكرية مقابل أخرى مدنية، بل هو في نهاية المطاف وفاء للحقيقة ورفض لألاعيب الإفلات من العقاب عند السيناتور، وتواطؤ يرقى إلى ترخيص غير مباشر بإعدام صحافية عند الجنرال.

القدس العربي