مصالح فاغنر تدفعها إلى الاستمرار ببريغوجين أو دونه

مصالح فاغنر تدفعها إلى الاستمرار ببريغوجين أو دونه

موسكو – بعد أن ساد اعتقاد أن قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين قد مات أصبح مصير شبكة العمليات العسكرية والتجارية المعقدة والمربحة، التي كونها هو وفاغنر لروسيا في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، على المحك.

قبل يوم واحد من تحطم طائرة يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، زار مسؤول روسي ليبيا لطمأنة الحلفاء هناك بأن مقاتلين من فاغنر سيبقون في البلاد لكن تحت سيطرة موسكو.

وقال مسؤول ليبي مطلع على الأمر إن نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف أبلغ خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي خلال اجتماع في بنغازي الثلاثاء أن قوات فاغنر ستكون تابعة لقائد جديد.

وذكر الباحث الليبي جلال حرشاوي من المعهد الملكي للخدمات المتحدة أنه لا يوجد مؤشر على أن التوقيت لم يكن مجرد صدفة. ومع ذلك، تشير زيارة يفكوروف إلى أن “البصمة الروسية في ليبيا… قد تزيد وتتوسع بدلا من أن تتقلص”.

ويعد الاجتماع العسكري، الذي أعقب تمردا لم يكتمل لبريغوجين وقوات فاغنر على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يونيو الماضي، دلالة على أن موسكو لا تعتزم التخلي عن الشبكة العالمية التي كونتها مجموعة المرتزقة.

وخاضت مجموعة فاغنر معارك كبيرة في أوكرانيا، وشاركت في حروب أهلية وحركات تمرد في سوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، وسيطرت على مناجم ذهب وحقول نفط في طريقها.

وكان بوتين قد زاد عمليات فاغنر بالفعل في سوريا. وبعد التمرد سلمت قوات فاغنر في أوكرانيا قاعدة للجيش النظامي الروسي وبدأت تنتقل إلى معسكر للجيش في روسيا البيضاء، لكن لم يتضح عددها هناك.

وفي أفريقيا قد تظل المجموعة كما هي إلى حد ما في ظل إدارة جديدة أو تُضم إلى مجموعة روسية أخرى من المرتزقة. لكن قدرتها على العمل في أماكن قد لا يكون لموسكو فيها وجود رسمي أو قانوني تجعلها أداة لا تقدر بثمن في يد الكرملين لتنفيذ سياسته الخارجية.

وقال جون ليتشنر، وهو باحث مقيم في الولايات المتحدة يؤلف كتابا عن بريغوجين، “فاغنر مبعث قلق دائم. هناك عقود، إنها بمثابة نشاط تجاري، ويجب أن تستمر”.

وأضاف “من ناحية المصداقية، ستحاول فاغنر إعطاء الانطباع بأن الأمور تسير بشكل طبيعي، وأنها لا تزال شريكا”.

وكثف بريغوجين جهوده، بعد التمرد الذي شنه في يونيو، لتعزيز وجود فاغنر في أفريقيا. وقال في مقطع فيديو نُشر الاثنين من دولة أفريقية لم يذكر اسمها “شركة فاغنر العسكرية الخاصة تجعل روسيا أعظم في كل القارات، وتجعل أفريقيا أكثر حرية”.

ربما لم ترحب موسكو بهذا التحرك، ووردت أنباء عن أن الكرملين يؤسس شركات بديلة لتقوم بعمليات فاغنر، ولكن لا يبدو أن أيا منها قادر على القيام بذلك في الوقت الراهن.

ولا يتوقع المحللون تغيرا يذكر حاليا في البلدان التي تعمل فيها فاغنر بموجب اتفاقيات رسمية مع موسكو.

ولم يرد متحدث باسم حفتر على استفسارات بشأن الاجتماع مع المسؤول الروسي، لكنه قال في وقت سابق إن الرجلين ناقشا التعاون العسكري بما يشمل تنسيق التدريب على الأسلحة الروسية. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن المحادثات ستتناول التعاون في مكافحة الإرهاب.

ونعى فيديل جواندجيكا المستشار السياسي لرئيس جمهورية أفريقيا الوسطى بريغوجين ووصف نبأ وفاته بأنه “محزن للغاية” لأن رجاله “ساعدوا على إنقاذ الديمقراطية” من خلال مساعدة الحكومة في الحرب الأهلية.

مجموعة فاغنر تحاول إعطاء الانطباع بأن الأمور تسير بشكل طبيعي وأنها لا تزال شريكا

وذكر أن فاغنر موجودة في جمهورية أفريقيا الوسطى بموجب اتفاق على مستوى الدولة مع روسيا، وبالتالي “لن يؤثر أي شيء على وجود هؤلاء المدربين”. وأضاف أن بريغوجين “قائد ميت، ويمكننا استبداله”.

وقال عثمان باري المحلل السياسي في بوركينا فاسو إن حالة الضبابية شكلت مخاطر في أفريقيا.

وأردف قائلا “يمكننا بالفعل تصور الصعوبات العملية التي قد تواجهها الحركة الآن، وغني عن البيان أن ذلك ستكون له تداعيات على الدول الأفريقية التي تعمل فيها فاغنر”.

وقد يكون تحديد مصير أصول فاغنر الاقتصادية أكثر صعوبة من تحديد الأصول الأمنية. ولا توجد أي معلومات عن مصير شركة “إيفرو بوليس” التي يقال إن فاغنر تمتلكها ولها أصول نفطية في سوريا.

ولا يوجد إلا قدر قليل من المعلومات عن حجم ما تجنيه المجموعة من أعمال التعدين وقطع الأشجار في جمهورية أفريقيا الوسطى وغيرها من دول القارة، لكن محاولة وضع هذه الأصول تحت السيطرة الروسية المباشرة، أو تسليمها إلى متعاقد آخر، ستكون صعبة.

وقال ليتشنر “لا يمكنك شراء شركة وطرد جميع الموظفين ثم تتوقع أن تسير الأمور بنفس الطريقة. ربما تتغير طريقة تقسيم الكعكة، لكن الكعكة لا تزال موجودة”.

العرب