احتجاجات السويداء تؤجج مخاوف النظام السوري من امتدادها إلى المناطق الساحلية

احتجاجات السويداء تؤجج مخاوف النظام السوري من امتدادها إلى المناطق الساحلية

دمشق – تؤجج احتجاجات السويداء التي عجز النظام السوري عن احتوائها المخاوف لدى المسؤولين من امتدادها إلى المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط، وهي معاقل أقلية الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد، حيث أطلق نشطاء مؤخرا دعوات نادرة للإضراب. وشهدت الكثير من المدن والبلدات في عموم المناطق السورية خروج مظاهرات تنادي بإسقاط النظام وتأييد الإضراب الذي تشهده محافظة السويداء، وقُطعت أغلب الطرقات في محافظة درعا في جمعة خصصت لدعم محافظة السويداء.

وأكد ياسر الحناوي أحد منظمي الحراك المدني في محافظة السويداء أن “أعداد المتظاهرين زادت بشكل كبير (…) بعد وصول المئات من أبناء البلدات والقرى وتحويل ساحة السير إلى ساحة للاحتجاج والاعتصام في يومه السادس”. وزاد من حماس المعتصمين التأييد الواسع من قبل جميع أبناء المحافظات المشاركة بالمظاهرات والمؤيدة والمساندة للسويداء من الشمال إلى المحافظات الشرقية وغيرها.

وأضاف الحناوي “ردد المتظاهرون الشعارات التي تطالب بإسقاط النظام، ووحدة سوريا، وتم اليوم (الجمعة) رفع علم الثورة السورية في ساحة السير وفي بلدة القريا أمام ضريح سلطان باشا الأطرش، وشهد اليوم انضمام الشيخ حمود الحناوي أحد أبرز رجال الدين في محافظة السويداء إلى المعتصمين”.

وهتف محتجون كانوا قد أحرقوا ملصقا ضخما للأسد معلقا في الميدان الرئيسي “ارحل، ارحل يا بشار” و”بدنا ناكل يا بشار”. وسُمعت هذه الهتافات نفسها في بداية الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في 2011، والتي واجهت حملة قمع عنيف من قوات الأمن وأشعلت شرارة صراع مستمر منذ أكثر من عقد.

وقالت قوات الأمن إن السلطات في دمشق حريصة على تفادي أي تصعيد في السويداء. وظلت المدينة تحت سيطرة الحكومة خلال الصراع ولطالما قاومت الأقلية الدرزية في المدينة استدراجها إلى حرب أهلية يحارب فيها بشكل رئيسي معارضون من الأغلبية السنية في سوريا حكم الأسد.

ولم تذكر وسائل الإعلام الرسمية الاحتجاجات، لكن معلقين موالين للحكومة اتهموا قوى أجنبية بتأجيج الاضطرابات وحذروا من تفشي الفوضى إن استمرت الاحتجاجات. وقال ريان معروف الناشط المدني والمحرر في موقع “السويداء 24” الإخباري المحلي “إن أعلن النظام الحرب على المحافظة، فسندخل في دائرة من إراقة الدماء كنا قد نجونا منها وتفتح الباب أمام جميع الاحتمالات”.

وتشهد محافظتا درعا والسويداء منذ سنوات حالة من الفوضى والفلتان الأمني على خلفية انتشار عصابات الخطف والسلب بشكل كبير في ظل غياب الدور الأمني للنظام للحد من هذه الانتهاكات، في حين تواصل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام حملات الاعتقال في محافظة درعا، على الرغم من التعهدات والضمانات التي قدمها الجانب الروسي لأهالي المحافظة في عمليات التسوية مع النظام التي انطلقت عام 2018.

وفاقمت أزمة شح المحروقات التي عصفت بمناطق سيطرة النظام مؤخرا من معاناة أهالي المحافظتين معيشيا وخدميا. فإلى جانب ندرة المحروقات وانقطاعها لأيام حتى في السوق السوداء، يعاني الأهالي من ساعات القطع الكهربائي التي تصل إلى 22 ساعة يوميا. وتواجه شريحة واسعة من سكان المحافظتين أسوأ واقع معيشي على الإطلاق منذ اندلاع الصراع في البلاد، حيث الغلاء الفاحش في أسعار معظم السلع الأساسية والبطالة المستشرية بين الشباب.

◙ أعداد المتظاهرين زادت بشكل كبير بعد وصول المئات من أبناء البلدات والقرى وتحويل ساحة السير إلى ساحة للاحتجاج والاعتصام

وكان الرئيس السوري أصدر الأسبوع الماضي مرسوما بزيادة الأجور بنسبة 100 في المئة، وأعلنت الحكومة السورية قرارات بزيادة أسعار المحروقات بنسبة 150 إلى 200 في المئة ما يهدد بتوقف الحركة الزراعية والتجارية في ظل قطع التيار الكهربائي وعدم تأمين المشتقات النفطية من بنزين وديزل بالسعر الذي أعلنت عنه الحكومة، في حين تتوفر المحروقات في السوق السوداء بأسعار تبلغ أكثر من الضعف إلى ثلاثة أمثال السعر الرسمي.

وتمر سوريا بأزمة اقتصادية متفاقمة هوت بالعملة إلى مستوى قياسي بلغ 15500 ليرة مقابل الدولار يوم الأربعاء في تراجع سريع للغاية لقيمتها. وفي بداية الصراع، كان الدولار يتداول عند 47 ليرة. ويهدف خفض الدعم الذي كان سخيا في السابق إلى تخفيف العبء عن المالية العامة للدولة المتضررة من العقوبات، وتقول الحكومة إن تلك الخطوة ستؤثر فقط على الأغنياء.

لكن العديد من المحتجين يقولون إن هذه الخطوة زادت من محنة المواطنين العاديين الذين يعانون من تداعيات حرب مستمرة منذ أكثر من عقد ويجدون الآن صعوبة في توفير الغذاء والمواد الأساسية وسط التضخم المتفشي وتآكل الدخل. وتُنحي السلطات السورية باللائمة على العقوبات الغربية في المصاعب التي تواجهها البلاد. وشهدت المناطق الساحلية، التي تعد معقلا لأنصار الأسد، عدة احتجاجات صغيرة الشهر الماضي على المداخيل المنخفضة.

العرب