انعكس الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي على اضطراب الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة والعراق، حيث شهدت قواعد التحالف الدولي لا سيما القواعد الأميركية هجمات متكررة منذ بداية الحرب في غزة عبر طائرات مسيرة وصواريخ.
وتكررت مشاهد استهداف القواعد الأجنبية في أربيل بشمال العراق، ويرى متخصصون في الشأن العراقي لـ “اندبندنت عربية”، أن جزءاً من استراتيجية الفصائل في العراق هي محاولة الابتعاد عن الخطوط التقليدية.
وكشف جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان، الخميس، تفاصيل القصف الذي تعرضت له قاعدة عسكرية في محافظة أربيل. وقال، في بيان، “بحسب معلومات جهاز مكافحة الإرهاب فإن طائرة مسيرة مفخخة هاجمت مساء الخميس مطار حرير في محافظة أربيل”.
وذكر البيان أن المطار كان يستخدم سابقاً كقاعدة للتحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” لكنها أُفرغت في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على إثر هجوم تسبب باندلاع النيران في مخزن وقود القاعدة.
وتبنت ما يسمى بـ”المقاومة الإسلامية في العراق” العديد من الهجمات الأخيرة التي تستهدف القواعد العسكرية التابعة للتحالف الدولي في عدد من محافظات العراق، آخرها الخميس الماضي.
وكانت السفيرة الأميركية، في بغداد، ألينا رومانوسكي، أكدت قيامها بزيارة إلى إقليم كردستان من أجل التأكيد على التزام أميركا تجاه المنطقة وضمان استمرار التعاون الأمني والعمل معاً لوقف الهجمات على المصالح الأميركية.
وأكد عضو مجلس النواب، محمد البلداوي، أن واشنطن دائماً ما تضع أربيل في “موقف لا يحسد عليه”. وقال البلداوي، في تصريح صحافي، إن “كردستان تعوّل كثيراً على الجانب الأميركي في عدة ملفات واتفاقيات، حيث واجهت صعوبات بالغة، اضطرت على إثرها للتراجع بعدما تركت أميركا الإقليم بوضع لا يحسد عليه”.
لكن النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد، أكد، في وقت سابق، أن “ملف استهداف القوات الأميركية لا يتعلق بإقليم كردستان، بل هو يتعلق بالحكومة الاتحادية”، معتبراً أن “الإقليم لا يستطيع منع تلك الهجمات على أي قاعدة عسكرية أميركية”.
الخطوط التقليدية
بدوره، اعتبر المتخصص في الشأن العراقي، عصام الفيلي، أن جزءاً من استراتيجية الفصائل في العراق هي محاولة الابتعاد عن الخطوط التقليدية، مبيناً أن هذه الفصائل ترى أن إقليم كردستان قد يكون أكثر أمناً بالنسبة إلى الولايات المتحدة سواء من ناحية تواجد مستشاريها أو الهيئات الدبلوماسية، وهي تسعى دائماً إلى ضرب هذه القواعد بالدرجة الأولى كونها لا تمثل طرق تقليدية.
أضاف أن طبيعة تواجد كثير من الفصائل في حدود أقليم كردستان يهيئ لها أسلوب مناوبة في عملية الاستهداف سواء كان من حيث الطائرات المسيرة أو الصواريخ، مبيناً أن كل هذه الهجمات تكاد تكون ضربات مناورة وليست ضربات مباشرة.
“فصائل مقاومة”
في السياق، وصف المتحدث باسم “ائتلاف النصر”، عقيل الرديني، أنه “في الفترة الأخيرة، أي بعد إعلان الحرب في غزة، أغضب الدعم أميركي والغربي الواضح لإسرائيل خلافاً لكل القوانين معظم الشعوب العربية، وكذلك بدأت هناك ضربات ضد المصالح الأميركية أو القواعد الأميركية المتواجدة في العراق كرد فعل على انحياز أميركا الواضح إلى إسرائيل”.
ودعا الرديني الحكومة العراقية إلى بذل المزيد من المساعي الدبلوماسية لإيجاد مخرج لهذه الأزمة من دون تبعات قد تصيب الشعب العراقي. ونوّه إلى أن ما حدث في الأيام القليلة الماضية من ضرب للقواعد والمصالح الأميركية في عموم العراق وليس فقط داخل أراضي الإقليم قد يزداد مع زيادة الضغط على غزة.
رؤية الفصائل
في الأثناء، أشار المحلل الأمني عماد العلو إلى أن الهجمات لا تتركز فقط على القواعد الأميركية في كردستان وإنما أيضاً على قاعدة “عين الأسد” في الأنبار وبغداد وغيرها من الأماكن التي تتواجد بها القواعد الأجنبية وكذلك على الحدود العراقية السورية.
وأكد أن هذه المسألة تتعلق برؤية هذه الفصائل التي تقوم بهذا العمليات واختيارها للأهداف بحسب الكثافة العسكرية الموجودة ومحاولة عدم كشف نفسها.
من جهته، قال الباحث السياسي والأمني، عقيل الطائي، إن الضربات ضد القواعد الأميركية في إقليم كردستان يحرج حكومة أربيل باعتبارها هي المسؤولة عن ضبط الأمن في الإقليم. وأضاف أن قرب هذه القواعد من مناطق آمنة تستخدمها الفصائل المسلحة ساعد في سهولة التنفيذ وأربك الأمن في أربيل وكذلك العلاقة الطيبة لأربيل مع الولايات المتحدة.