رحيل كيسنجر: مهندس الإبادات وحامي إسرائيل!

رحيل كيسنجر: مهندس الإبادات وحامي إسرائيل!

قام هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي ومستشار الأمن القومي الأسبق (في إدارتي الرئيسين الأمريكيين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد)، قبل أشهر، بتذكير العرب والمسلمين بأنه ما زال مؤثرا وفاعلا في تاريخهم الحديث، وذلك عبر مقابلة مع صحيفة «معاريف» الإسرائيلية.
تم نشر المقابلة في 22 أيلول/سبتمبر الماضي أي قبل 15 يوما من الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر 1973 (و16 يوما من عملية «حماس» في غلاف غزة)، وقال فيها إن المسؤولين الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية اجتمعوا في اليوم الأول من ذلك الحدث وقرروا «منع نصر عربي في الحرب».
صحّح كيسنجر في تلك المقابلة الحكاية التي زعمها صانعو فيلم «غولدا» (الذي صدر هذا العام أيضا) كاشفا أنه هو الذي رفض طلبا إسرائيليا لوقف إطلاق النار «بينما تستمر المكاسب المصرية في ساحة المعركة»، وهو أمر نسبه الفيلم لرئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير، وأنه «عارض بشدة» فرض اتفاق على إسرائيل تسحب فيه قواتها إلى حدود عام 1967، رغم أن وزراء خارجية عرب زاروا واشنطن وعرضوا «اعترافا عربيا شاملا بإسرائيل مقابل الانسحاب»، متبجحا بالقول إن أي إدارة أمريكية مغايرة كانت ستسعى لحصول ذلك الاتفاق.
تتضمن «إنجازات» كيسنجر ضد العرب والفلسطينيين أيضا نقاش المسؤولين الأمريكيين، حسب وثائق رسمية بريطانية كشفت عام 2004، أثناء حرب 1973 لفكرة «احتلال حقوق النفط» في الخليج العربي بعد إعلان الدول العربية حظرا نفطيا على أمريكا وحلفاء إسرائيل، كما تتضمن منع الإدارة الأمريكية من الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وذلك برعايته «مذكرة تفاهم» تلزم أمريكا بعدم الاعتراف بالمنظمة أو التفاوض معها ما لم تعترف «بحق إسرائيل في الوجود»
على مستوى العالم ساهم كيسنجر في إطالة أمد حرب فيتنام وتوسيع الصراع ليشمل كمبوديا، والموافقة على عمليات الإبادة الجماعية في كمبوديا وتيمور الشرقية وبنغلاديش، وتسريع الحروب الأهلية في جنوب القارة الأفريقية، ودعم الانقلابات وفرق الموت في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية، وحسب إحصاء قام به كاتب لسيرته الذاتية، فإن يدي وزير الخارجية الأمريكي الأسبق «ملطختان بدماء ما لا يقل عن 3 ملايين شخص»، وسياساته مهّدت الطريق للمذابح الأمريكية خلال فترة «الحرب على الإرهاب» من أفغانستان إلى العراق.
ضمن السياق الآنف يمكن اعتبار كيسنجر مسؤولا رئيسيا عن منع حصول تسوية عربية تاريخية مع إسرائيل، وهو ما يعني أن الوزير الأسبق حجز مكانا تاريخيا له في صناعة مجمل الحروب والمجازر والتداعيات التي جرت لاحقا وقادت المنطقة إلى مسلسل متواصل من الكوارث، وصولا إلى حرب الإبادة التي تنفذها إسرائيل في غزة حاليا.