يعتمد الرئيس الأمريكي جو بايدن على مجموعة صغيرة من المستشارين المخضرمين للمساعدة في التعامل مع الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس”، الذي أودى حتى الآن بحياة الآلاف، وأدى لانقسام الحلفاء الغربيين، مع وجود خطر التصاعد إلى حرب أوسع نطاقاً.
أنتوني بلينكن- دبلوماسية مكوكية
سافر بلينكن (61 عاماً)، وهو مستشار لبايدن في شؤون السياسة الخارجية منذ فترة طويلة، إلى الشرق الأوسط ثلاث مرات منذ اندلاع الصراع، منها ست زيارات إلى إسرائيل، محاولاً التوفيق بين الحاجة إلى إبداء التضامن مع إسرائيل بعد هجمات “حماس” ومحاولة الحدّ من التوتر في المنطقة.
يتحدث بلينكن بهدوء ورصانة على أنه خبير سياسي، وقد استحضر تراثه اليهودي، وأجرى لقاءات مشحونة بالعواطف
وخلال رحلاته المكوكية بين إسرائيل والدول المجاورة ذات الغالبية المسلمة، رفض بلينكن الدعوات لوقف إطلاق النار، لكنه ضغط على إسرائيل للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وخصوصاً خلال مفاوضات استمرت لتسع ساعات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومة الحرب، في أكتوبر تشرين الأول.
وغالباً ما يُنظر إلى بلينكن، الذي يتحدث بهدوء ورصانة على أنه خبير سياسي، وقد استحضر تراثه اليهودي، وأجرى لقاءات مشحونة بالعواطف في تل أبيب مع الناجين من هجمات السابع من أكتوبر تشرين الأول. وتحدث بلينكن، وهو أب لطفلين صغيرين، مراراً عن تأثره شخصياً بالصور التي تظهر معاناة الأطفال على جانبي الصراع.
جيك سوليفان- الرجل الذي يقدم النصائح الأخيرة
كثيراً ما يلجأ بايدن إلى سوليفان، مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، عندما يدرس الخيارات النهائية ويبحث عن النصيحة والمشورة.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين: “هو يضع ويطرح الخيارات السياسية أمام الرئيس حتى يتخذ قراره.. وغالباً ما يكون جيك الرجل الأخير في الغرفة الذي يقدم للرئيس نصائحه ومشورته وتوصياته بشأن كيفية المضي قدماً”.
وكان سوليفان (47 عاماً) مستشاراً لبايدن لشؤون الأمن القومي عندما كان نائباً للرئيس، كما كان نائباً لمدير مكتب وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.
يجمع سوليفان خيارات السياسة من مختلف الوكالات الحكومية، ويُعدّها للعرض على بايدن حتى يأخذها في الاعتبار، وهو الدور التقليدي لمستشار الأمن القومي.
غالباً ما يكون جيك سوليفان الرجل الأخير في الغرفة الذي يقدم للرئيس نصائحه ومشورته وتوصياته بشأن كيفية المضي قدماً
وقال المسؤول: “هو في الواقع قائد أوركسترا ضخمة وسريعة الحركة”.
بريت مكجورك- المفاوض
عندما احتاج بايدن إلى مبعوث للمساعدة في التفاوض على إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى مقاتلي “حماس” منذ هجومهم الدامي على إسرائيل، في السابع من أكتوبر تشرين الأول، أرسل بريت مكجورك، منسق مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البالغ من العمر 50 عاماً.
ومن المعروف أن مكجورك، الذي تولى أدواراً في الأمن القومي في عهود الرؤساء جورج دبليو بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب، يغوص في التفاصيل مع كبار المسؤولين في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وقاد مكجورك، قبل الصراع بين إسرائيل و”حماس”، المفاوضات للتوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل مقابل التزامات دفاعية أقوى للسعوديين من الولايات المتحدة، لكن الحرب في غزة تسبّبت في تجميد تلك الجهود.
وقال مسؤولون أمريكيون إنه عندما وافقت إسرائيل و”حماس” على تبادل الرهائن، في اتفاق توسّطت فيه قطر، في 21 نوفمبر تشرين الثاني، كان مكجورك في الدوحة يجتمع مع رئيس الوزراء القطري للعمل على وضع إطار لهذا الاتفاق.
ويعتمد مكجورك على مجموعة واسعة من الاتصالات الحكومية وغير الحكومية في منطقة الشرق الأوسط.
وقال المسؤول الأمريكي: “يعتمد الرئيس وجيك (سوليفان) بشكل كبير على خبرة بريت وقدرته على رفع سماعة الهاتف للتحدث مع من يحتاج إليه لتحريك الأمور”.
بيل بيرنز- الرجل الخفي
قبل وقت طويل من توليه منصب مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، تعاملَ بيل بيرنز كدبلوماسي محترف مع بعض من أكثر قضايا الأمن القومي الأمريكي حساسية، ومنها المحادثات السرية التي أفضَت إلى التوصل للاتفاق النووي الإيراني.
قال مسؤول أمريكي إن بيرنز يتم استدعاؤه “عندما يتعين إنجاز الأمور بهدوء”، واصفاً أسلوبه بأنه “أكثر دقة وميلاً نحو قضايا المخابرات..
ولا يزال بيرنز (67 عاماً) يؤدي هذا الدور لبايدن، إذ سافر في الآونة الأخيرة إلى قطر للّقاء مع رئيس الموساد الإسرائيلي ورئيس الوزراء القطري لبحث كيفية تحرير الرهائن والمحتجزين لدى “حماس”.
وقال مصدر مطلع إنه منذ أدائه اليمين الدستورية عام 2021 مديراً لوكالة المخابرات المركزية، قام بيرنز بما لا يقل عن 40 زيارة خارجية، غالبيتها العظمى سراً. وكان منها زيارة موسكو، في عام 2021، قبل غزو روسيا لأوكرانيا وزيارة لأنقرة في 2022 لتحذير رئيس المخابرات الروسية من استخدام الأسلحة النووية في مواجهة أوكرانيا.
وأحجمت وكالة المخابرات المركزية عن التعليق على زيارات بيرنز.
وقال مسؤول أمريكي إن بيرنز يتم استدعاؤه “عندما يتعين إنجاز الأمور بهدوء”، واصفاً أسلوبه بأنه “أكثر دقة وميلاً نحو قضايا المخابرات… وكيفية تعويض ما ينقص من معلومات”.
لويد أوستن- تحذيرات شديدة الوضوح
قبل سفر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى إسرائيل، في أعقاب هجوم “حماس”، في السابع من أكتوبر تشرين الأول، كان قد تحدث بالفعل مع نظيره الإسرائيلي في أربع مناسبات على الأقل على مدى ستة أيام فقط. وهذه الوتيرة من الاتصالات المكثفة مستمرة منذ ذلك الحين.
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن المكالمات مع يوآف غالانت، والتي كشف البنتاغون عن 24 منها، يمكن أن تستمر في كثير من الأحيان من 30 دقيقة إلى ساعة.
وفي إسرائيل، شبه أوستن (70 عاماً) مقاتلي “حماس” بمسلحي “تنظيم الدولة الإسلامية”، وكان قد شارك في قتالهم عندما كان جنرالاً في الجيش الأمريكي قبل تقاعده. وقال إن “حماس”، مثل ذلك التنظيم، لم تقدم سوى “التشدد والتعصب الأعمى والموت”.
كما حذر إسرائيل من مغبة عدم حماية المدنيين في غزة ومخاطر التطرف الناجم عن ذلك. وقال: “إذا دفعتهم إلى أحضان العدو، فإنك تستبدل النصر التكتيكي بهزيمة إستراتيجية”.
كامالا هاريس– خطط ما بعد الصراع
ركزت نائبة الرئيس كامالا هاريس اهتمامها على القضية الشائكة المتمثلة في التخطيط لمرحلة ما بعد الصراع. والتقت في الآونة الأخيرة مع عدد من القادة العرب، على هامش مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28).
وشددت هاريس في دبي على ثلاثة عناصر متعلقة بغزة في ما بعد الصراع، وهي إعادة الإعمار والأمن والإدارة.
فاينر “هو في كثير من الأحيان الرجل الموجود في الغرفة الذي يقول: لحظة من فضلكم، هذا لا يبدو منطقياً، هل فكّرنا في القيام بذلك بهذه الطريقة؟”
وقالت: “لا للتهجير القسري، ولا لإعادة الاحتلال، ولا للحصار أو الإغلاق، ولا لتقليص مساحة الأرض، ولا لاستخدام غزة كمنصة للإرهاب”.
وأضافت أنه يجب تعزيز قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لتتولى المسؤوليات الأمنية في غزة والضفة الغربية. وقالت: “نريد أن نرى غزة والضفة الغربية موحدة تحت قيادة السلطة الفلسطينية، ويجب أن تكون أصوات الفلسطينيين وتطلعاتهم في قلب هذا العمل”.
جون فاينر– إثارة التساؤلات
يعتمد سوليفان بشكل كبير على نائب مستشار الأمن القومي جون فاينر. وعمل فاينر (47 عاماً) في السابق مستشاراً خاصاً لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكاتب خطابات السياسة الخارجية لبايدن عندما كان نائباً للرئيس أوباما.
وقال المسؤول: “هو في كثير من الأحيان الرجل الموجود في الغرفة الذي يقول: لحظة من فضلكم، هذا لا يبدو منطقياً، هل فكرنا في القيام بذلك بهذه الطريقة؟”.
وباعتباره نائباً لسوليفان، يساعد فاينر أيضاً في التنسيق بين الوكالات الحكومية الأمريكية وفي وضع وتشكيل خيارات السياسة.
وكان فاينر مديراً لمكتب جون كيري، عندما كان كيري وزيراً للخارجية في عهد أوباما، كما عمل مراسلاً لصحيفة “واشنطن بوست” في مناطق منها الشرق الأوسط.