أمريكا وإيران: هل يبدأ السيناريو الأسوأ؟

أمريكا وإيران: هل يبدأ السيناريو الأسوأ؟

ضمن تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة، ومنذ 17 تشرين أول/ أكتوبر حتى الآن، تعرّضت القواعد العسكرية الأمريكية إلى 100 هجوم في سوريا و65 في العراق.
حصلت، بعد ذلك، مفاجأة كبيرة مع أول هجوم يسجل ضمن الأردن على ما يسمى البرج 22 والذي أعلنت المسؤولية عنه «كتائب حزب الله» وهي ميليشيا عراقية مدعومة من إيران، وتسبب للقوات الأمريكية، لأول مرة منذ بدء الهجمات، خسائر بشرية حيث أدى لمصرع ثلاثة من الجنود الأمريكيين وجرح العشرات.
سارع الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعد الهجوم، إلى إعلان رسالة مختصرة لمواطنيه وللعالم قال فيها إنه اتخذ قرارا بكيفية الرد على الهجوم، وعن علاقة الهجوم بإيران قال: «أنا أحملهم المسؤولية، بمعنى أنهم يزودون بالأسلحة الأشخاص الذين قاموا بذلك (الهجوم)».
إثر ذلك أعلنت «كتائب حزب الله» العراقية «تعليق» عملياتها العسكرية والأمنية ضد القوات الأمريكية، وهو قرار يمكن اعتباره محاولة لتخفيف تداعيات الهجوم الخطير، ليس على إيران، التي توجّست من احتمالات رد مباشر في أراضيها، فحسب، بل كذلك على بايدن، الذي تعرّض، بعد قصف البرج 22، لهجوم عنيف من دونالد ترامب، خصمه المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة، الذي قال إن ضعف بايدن تسبب بالهجوم، كما تعرض الرئيس الأمريكي لضغوط من صقور الحزب الجمهوري في الكونغرس الذين طالبوا باستهداف إيران بشكل مباشر.
ردّت إيران بدورها بطريقتين، تمثلت الأولى بتصريح على لسان وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، هدد فيه برد «حاسم وفوري» على أي هجوم عليها، مطالبا الولايات المتحدة بالبحث عن حل سياسي و«بالكف عن لغة التهديد» وتمثلت الثانية بتوجيه من الحرس الثوري الإيراني للفصائل الموالية له في سوريا بإيقاف أنشطتها ضد القواعد الأمريكية، فيما أكدت أنباء، أن تلك الفصائل رفعت مستوى الاستنفار لصدّ أي هجمات أمريكية ضدها.
عملت الولايات المتحدة، منذ اندلاع أحداث غزة الأخيرة، على محاولة فصل ما يحدث في لبنان وسوريا والعراق واليمن عما يحصل من عدوان على الفلسطينيين، وكذلك على نفي مشاركتها عمليا في تلك الحرب الإسرائيلية، وهو ما يعاكسه العديد من الوقائع.
تظهر وثيقة نشرها موقع «إنترسبت» الأمريكي قبل أيام أن مذكرة صدرت في كانون الثاني/ يناير 2024 لأفراد القوات الجوية الأمريكية تتضمن أوامر عسكرية بـ«البقاء في حالة استعداد لدعم القوات في حالة مشاركة الولايات المتحدة في العمليات البرية في الحرب الإسرائيلية» على قطاع غزة.
الهجوم على الأردن لم يوقع قتلى وجرحى أمريكيين فقط بل أوقع إدارة بايدن نفسها في معضلة عويصة كونها تفضح الخلل الكبير في استراتيجيتها التي تعمل، تحت شعار «منع توسع الحرب» لتمكين إسرائيل من الاستفراد بالفلسطينيين، عبر تهديد إيران، والقوى الحليفة لها، بـ«العصا الغليظة» لقواتها المنتشرة في أرجاء الشرق الأوسط.
حاولت الاستراتيجية الإيرانية، في المقابل، تحقيق إضعاف تدريجي ومتسلسل للاستراتيجية الأمريكية عبر توسيع الجبهات، وهو ما ردّت عليه أمريكا بإنشاء «تحالف الراغبين» في البحر الأحمر لمواجهة الحوثيين، لكن الهجوم الأخير أوصل استراتيجية واشنطن إلى «النقطة الحرجة».
من غير المتوقع، لهذه الأسباب، أن يكون الرد الأمريكي في إيران نفسها، كونه سيستدعي ردا إيرانيا موازيا، كما سيفتح احتمالات لا يمكن تقدير نتائجها، وهو أمر، في الظروف المعقدة للصراعات العالمية والإقليمية المندلعة، سيربك إدارة بايدن ويجعلها أضعف، كما سيؤدي لتداعيات سياسية إشكالية، في أمريكا نفسها، كما في منطقة الشرق الأوسط.