واشنطن أكثر من حاضرة في انتخابات الرئاسة الإيرانية

واشنطن أكثر من حاضرة في انتخابات الرئاسة الإيرانية

طهران – يتوجه الناخبون الإيرانيون الجمعة إلى صناديق الاقتراع وأعينهم على اختيار الرئيس الذي يقدر على تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي حتى لا تجد إيران نفسها تحت ضغوط الولايات المتحدة، التي تحضر بقوة في أذهان الإيرانيين وتصريحات المرشحين لخلافة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.

وحذر رئيس مجلس الشورى الإيراني، المرشح الرئاسي المحافظ، محمد باقر قاليباف من أن الرئيس المقبل قد يضطر إلى “بيع إيران لترامب أو إثارة توتر خطير في البلاد” إذا لم يتم حل المشاكل الاقتصادية.

ويرتبط الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في ذهن الإيرانيين بقراره في 2018 الانسحاب من الاتفاق النووي من جانب واحد، وهو ما كان سببا في إعادة فرض العقوبات على طهران واستبعادها من الاقتصاد العالمي، وهو ما فاقم من التوترات التي يعاني منها المناخ السياسي الإيراني.

المرشح قاليباف يحذر من أن الرئيس المقبل قد يضطر إلى بيع إيران لترامب إذا لم يتم حل المشاكل الاقتصادية

وشهدت إيران احتجاجات جماهيرية نددت بالمشاكل الاقتصادية وانتهاكات حقوق المرأة. كما ارتفع منسوب التوتر مع الغرب من خلال شن سلسلة من الهجمات البرية والبحرية على السفن سواء بشكل مباشر أو عبر وكلائها الحوثيين في اليمن بعد اشتعال الحرب في غزة.

وقد يتوقف ما يحدث في الحرب ومستقبل إيران مباشرة على الولايات المتحدة، التي ندد بها قائد ثورة 1979 آية الله الخميني باعتبارها “الشيطان الأكبر”، وهي لا تزال تُلعن في الأحداث الكبرى مثل الخطاب الذي ألقاه مؤخرا المرشد علي خامنئي البالغ من العمر 85 عاما.

وحذر خامنئي من دعم المرشحين الذين “يتصورون أن كل سبل التقدم تمر عبر أميركا”. ومثّل هذا انتقادا مبطنا للإصلاحي الوحيد الذي يخوض السباق، مسعود بزشكيان، الذي يأمل في العودة إلى الاتفاق النووي المبرم في 2015.

وردد المتنافسون الستة على الرئاسة (انسحب اثنان منهما يوم الخميس) اسم ترامب. وقال المرشح السابق المتشدد أمير حسين غازي زاده هاشمي إنه إذا فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية “سيمكننا التفاوض معه وفرض مطالبنا عليه”.

وذكرت وسائل إعلام رسمية أن علي رضا زاكاني رئيس بلدية طهران وأمير حسين قاضي زاده هاشمي رئيس مؤسسة الشهداء انسحبا من سباق الانتخابات لأجل دعم حظوظ المرشحين المحافظين.

ويرى رجل الدين مصطفى بور محمدي أن على إيران أن تشارك في المحادثات مع الولايات المتحدة قبل رئاسة ترامب الثانية المحتملة. لكن حملته شملت صورة تظهره أمام ترامب، وكُتب عليها “أنا الشخص الذي يمكنه الوقوف ضد ترامب!”. وسخر المرشح المتشدد سعيد جليلي من منافسيه ووصفهم بأنهم “خائفون” من ترامب، وتعهد بمحاربته.

وأثار ترامب موضوع إيران خلال حملته الانتخابية في الأيام الأخيرة. وقال إنه أراد “عقد صفقة عادلة مع إيران”، وإنه حاول الادعاء بأن طهران، التي دعت منذ فترة طويلة، إلى تدمير إسرائيل كانت ستبرم بطريقة ما صفقة اعتراف دبلوماسي مع تل أبيب. وأكد أن “طفلا كان بإمكانه عقد صفقة معهم، ولم يفعل (جو) بايدن شيئا”.

ومن المثير للاهتمام أن اسم جو بايدن لم يُذكر خلال مناظرات الانتخابات الإيرانية. وأجرت الولايات المتحدة في عهد بايدن عدة جولات من المحادثات غير المباشرة مع المسؤولين الإيرانيين، قبل وفاة رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في مايو.

وانتقدت إدارة بايدن إيران على نطاق واسع، خاصة إثر وفاة مهسا أميني في 2022 والاحتجاجات المتعلقة بحقوق المرأة التي تلت ذلك، لكنها فتحت الباب أمام وصول طهران إلى بعض الأصول المجمدة في الخارج. وشمل ذلك اتفاقا أفضى إلى تبادل الأسرى بين البلدين في سبتمبر، قبل أقل من شهر من اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.

ولا يمكن تجاهل مبيعات النفط الإيرانية. فرغم العقوبات القائمة، أبلغت إيران مؤخرا عن بيع 2.5 مليون برميل يوميا. ومن المرجح أن تتحول حصة الأسد في تلك المبيعات إلى الصين، وربما بسعر مخفّض. وأرجع وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، الذي أبرم الاتفاق النووي في عهد الرئيس حسن روحاني، هذه المبيعات مباشرة إلى سياسات إدارة بايدن.

قد يحاول بايدن إذا أعيد انتخابه العمل بهدوء وبشكل غير مباشر مع الإيرانيين نحو صفقة يمكن طرحها لاحقا على الطاولة

وقال إن “ارتفاع مبيعات النفط الخام لم يكن عملا من جانب أصدقائنا، لكن عندما وصل بايدن إلى السلطة اعتُمدت سياسة لتخفيف عقوبات”. وأضاف في إشارة غير مباشرة إلى المتشددين “دعوا ترامب يأتي ويكتشف ما سيفعله أصدقاؤنا”.

وبينما انهارت محادثات أوسع نطاقا في فيينا مع القوى العالمية لاستئناف الاتفاق النووي، قد يحاول بايدن تكرار إستراتيجية اعتُمدت حين كان نائبا للرئيس في عهد باراك أوباما، أي أن يعمل بهدوء وبشكل غير مباشر مع الإيرانيين نحو صفقة يمكن طرحها لاحقا على الطاولة.

وتعتقد إدارة بايدن أن إيران لم تنفذ عمليات لتطوير سلاح نووي لكنها اتخذت خطوات استفزازية مؤخرا.

وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران هي الدولة الوحيدة التي خصّبت اليورانيوم حتى مستوى عال بلغ 60 في المئة مع أنها لا تمتلك أسلحة نووية، وهو مستوى أقلّ بقليل من المستوى اللازم لصنع الأسلحة، في ما واصلت تخزين كميات كبيرة من اليورانيوم.

ومن المرجح أن تعني إعادة انتخاب بايدن استمرارا لنهج العصا والجزرة الذي استمرّ خلال فترة ولايته. لكن إذا أعيد انتخاب ترامب، فقد ينذر ذلك بالمزيد من التعقيدات.

وأمر ترامب في 2020 بشن غارة بطائرة دون طيار اغتالت قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني. وحدث هذا بينما كان يصرّ على أنه يريد صفقة مع طهران.

العرب