في العام الماضي، ارتفعت حصة النفط في مزيج الطاقة العالمي للمرة الأولى منذ عام 1999، وبهذا يبقى النفط الوقود المهيمن عالميا من دون منازع، وفقا لشركة بريتيش بتروليوم. في حين انخفضت حصة الفحم في سوق الطاقة إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2005، إلى ما دون 30 في المائة.
في عام 2015، شكل النفط نحو 32.9 في المائة من استهلاك الطاقة العالمي، حسب نشرة شركة بريتيش بتروليوم ــ 2016 ــ لاتجاهات الطاقة العالمية. وتشير الإحصائيات إلى أن الطلب العالمي على النفط ارتفع بنحو 1.9 مليون برميل في اليوم في العام الماضي، مقارنة بنمو 1.1 مليون برميل في اليوم في عام 2014. وتقول الشركة إن هذا متوقع، عندما تنخفض أسعار السلع بأكثر من 70 في المائة من الطبيعي أن يزداد الطلب.
تشير النشرة إلى أن الطلب على النفط في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ارتفع بنحو 510 آلاف برميل في اليوم أو 1.1 في المائة، مقارنة بانخفاض 1.1 في المائة سنويا خلال العقد الماضي. وكان نمو الطلب في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أعلى بكثير من معدلات السنوات الأخيرة، حيث ارتفع بنحو 290 و200 ألف برميل في اليوم على التوالي. هذا الارتفاع تم تعويضه جزئيا نتيجة انخفاض الطلب الياباني. في حين أن الطلب في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ارتفع بنحو 1.4 مليون برميل في اليوم، مدعوما بارتفاع الطلب الصيني بأكثر من 770 ألف برميل في اليوم. لكن العصر الذهبي لنمو الطلب على النفط في الصين على خلفية قوة الطلب في القطاع الصناعي أصبح الآن وراءنا، على حد قول الشركة. تبين الإحصائيات أن الهند تفوقت على اليابان كثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وأضافت الشركة أن قوة الطلب على النفط كانت أكثر وضوحا في الوقود الخاص بالمستهلك، خصوصا البنزين ووقود الطائرات، نتيجة زيادة القدرة الشرائية للمستهلكين على خلفية انهيار أسعار النفط. في حين أن النمو في استهلاك وقود الديزل الذي يعكس النشاط الصناعي، كان أقل حدة.
من ناحية إمدادات النفط العالمية، تبين أرقام النشرة أن نمو الإنتاج العالمي للنفط فاق الطلب للعام الثاني على التوالي. حيث ارتفع العرض بمعدل 2.8 مليون برميل في اليوم أو 3.2 في المائة، وهذا يمثل أعلى معدل نمو في الإمدادات منذ عام 2004. حيث وصل معدل إنتاج النفط العالمي في عام 2015 إلى 91.67 مليون برميل في اليوم مدعوما بارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة (الذي فقط بدأ في الانخفاض في النصف الثاني من العام) وارتفاع الإنتاج في دول “أوبك” الرئيسة إلى مستويات قياسية، على وجه الخصوص في المملكة العربية السعودية والعراق.
في عام 2015، رفعت “أوبك” إنتاجها بشكل كبير بنحو 1.6 مليون برميل في اليوم ليصل إلى مستوى قياسي كبير جديد عند 38.2 مليون برميل في اليوم، بضمنها سوائل الغاز الطبيعي والمكثفات. إن هذه الزيادة ليست زيادة عامة في إنتاج “أوبك”، ربما أكثر دقة وصفها بزيادة في إنتاج اثنين من أعضائها فقط هما السعودية والعراق، اللذان شكلا معا غالبية هذه الزيادة، وفقا لـ “بريتيش بتروليوم”.
في حين أن نمو الإمدادات من خارج “أوبك” تباطأ إلى 1.3 مليون برميل في اليوم، بعد ارتفاع قياسي في عام 2014 بلغ 2.1 مليون برميل في اليوم. وأسهمت الولايات المتحدة مرة أخرى بمعظم الزيادة ــ بنحو مليون برميل في اليوم ــ وبقيت أكبر منتج للنفط والسوائل الهيدروكربونية الأخرى في العالم، وفقا للنشرة.
وتتوقع شركة بريتيش بتروليوم إعادة التوازن إلى أسواق النفط في وقت لاحق من هذا العام 2016. وأضافت الشركة أن التكيف مع انخفاض الأسعار استمر هذا العام، مع وجود مؤشرات تشير إلى طلب قوي على النفط وانخفاض في الإمدادات من خارج “أوبك”. بناء على هذه الاتجاهات، يبدو من المرجح أن تتحرك الأسواق على نطاق واسع إلى التوازن في النصف الثاني من هذا العام. ولكن الأسواق لن تعود إلى وضعها الطبيعي الحقيقي إلا إذا تم خفض المخزون النفطي الضخم الذي تراكم على مدى السنتين الماضيتين، على حد قول الشركة.
ارتفاع صادرات النفط الخام من منطقة الشرق الأوسط وزيادة الواردات إلى الصين وأوروبا، رفعا حجم التجارة العالمية بأسرع معدل منذ عام 1993. حيث إن مجموع كميات المنتجات النفطية والنفط الخام المتداولة في عام 2015 ارتفعت بنسبة 5.2 في المائة مقارنة بعام 2014، أي ما يعادل زيادة ثلاثة ملايين برميل في اليوم، حسب النشرة.
من جهة أخرى، تباطأ نمو طاقات التكرير العالمية إلى أدنى مستوى لها في 23 عاما، حيث إن الطاقات المضافة في عام 2015 بلغت فقط 450 ألف برميل في اليوم. وانكمشت الطاقات في آسيا ــ المحيط الهادئ للمرة الأولى منذ عام 1988، ذلك أن خطط التوسعات في الصين عانت تأخيرا، وبعض المصافي في تايوان وأستراليا أغلقت. لكن تخفيف القيود في الصين على المصافي البدائية التي تعرف “براد الشاي” ساعد على رفع معدلات تشغيل المصافي.
وعززت هوامش التكرير القوية من كميات النفط المكررة، حيث ارتفعت بمعدل 1.8 مليون برميل في اليوم، على الرغم من انخفاضها في أمريكا اللاتينية، إفريقيا وروسيا. وفي مصافي الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ارتفعت كميات النفط المكررة بمعدل مليون برميل في اليوم، المصافي الأوروبية وحدها كررت 740 ألف برميل في اليوم أكثر مما فعلت في 2014 ــ وهذا أسرع نمو منذ 1986.
وتشير النشرة أيضا إلى تحقيق مكاسب في الكفاءة، حيث إن معدلات التشغيل العالمية ارتفعت بنسبة 1 في المائة إلى أكثر من 82 في المائة، وهي أكبر زيادة في خمس سنوات. وسجلت الولايات المتحدة أكبر زيادة إقليمية في صادرات المنتجات النفطية، حيث ارتفعت الصادرات بنحو 470 ألف برميل في اليوم، في حين تراجع صافي وارداتها من النفط إلى أدنى مستوى له في 30 عاما إلى 4.8 مليون برميل في اليوم.
نقلا عن صحيفة ” الاقتصادية ”
Save