منذ الحرب العالمية الثانية والرؤساء الأميركيون الديمقراطيون يسجلون إنجازات اقتصادية أفضل بكثير بصفة عامة من الرؤساء «الجمهوريين»، لكن هل من الممكن أن تتأثر هذه الإنجازات بمن يتحكم في الكونجرس؟ هل حصل الرؤساء «الديمقراطيون» على دعم من الكونجرس الذي يهيمن عليه «الجمهوريون أم عرقل الكونجرس الذي يهيمن عليه «الديمقراطيون» الرؤساء «الجمهوريين»؟a
بعض الناس يعتقدون أن الكونجرس هو القوة المحركة الأساسية للسياسة الاقتصادية، لأنه يوافق على ميزانيات الإنفاق ويقر اللوائح الاقتصادية. ويملك قرار خفض أو زيادة الضرائب. وبعد إجراء مقارنة للأداء الاقتصادي لكل الرؤساء بعد الحرب العالمية الثانية، استناداً إلى 17 مؤشراً تبين أن الهوية الحزبية – «الديمقراطيون» أم «الجمهوريون» – للأغلبية المهيمنة على مجلسي النواب والشيوخ أمر مهم. لكن نوعية الأغلبية الحزبية المهيمنة على الكونجرس أقل أهمية من هوية الحزب الذي يحتل البيت الأبيض. ووفقاً لهذا، كان الاقتصاد في عصر الرؤساء «الديمقراطيين» أفضل أداء بصرف النظر عن الحزب الذي يهيمن على الكونجرس. وفي كتابي (الرئيس كاقتصادي) أجريت قياساً للأداء الاقتصادي للإدارات الرئاسية. وكي أقوم بهذا التحليل، استخدمت المنهج الكمي نفسه لتقييم أداء الكونجرس وفقا للأغلبية الحزبية وانتماء الرئيس الحزبي. وعلى سبيل المثال، لو أن (الديمقراطيين) يهيمنون على الرئاسة ومجلسي الشيوخ والنواب،وبعدها سيطر (الجمهوريون)على مجلس الشيوخ، حينها أبدأ في رصد سجل جديد من الأداء. وهناك ثماني توليفات محتملة لسيطرة «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» على الرئاسة ومجلسي النواب والشيوخ. و«الديمقراطيون» هم الحزب المهيمن بصفة عامة على الكونجرس بين عامي 1947 و2015. وتولى «الجمهوريون» الرئاسة 36 عاماً من 69 عاماً، لكن «الديمقراطيين» كانوا أصحاب الأغلبية في غالبية السنوات في مجلس الشيوخ مدة بلغت 47 عاماً، وفي مجلس النواب مدة بلغت 48 عاماً. وسيطر «الديمقراطيون» على الرئاسة ومجلسي النواب والشيوخ خمس مرات لما إجماليه 20 عاماً في فترة الدراسة التي تمتد 69 عاماً، وكان أحدثها الفترة بين عامي 2009 و2011. وسيطر «الجمهوريون» على الرئاسة وكلا المجلسين مرتين فقط لما إجماليه ست سنوات بين عامي 1953 و1955 ثم بين عامي 2003 و2007. وحدث الجمع بين وجود رئيس «جمهوري» ومجلسي نواب وشيوخ «ديمقراطيين» أربع مرات لما إجماليه 22 عاماً. وحدث 17 تبايناً إجمالاً في سيطرة الحزبين على الكونجرس والرئاسة.
واتضح أنه إذا كان الرئيس «ديمقراطياً» يكون الأداء الاقتصادي أفضل بصرف النظر عن الحزب الذي يسيطر على مجلسي الشيوخ والنواب. وهناك خمس من ست فترات لأفضل أداء اقتصادي حدثت في عهد رؤساء ديمقراطيين. والرئيس الجمهوري الوحيد المساهم في الفترات الست لأفضل أداء اقتصادي هو دوايت إيزنهاور واحتل المرتبة الأولى بين عامي 1953 و1955. واحتلت إدارتا الديمقراطيين جون كيندي وليندون جونسون بين عامي 1961 و1969 المرتبة الثانية. واحتلت فترتا ولاية هاري ترومان المرتبتين الثالثة والرابعة. واحتلت فترتا ولاية بيل كلينتون المرتبتين الخامسة والسادسة. وأسوأ ست فترات في الأداء الاقتصادي انقسمت بين الرؤساء «الجمهوريين» و«الديمقراطيين»، ورغم أن «الجمهوريين» تولوا الرئاسية 36 عاماً من فترة البحث التي تمتد 69 عاماً، لا ينسب إليهم الفضل في 24 عاماً من الأداء الأفضل اقتصاديا إلا في عامين فقط لكنهم مسؤولون عن عشر سنوات من بين 17 سنة من الأداء الضعيف.
وفي فترات طويلة من سنوات الأداء الاقتصادي الضعيف، كان فيها الرئيس«جمهورياً»، بينما يمثل «الديمقراطيون» الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ. وعلى العكس، كان هناك رئيس «ديمقراطي» لعام واحد فقط عاش فيه مجلسا النواب والشيوخ اللذان كان يهيمن عليهما «الجمهوريون» أسوأ أعوامهما. ومع التسليم بالأداء الأفضل للرؤساء «الديمقراطيين»، فمن المعقول أن يؤدي مجلسا شعب ونواب «ديمقراطيان» أداء جيداً وأحياناً أفضل نوعاً ما من مجلسين «جمهوريين». والتعاون بين الرئاسة والكونجرس ضروري لأن الكونجرس يعدل الميزانية الاتحادية ويوافق عليها ويقر تعديلات نسبة الضرائب وقوانينها ويقر الاتفاقات التجارية وكل أنواع اللوائح التي تؤثر في النشاط الاقتصادي.
ريتشارد جيه. كارول*
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
*نقلا عن صحيفة الاتحاد