باريس – تساءل المراقبون عن أهمية المؤتمر الدولي الذي عقد في العاصمة الفرنسية الأحد في إعطاء دفعة إيجابية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، من دون أن تشارك وفود تمثل إسرائيل والحكومة الفلسطينية.
وشاركت نحو 70 دولة ومنظمة، بينهم 40 وزيراً، ومشاركة اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط “الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والأمم المتحدة”، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وهو أول مؤتمر من نوعه يعقد على هذا المستوى منذ سنوات.
وشدد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمام ممثلي أكثر من سبعين دولة ومنظمة عن النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين أن “حل الدولتين ليس حلم نظام مر عليه الزمن بل لا يزال هدف المجموعة الدولية”.
ورأى المراقبون أن ضعف المؤتمر يأتي من كونه ينعقد قبل خمسة أيام من تسلّم الرئيس المنتخب دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة، فيما تبدو الرعاية الفرنسية للمؤتمر عاجزة عن التعويض عن العجز الأميركي في إيجاد تسوية للصراع على مدى ولايتي الرئيس باراك أوباما، خصوصا أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الذي دعا إلى عقد هذا المؤتمر ولم يحضره، في موقف ضعيف في فرنسا بعد قراره عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويجمع خبراء في شؤون الشرق الأوسط على أن رفض إسرائيل لهذا المؤتمر وجّه ضربة مباشرة لأهدافه.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن رفضه للمؤتمر، معتبرًا أنه “يعيد عجلة السلام إلى الوراء”، ووصفه بأنه “عبارة عن خدعة فلسطينية برعاية فرنسية، تهدف إلى اعتماد مواقف أخرى معادية لإسرائيل”.
من جهته قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في تصريحات للصحافة الفرنسية، إن المؤتمر قد يكون “الفرصة الأخيرة للتوصل إلى حل الدولتين”. فيما انتقدت حركة حماس اجتماع باريس واعتبرته مضيعة للوقت ونسخة مكررة من مؤتمرات السلام السابقة والتي وصفتها بـ”الفاشلة”.
إلا أن أوساطا قريبة من وزارة الخارجية الفرنسية لفتت إلى أن باريس أرادت من هذا المؤتمر التلويح بخيارات محتملة بديلة بعد فشل المساعي الأميركية وانسداد أفق أيّ حل للصراع، لا سيما بعد توقف المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي منذ نهاية أبريل 2014.
واعتبرت مصادر دبلوماسية أوروبية المؤتمر حدثاً يوجه رسالة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن المزاج الدولي ما زال متمسكاً بالمرجعيات الدولية، بما في ذلك قرار مجلس الأمن الأخير بإدانة سياسة الاستيطان الإسرائيلية، وأن المجتمع الدولي لن ينظر بعين الرضا إلى قيام واشنطن بنقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس، لما للأمر من تداعيات سلبية على مساعي السلام وحل الدولتين.
وقال وزير خارجية فرنسا جان مارك أيرولت الأحد إن اقتراح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية للقدس سيكون استفزازا وله عواقب خطيرة.
وتعهد ترامب أثناء حملته الانتخابية باتّباع سياسات أكثر موالاة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب -حيث أقيمت قبل 68 عاما- إلى القدس ممّا يضفي شرعية على القدس كعاصمة لإسرائيل رغم الاعتراضات الدولية.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس السبت إنه كتب إلى ترامب محذرا من أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس ربما يؤدي إلى القضاء على عملية السلام وتجريد الولايات المتحدة من دورها كراع أمين للعملية، بل وربما أيضا يؤدي إلى تراجع الفلسطينيين عن اعترافهم بإسرائيل.
وقال أيرولت أمام المؤتمر، الأحد، إن العمل الجماعي للمجتمع الدولي حقق تقدما منذ آخر محادثات في يونيو.
وأقر بأن حل الدولتين “مهدّد” وأن الإسرائيليين والفلسطينيين بعيدون عن التوصل لموقف مشترك.
إلا أنه أكد على الحاجة الملحة لإقناع جميع الأطراف بالعودة إلى طاولة المفاوضات، مضيفا “لا يوجد وقت لنضيّعه”.
وتعتقد أوساط مواكبة لأعمال المؤتمر الذي دام يوماً واحدا فقط، أن لاجتماع باريس قيمة رمزية تعبّر عن استمرار المجتمع الدولي في الاهتمام بإيجاد تسوية للصراع على أساس حل الدولتين، وأنه ما زال يعتبر المسألة الفلسطينية مفتاحاً أساسياً مهماً من مفاتيح الشرق الأوسط برمته.
وفيما ينشغل العالم في بذل جهود لمكافحة الإرهاب في العالم، يرى الخبراء أن الجهد الدولي لحل المسألة الفلسطينية بات مطلوباً في سياق مكافحة الإرهاب، وأن إنشاء دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 يطفئ جمراً لطالما كان مبرّرا لكل ظواهر الإرهاب التي انطلقت من المنطقة في العقود الأخيرة.
وذكرت مصادر فرنسية أن الاجتماع لا يهدف لفرض أيّ شيء على إسرائيل أو الفلسطينيين بل للقول إن المفاوضات المباشرة هي السبيل الوحيد لحل الصراع.
العرب اللندنية