داعش بعد 240 يوم في الموصل.
لا زالت مدينة الموصل واهلها يعانون من سيطرة وهيمنة عناصر “داعش” وتزداد همومهم ومشاكلهم كلما امتدت فترة تواجد هؤلاء العناصر وتجاوزاتهم وتدخلهم بالحياة اليومية لأهالي المدينة وفق برنامج ومنهج منظم في ايقاع الاذى بهم وبتراثهم وحضارتهم ومباينهم وكل شيء جميل وحضاري في المدينة.
فيما يلي ايجاز لما نشهده المدينة من اوضاع سيئة يعد مضي 8 اشهر على دخول عناصر :داعش” للمدينة:
- هدم ما تبقى من اثار والمعالم الدينية في المدينة بحجة وجود قبور فيها وطمس المعالم الحضارية والانسانية التي تمتلئ بها الموصل وكان اخرها مسجد الامام محسن.
- استمرار قطع الاتصالات وشبكات التواصل الاجتماعية في المدينة, ومتابعة المواطنين الذين يتمكنون من ايجاد ونصب شبكات اتصالات في دورهم ما ولد حالة من القلق والخطر لدى المواطنين في تعاملهم مع هذه الاجهزة.
- العمل على بناء وحفر خنادق حول المدينة بحجة حماية اهلها من التقدم الذي ستقوم به القوات العسكرية التابعة للأحزاب الكردية شمال المدينة او القوات الحكومية والامنية التي من الممكن ان تحقق تقدما من جنوب المدينة .
- الاستمرار بتفكيك المعامل التابعة للقطاع الخاص والاستيلاء على المكائن والمعدات الفنية فيها ونقلها بشاحنات خاصة الى داخل الاراضي السورية وتحديدا في مدينة الرقة, كما حصل في منطقتي صناعة وادي عكاب وغانم السيد بمركز مدينة الموصل وناحيتي بعشيقة وبحزاني.
- احكام السيطرة الامنية وزرع حالات الخوف و الامل بين اهالي المدينة واستمرار عمليات المداهمة والقاء القبض على المخالفين لهم وغير المتعاونين معهم .
- احكام غلق منافذ المدينة ومنع الاهالي من مغادرتها الا بإذن خاص من الدوائر المختصة التابعة لهم, وايجاد كفيل يضمن اعادة الشخص او العائلة خلال فترة محددة والا تصادر دورهم في حالة عدم العودة.
- استمرار حالة الكساد والبطالة وانعدام التبادل التجاري بسبب توقف وشلل نشاط القطاع الخاص.
- لا زالت المدينة تعاني من انقطاع تام لشبكة الكهرباء مع ارتفاع اسعار الوقود والمحروقات وقلة في المياه الصالحة للشرب.
- تعاني اسواق المواد الغذائية من شحة في بعض المواد بسبب استمرار العمليات العسكرية والقصف الجوي على امتداد الطرق التي توصل مدينة الموصل بالحدود السورية وصولا الى مديني الرقة ودير الزور والتي من خلالها يتم امداد المدينة لما تحتاجه من مواد غذائية .
- تستمر عناصر داعش في عملها بجمع الاتاوات وجباية الاموال من اصحاب المحلات والمكاتب والاسواق التجارية بحجة فرض الزكاة او الحقوق المترتبة على الاهالي في دعم واسناد (الفعل الجهادي) لعناصر داعش.
- التوقف شبه التام على الدوام في المؤسسات و الدوائر الرسمية والحكومية وايقاف معاملات المواطنين وضياع حقوقهم وتعطل الدوام في المؤسسات التربوية و الجامعات و المعاهد والمدارس الثانوية.
- قيام داعش بالاستيلاء على بناية جامعة الموصل وقيامهم بحرق قاعة وبناية المكتبة المركزية للجامعة بكل ما تحتويه من المخطوطات الاثرية و العلمية والكتب والمراجع التراثية والتاريخية بما ولد الحزن و الاستياء لدى ابناء المدينة و الاساتذة وطلبة الجامعة.
- اغفال واضح ومتعمد لدور جميع الفئات الاجتماعية وشرائح المجتمع وعناصر المجتمع المدني, مقابل سيطرة كاملة لتنظيم داعش وعناصره وتحكمه بمجريات الامور.
- استمرار السيطرة على اماكن العبادة و المساجد والجوامع وفرض العلماء من قبلهم وتحديد موضوع خطبة الجمعة ومحاسبة من لا يلتزم بأوامرهم.
- ضعف الحواضن الاجتماعية التي كانت تؤيدهم في بداية سيطرتهم على المدينة, وامتناع الشباب عن الالتحاق بصفوفهم والالتزام بتوجهاتهم بعد ان لمسوا حقيقة تعامل عناصر داعش مع اهالي المدينة وكذبهم وادعائهم زورا وبهتانا تمسكهم بقواعد وشرائع الدين الاسلامي الحنيف.
الجانب الامني في المدينة:
- تغيير الخطط الامنية التي تساهم في حماية المدينة بعد اشتداد القصف الجوي لمواقعهم واماكن تواجدهم .
- منع عناصرهم من استخدام اجهزة الهواتف النقالة والعمل على تغيير مواقعهم باستمرار خوفا من اختراقهم او التوصل الى اماكنهم .
- متابعة العناصر التي لا تؤيدهم وتخالف اراءهم وتشديد المتابعة عليهم ومن ثم القاء القبض علي من يخالفون التنظيم وسجنهم وتسفير المهمين منهم الى مدينتي الرقة ودير الزور السورية.
- انزال القصاص بعناصرهم التي تثبت علاقتهم مع اجهزة المخابرات الاجنبية والعراقية او التي تنسحب من القتال وتترك الارض مقابل تقدم قوات مقاتلي الاحزاب الكردية او الاجهزة الامنية العراقية.
- استمرار السرية المطلقة في تعيين المقرات الخاصة بتدريب عناصرهم بعد ان تم استهداف معسكراتهم في منطقة الغزلاني وناحية حمام العليل من قبل طيران الحشد الدولي وايقاع الخسائر البشرية الكبيرة بهم .
- الابتعاد عن التواجد في الاماكن العامة واتباع سياسة الاختفاء عن الانبار وتجنب اللقاء بالأخرين.
- ابعاد المقاتلين العراقيين من المواقع والمراكز الحساسة في التنظيم واستبدالهم بمقاتلين عرب واجانب وخاصة في قيادة العمليات العسكرية او متابعة الشؤون الادارية والاجتماعية للمدن التي يتم السيطرة عليها وقد انعكس هذا القرار سلبيا على روحية المقاتلين العراقيين .
النهج العسكري لـ”داعش”
يتابع التنظيم بدقة وحرص على ادامة المعنويات لدى مقاتليه ، وبعد ان وجهت اليه عدة ضربات قاصمة وحاسمة استهدفت مقراته وقيادته ،شرع في تغيير كثير من الخطط والبرامج العسكرية للإدامة الزخم في نفوس عناصره والتقليل من الخسائر التي يوقعها الحشد الدولي باستمرار القصف الجوي على قدراته .
وبغية ايقاف نزيف الدم المستمر بين عناصره في مدينة الموصل قام بتغيير مسار نهجه العسكري متبعا اساليب جديدة نوجزها بالاتي:.
- فتح جبهات قتالية متعددة على امتداد الارض التي تم الاستيلاء عليها بعد احداث 9 حزيران 2014.
- معالجة التواجد العسكري للقوات الكردية شمال الموصل من خلال اجتياحه بعدد من الهجمات واستمرار القصف المدفعي ودفع عناصر تابعة للتنظيم لإحداث حالة من الخوف والذعر لدى المقاتلين الاكراد .
- تحشيد عدد كبير من عناصره والشروع بهجوم على عدة محاور وبصيغة مباغتة لإبعاد النظر عن محاولات التنظيم السيطرة والامتداد على اراضي اخرى ، كما حدث في هجوم كركوك الاخير
- الاستمرار باستنزاف القدرة القتالية للقطعات العسكرية العراقية والقوات الموالية لها من المليشيات المرتبطة بإيران وبالتالي اضعاف حالة المواجهة .
- يعاني التنظيم من نقص في بعض موارده المالية بعد انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية مما ادى به الى توسيع اتصالاته وتسويق موارده من النفط المستخرج عبر الحقول المسيطر عليها وبأسعار رخيصة لتسديد نفقات ورواتب مقاتليه وتعزيز القدرة القتالية لهم .
- اعتمد التنظيم على مصادر اخرى لتمويل عمليات العسكرية من خلال الخطف واطلاق سراح المخطوفين بفديات مالية كبيرة .
- استخدام وسائل التفجير المتقدمة بشكل واسع واعتماد اساليب مبتكرة في زرع المتفجرات وتفخيخ الطرق والجسور في حالة انسحابهم كما حدث في جسر الصابونية القريب من ناحية زمار وجسر القيارة الرابض بين الجانبين الايمن والايسر للناحية .
- اتباع اساليب جديدة في اشاعة الخوف والذعر بين اهالي المنطقة المسيطر عليها من قبل التنظيم وبث حالة الرعب من الاساليب التي تتبع بعد دخول المليشيات او الحشد الشعبي للمناطق التي يتم انسحاب داعش منها
- توجيه عناصر التنظيم بعدم الخروج بأرتال عسكرية كبيرة او سيارات دفع رباعية تحسبا من استهدافهم من قبل ضربات التحالف الدولي بعد ايقاع الخسائر بقيادتهم واستهداف طرق امدادهم ومواصلاتهم وتنقلاتهم .
ويبقى السؤال : هل تتمكن داعش من تعزيز قدراتها القتالية والعسكرية ومواجهة تقدم القوات العراقية والكردية على مساحة المناطق التي تسيطر عليها ، ام ان ما نشاهده من تعاظم الدور الدولي والاقليمي في مواجهة داعش سيكون له الاثر الكبير على واقع المواجه بين الطرفين .
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية