الموصل (العراق) – يشعر محمد محمود بالارتياح لأنه لن يضطر بعد الآن لمشاهدة مقاتلي داعش وهم يعلقون الجثث على أعمدة الكهرباء بعد أن أجبرت القوات العراقية التنظيم المتشدد على الخروج من الجانب الشرقي من الموصل الذي كانوا يسيطرون عليه لكنه ما زال يخشى على سلامته.
وعلى غرار غيره من العراقيين يشعر محمود بالقلق من أن القوى المدمرة مثل النزعات الطائفية التي أثارت بالفعل أحد الصراعات منذ سقوط صدام حسين عام 2003 ستزعزع استقرار العراق حتى إذا خرج تنظيم داعش من الموصل بالكامل.
رحب بعض المسلمين السنة بالمتشددين حين سيطروا على الموصل عام 2014 لأن الطائفة السنية التي تمثل أغلبية في المدينة لكنها أقلية في العراق تشعر أن الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد تهمشها.
لم يهدأ هذا الشعور بالمرارة وهو ما زاد من الحيرة في المدينة التي سوت الضربات الجوية العديد من مبانيها بالأرض وتواجه نقصا حادا في إمدادات المياه والكهرباء.
وقال محمود (68 عاما) “أخشى من الشيعة إذا جاءوا إلى الموصل…أحتاج لإتمام بعض الأعمال الورقية في بغداد لكنني أخشى الذهاب إلى هناك. ربما أقتل لأنني سني”.
واستعادت القوات العراقية معظم شرق الموصل وتستعد لتوسيع حملتها على الدولة الإسلامية لتمتد إلى الجانب الغربي من المدينة.
وتشارك في معركة الموصل قوات قوامها 100 ألف فرد من القوات العراقية وقوات الأمن الكردية وفصائل شيعية وهي أكبر عملية برية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
والموصل هي أكبر مدينة يسيطر عليها تنظيم داعش في دولة “الخلافة” التي أعلنها من جانب واحد في العراق وسوريا المجاورة منذ أجبر مقاتلوه قوات الجيش العراقي التي تلقت تدريبا أمريكيا على الانسحاب في يونيو حزيران 2014. وكان التنظيم يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي لكنها تتضاءل.
وسيمثل سقوط الموصل نهاية ما يسمى بدولة الخلافة لكن يتوقع على نطاق واسع أن تشن الدولة الإسلامية هجمات في العراق وأن تقف وراء تنفيذ هجمات في الغرب.
وقف القليل من سكان الموصل في الشوارع يتفقدون الدمار ويتساءلون من أين ستأتي الحكومة العراقية بالموارد لإعادة إعمار الموصل التي كانت في الماضي مركزا تجاريا وإحدى أكثر المدن تسامحا في الشرق الأوسط.
كانت هناك بضعة متاجر مفتوحة.
وقال رئيس بلدية الموصل عبد الستار حبو بينما سار في طريق تحيط به المباني التي سوتها الضربات الجوية بالأرض إنه ليست هناك ميزانية.
وقال حبو الذي ذكر أنه تعرض لإطلاق نار عدة مرات من عناصر تنظيم القاعدة قبل وجود تنظيم داعش إن لديه مخاوف هو الآخر.
وأضاف أنه كان هناك الآلاف من أعضاء التنظيم في شرق الموصل مشيرا إلى أن القوات قتلت البعض واعتقلت البعض أما من تبقوا فحلقوا لحاهم وذابوا وسط السكان.
في حي المهندسين كان هناك الكثير مما يذكر بعهد الإرهاب في ظل داعش فكل من خالف القواعد الخاصة بطول اللحية أو السروال كان يجلد. أما من كانوا ينتهكون حظرا لأجهزة التلفزيون والهواتف المحمولة فعوقبوا بالضرب والسجن أو أسوأ.
وقف محمد ابراهيم خارج منزله الذي استولى عليه المتشددون ويتذكر كيف كان مدرجا على قائمة سوداء للتنظيم ويضع يده في جيب سترته ليخرج وثيقة من محكمة. وقال ابراهيم “اتهموني برفض إطلاق لحيتي بالطول المناسب. استدعوني للمحكمة”.
استخدم منزل قريب لاحتجاز النساء ربما كن بعضا من كثيرين استعبدهم مقاتلو داعش جنسيا. كانت هناك عربات أطفال وملابس في إحدى الغرف. واستخدم المبنى المجاور كسجن مؤقت ومركز للتعذيب حيث تناثرت الأصفاد في فناء.
أخذ مقاتلو الدولة الإسلامية متعلقات المالك بما في ذلك لعب الأطفال وألقوها على سطح المبنى. فوق كومة من المتعلقات معول عليه آثار دماء.
وقال أحد سكان الحي وطلب عدم نشر اسمه خشية الانتقام من أقاربه الذين يعيشون في غرب الموصل “كنا نسمع صراخا في الليل”.
العرب اللندنية