تزايد نشاط “بيزنس” شركات الحراسة في مصر على نطاق واسع لا سيما خلال السنوات الست الأخيرة وما تبعها من عمليات انفلات أمني، الأمر الذي أجبر رجال أعمال ومشاهير على اللجوء إلى شركات الحراسة لحمايتهم وحماية منشآتهم.
ودفع تزايد الطلب على هذا النوع من الخدمات إلى التوسع في تأسيس شركات الحراسة إلى أن وصل عددها إلى نحو 4 آلاف شركة. وتوقع فتحي كمال مدير شركة الماسة للأمن والحراسة انتعاش نشاط شركات الأمن والحراسة خلال الفترة المقبلة تزامنا مع تطبيق القانون الجديد الذي سيعمل على زيادة إيرادات شركات الحراسة.
وقال لـ“العرب” إن “الفترة الماضية كشفت عن ممارسات من جانب عدد من الشركات لحرق الأسعار لأنها ليست على المستوى الأمني القوي وهو ما اضطر شركات الأمن الكبرى إلى خفض أسعارها بشكل أثر سلباً على إيراداتها”.
وتشير دراسـات شعبـة الحـراسات بالغرفـة التجاريـة بالقـاهـرة إلى خــروج نحـو ربـع الشركـات العـاملة مـن هــذا النشاط بسبب الإجراءات التي يفرضها القانون الجديد وزيادة رأس المال، مقارنة بالوضع الحالي الذي يسمح لأي فرد بممارسة هذا النشاط.
ولا توجد تقديرات محددة حول جملة الاستثمار في ما يعرف بـ”بيزنس الحراسات الخاصة” في مصر، لكن زيادة الطلب عليها شجع الكثير من الأشخاص على العمل في هذا القطاع.
وائل بسيوني:نشاط الأمن الخاص لم يعد رفاهية مع ارتفاع معدلات الجرائم والسرقة بالبلاد
وأوضح كمال أن القانون المصري يلزم الشركـات بـأن يكـون مديرهـا رجـل شـرطة أو من الجيش أو خبيرا في مجال الأمـن، لافتـا إلى أن القانون الجديد ينظم العـلاقة بين الفرد والشركة، ووزارة الداخلية، كما ستكون الشـركة تحـت رقـابة وتفتيـش وزارة الداخلية.
وبدأت العديد من الشركات تقدم خدمة الحارس الشخصي والمعروف اصطلاحا بـ”بودي غارد” رغم أن قانون تأسيس شركات الحراسة يمنع مزاولة هذه الخدمة، وباتت تقدمها شركات بشكل غير رسمي أحيانا، لأنها أصبحت مربحة اقتصاديا.
ووجهت لتلك الشركات انتقادات لكونها تلجأ إلى توظيف أشخاص غير مؤهلين لحراسة الأماكن العامة والمقرات الحساسة، مقابل الاهتمام بخدمة الحارس الشخصي التي يمنع القانون تقديمها.
ويبلغ سعر خدمة الحارس الشخصي نحو 50 دولارا نظير عمل ثماني ساعات فقط يوميا، بخلاف تقديم وجبة تصل في الغالب إلى نحو 50 دولارا، وبالتالي تصل تكلفة الخدمة بالكامل إلى نحو مئة دولار خلال الدوام للفرد الواحد.
وفي المقابل، تتراوح أجور الأفراد العاملين في نشاط الأمن والحراسة في الشركات بين 80 و100 دولار في الشهر، مما يزيد من معاناة هؤلاء الأفراد ويجعل هذا النشاط طاردا للشباب.
وقال وائل البسيوني سكرتير عام شعبة الحراسات والأمن بالغرفة التجارية في القاهرة لـ“العرب” إن “نشاط الحراسة ونقل الأموال لم يعد رفاهية في مصر تزامنا مع ارتفاع معدلات الجرائم والسرقة”.
وأوضح أن تكرار تلك الحوادث غير الفكر الأمني لدى المواطنين وأصحاب المصانع والمحلات التجارية التي بدأت تستعين بشركات الحراسة بشكل كبير.
وأضاف “لقد اختلف الوضع تماما حيث يلزم القانون الجديد بأن يكون لدى رجل الأمن تأمين اجتماعي وطبي، وأن يكون له أيضا رقم تعريف يصدر من وزارة الداخلية وبالتالي سيشعر بأنه أصبح صاحب مهنة”.
فتحي كمال:قانون الحراسة الجديد يطرد الشركات الصغيرة ويمنع ممارسات حرق الأسعار
وصدرت اللائحة التنفيذية للقانون وبدأ تطبيقها فعليا منذ منتصف يناير الماضي، ما يضع الشركات الصغيرة في مأزق شديد بسبب عدم قدرتها على رفع رأسمالها وفق الضوابط الجديدة.
وتواجه شركات الحراسة مشكلات أيضا بعد تحرير سعر صرف العملة بالبلاد، حيث أدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة الأدوات التي تستخدمها ويتم استيرادها من الخارج.
وتستورد الشركات البوابات الإلكترونية والكاميرات وأجهزة الكشف عن المفرقعات من مختلف الدول خاصة الصين وتركيا والولايات المتحدة الأميركية.
وتستعين هيئة مترو الأنفاق في مصر بشركة “فالكون” التي تعد من أكبر شركات الأمن الخاصة لتأمين الركاب وتفتيش رواد المترو، من خلال بوابات إلكترونية لمنع دخول أي مفرقعات للمترو، ولجأت جامعة القاهرة وجامعات أخرى إلى نفس الشركة لتأمين الطلاب وحظر دخول أشياء مشتبه بها إلى داخل الحرم الجامعي.
وتصاعد الطلب على قطاع شركات حراسة المنشآت ونقل الأموال بشكل سريع وتطور خلال الـ37 عاما الماضية، وتم تأسيس أول شركة في هذا القطاع عام 1979.
وخلال تلك السنوات ومع المتغيرات لم يكن هناك قانون منظم للعمل، بل اقتصر على حصولها على التراخيص والموافقات الأمنية فقط، وكانت هناك عدة محاولات لإصدار قانون ينظم عمل شركات الحراسة وتأمين نقل الأموال، وفي كل مرة لا يتم إقراره.
وأصدرت الحكومة المصرية القانون رقم 86 لسنة 2015 الذي ألغى عمل شركات الحراسة الفردية أو شركات التضامن أو التوصية البسيطة من مزاولة هذا النشاط، واقتصر على أن تكون شركات الحراسة مساهمة مصرية ورأسمالها 16 ألف دولار، وأسهم الشركة مملوكة بالكامل للمصريين، وكذلك مؤسسوها وأعضاء مجالس إدارتها.
العرب اللندنية