لندن – بدت ألمانيا وهولندا أكثر تضامنا ضد مساعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لخوض حملات دعائية على أراضيهما للحصول على دعم شعبي أوسع للتعديلات الدستورية التي تحوّله إلى رئيس برتبة دكتاتور.
ويعكس هذا التضامن التقاء أوروبيا أوسع سبق أن دعمته مواقف دول أخرى ضد سياسة أردوغان الخاصة بالاستهانة بحقوق الإنسان أو في ملف استيعاب اللاجئين مقابل دعم مالي أوروبي.
ونهج الرئيس التركي أسلوب الابتزاز لدفع أوروبا إلى إعفاء الأتراك من التأشيرة كشرط أولي قبل أيّ اتفاق بخصوص اللاجئين، ملوّحا أكثر من مرة بفتح الأبواب أمام مئات الآلاف منهم للهجوم على أوروبا.
وأعلنت الحكومة الهولندية أن عقد اجتماع مؤيد لأردوغان في مدينة روتردام في 11 مارس الجاري أمر “غير مرغوب فيه”، من دون أن توضح ما إذا كان ذلك يعني أن الاجتماع لن يعقد.
وأتى الإعلان الهولندي في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين أنقرة وبرلين توترا بسبب إلغاء اجتماعات مماثلة كانت مقررة في ألمانيا الأمر الذي أغضب تركيا.
وكتب رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي على صفحته في فيسبوك إن “الحكومة تلقت تأكيد تركيا بأنه يجري التحضير لإجراء حدث يتعلق بحملة سياسية في هولندا” في 11 مارس الجاري، مضيفا “لن نتعاون مع (هذا الحدث) لأننا نعتبره أمرا غير مرغوب فيه”.
وأضاف “نحن نعتقد أن الفضاء العام الهولندي ليس هو المكان لإجراء حملة سياسية لبلد آخر”.
وكان أردوغان هاجم الجمعة بشدة ألمانيا متهما إياها بـ”إيواء إرهابيين” ومؤكدا أن الصحافي الألماني الموقوف انفصالي كردي و”جاسوس ألماني” في الوقت نفسه.
وأتت تصريحات أردوغان النارية بعد إلغاء السلطات الألمانية ثلاثة تجمعات كانت مقررة في ألمانيا دعما لتعديل دستوري في تركيا يعزز سلطات أردوغان قبل طرحه في استفتاء في 16 أبريل القادم.
واتهم الرئيس التركي ألمانيا بإجازة تجمعات الانفصاليين الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة “إرهابيين” مؤكدا أنه “يجب محاكمة السلطات الألمانية لأنها تساعد الإرهابيين وتؤويهم”.
وسارعت وزارة الخارجية الألمانية إلى الردّ في بيان مقتضب معتبرة أن اتهامات أردوغان للصحافي “لا معنى لها”.
واعتبر مراقبون أن الرئيس التركي تجاوز التقاليد الدبلوماسية بين الدول بالإصرار على القيام بحملات دعائية في دول أخرى سيكون تركيزها، على الغالب، مقتصرا على ما يسميه تواطؤ أوروبا مع محاولة الانقلاب الفاشلة ضده في 15 يوليو الماضي، ومتهما إياها بفتح المجال لأنشطة خصومه الأكراد على أراضيها، وهي قضايا تمس من سيادة الدول المعنية وتعتبر تدخلا في شؤونها.
وأشار المراقبون إلى أن أردوغان يريد أن يستثمر الديمقراطية الأوروبية لتثبيت نظام استبدادي تكون الكلمة فيه له دون سواه، معتبرين أن هذا التناقض تأكيد إضافي على أنه يتعامل مع الديمقراطية كمطية لتثبيت حكمه وليس كقيمة تعمّق حرية الاختيار وتحقق تساوي الفرص أمام الجميع.
ودفع الرئيس التركي برئيس وزرائه بن علي يلدريم لامتصاص غضب الأوروبيين والسعي للتهدئة معهم. وأجرى رئيس الوزراء التركي السبت اتصالا هاتفيا “مثمرا” مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وقال يلديريم عن مكالمته مع ميركل “أجرينا اتصالا جيدا ومثمرا”، مضيفا “سيعقد وزيرانا للخارجية اجتماعا الأسبوع المقبل” لمناقشة المسألة.
وتعرضت زيارات السياسيين الأتراك إلى ألمانيا لانتقادات شديدة وسط مساعي أنقرة للحصول على تصويت الجالية التركية الكبيرة بـ”نعم” في الاستفتاء.
وكان من المقرر أن يتحدث وزير العدل التركي بكر بوزداغ خلال تجمع الخميس في غاغناو في غرب ألمانيا إلا أن التجمع تم إلغاؤه. وفي مدينة كولونيا سحبت السلطات ترخيصا يسمح لوزير الاقتصاد التركي نهاد زيبقجي بإلقاء خطاب فيما ألغي الجمعة تجمع مشابه في مدينة فريشن المجاورة.
وتعيش في ألمانيا أكبر جالية تركية في العالم تضم أكثر من ثلاثة ملايين نسمة أكثر من نصفهم من الناخبين وهو ما يأمل أردوغان في الاستفادة منه.
العرب اللندنية