واشنطن – يجتمع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون مع كبار المسوؤلين الأتراك في أنقرة هذا الأسبوع لإجراء محادثات قد تكون حاسمة في الحملة المدعومة من الولايات المتحدة لاستعادة مدينة الرقة السورية من تنظيم الدولة الإسلامية.
وتضغط تركيا على الولايات المتحدة للتخلّي عن تحالفها العسكري مع وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تعتبرها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا مسلحا في تركيا منذ ثلاثة عقود.
لكن المسؤولين الأميركيين يرون أن المقاتلين الأكراد سيلعبون دورا رئيسيا في حملة استعادة الرقة المعقل الرئيسي للدولة الإسلامية في سوريا. ويعمل المقاتلون الأكراد مع مقاتلين عرب في تحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي تدعمه الولايات المتحدة.
وبدلا من ذلك تريد تركيا أن تعتمد الولايات المتحدة على جماعات سورية عربية تدعمها أنقرة في حملة استعادة الرقة التي يغلب العرب على سكانها لكن الاقتراح لم يقنع المسؤولين الأميركيين إذ أنهم غير واثقين من حجم وتدريب المقاتلين العرب المدعومين من تركيا.
وقال مسؤول كبير طلب عدم نشر اسمه “نحتاج أولا العمل على التفاصيل مع تركيا”.
ويضع القرار رغبة الرئيس دونالد ترامب في تحقيق انتصارات سريعة في ساحة المعركة في مواجهة الحاجة للحفاظ على تحالف استراتيجي طويل الأمد للولايات المتحدة مع أنقرة الحليفة في حلف شمال الأطلسي التي تتيح لواشنطن قاعدة جوية هامة لشن ضربات في سوريا.
ويبدو أن حملة الرقة تكتسب زخما مع اقتراب الجهود المتداخلة المدعومة من الولايات المتحدة في العراق من طرد الدولة الإسلامية من مدينة الموصل.
وقال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان الجمعة إن معركة استعادة الرقة ستبدأ على الأرجح خلال الأيام القادمة. غير أن الجيش الروسي اعتبر السبت أن إعلان فرنسا محاصرة الرقة، معقل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، والبدء الوشيك لمعركة استعادتها “لا صلة له بالواقع”.
وقال المتحدث باسم الجيش الروسي إيغور كوناشنكوف في بيان إن “تفاؤل وزير الدفاع الفرنسي الذي أعلن إتمام تطويق الرقة (…) لا صلة له بالواقع والوضع الميداني”.
وأضاف كوناشنكوف “من الواضح بالنسبة إلى أيّ اختصاصي عسكري أن تحرير الرقة لن يكون نزهة للتحالف الدولي”، لافتا إلى أن مدة العملية ونجاحها يبقيان رهنا بقدرة الأطراف على “تنسيق تحركاتهم مع كل القوات التي تتصدى للإرهاب الدولي في سوريا”.
من جهته قال قائد وحدات حماية الشعب الكردية لرويترز الأسبوع الماضي إن الهجوم سيبدأ في أبريل وإن الوحدات ستشارك.
ويعتقد بعض المسؤولين الأميركيين أن هذا الجدول الزمني شديد التفاؤل ويشيرون إلى أن الانتهاء من معركة رئيسية جارية لاستعادة السيطرة على سد الطبقة على بعد 40 كيلومترا إلى الغرب من الرقة قد يستغرق أسابيع.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن الولايات المتحدة لم تتخذ قرارا بشأن تشكيل قوة الهجوم الذي تدعمه في الرقة.
ولدى الولايات المتحدة حوالي ألف جندي في سوريا في الوقت الراهن وقد تشمل حملة الرقة مئات آخرين.
وقال السناتور جون مكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، للصحافيين الأسبوع الماضي إنه سيكون من الصعب إقناع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمزايا دعم المقاتلين الأكراد حتى لو أنهم يمثلون أكثر الأسلحة فاعلية في مواجهة متشددي الدولة الإسلامية.
وقال مكين “المعضلة هي أنك لو لم تستخدم الأكراد فإن الأمر سيستغرق وقتا أطول بكثير في حين ترسل الدولة الإسلامية الإرهابيين إلى خارج الرقة”. وأضاف “لكن إذا قمت بذلك فإنك تواجه تحديا هائلا في ما يتعلق بالعلاقات مع تركيا”.
وأوضح مكين أن العلاقة مع أردوغان مهمة بشكل خاص مشيرا إلى الاستفتاء الذي سيجرى في تركيا يوم 16 أبريل بهدف توسيع صلاحيات الرئيس.
ويأتي اجتماع تيلرسون في أنقرة بعد اجتماع لشركاء التحالف البالغ عددهم 68 في واشنطن هذا الأسبوع حيث اتفقوا على تكثيف العمليات ضد الدولة الإسلامية بما في ذلك في سوريا.
وخلال الاجتماع الذي جرى الأربعاء قال تيلرسون إن الولايات المتحدة ستعمل على إقامة “مناطق استقرار مؤقتة” من خلال وقف إطلاق النار لمساعدة اللاجئين على العودة إلى ديارهم في المرحلة المقبلة من قتال الدولة الإسلامية والقاعدة في سوريا والعراق.
إلا أن تيلرسون لم يكشف عن التفاصيل على الرغم من أن مسؤولا أميركيا قال إنه لم يتم الاتفاق إلى الآن بين جميع الوكالات الأميركية بشأن مكان هذه المناطق وكيفية إقامتها.
ومنذ أمد بعيد يتشكك الجيش الأميركي في جدوى إقامة مناطق آمنة داخل سوريا والعراق ويرجع ذلك جزئيا إلى أن أيّ منطقة آمنة تضمنها الولايات المتحدة ستحتاج بالتأكيد إلى بعض الحماية العسكرية الأميركية.
ويقول مسؤولون أميركيون سابقون وخبراء إن تأمين الأرض وحدها يتطلب آلاف الجنود.
وستكون هناك حاجة لزيادة القوة الجوية الأميركية أو القوة الجوية للتحالف إذا اختار ترامب فرض مناطق حظر طيران وقد تكون ثمة حاجة أيضا إلى قوات برية لحماية المدنيين في هذه المناطق.
العرب اللندنية