الرياض – كشفت مصادر في قطاع النفط أن السعودية دخلت في مفاوضات مع شركات نفط عالمية لبحث فرص خاصة بمشروعات غاز داخل البلاد وخارجها في إطار مساعي أكبر بلد مصدر للخام لتنويع الاستثمارات قبل إدراج شركة الطاقة الحكومية العملاقة أرامكو.
وقالت مصادر مطلعة لرويترز إن مسؤولين سعوديين بحثوا فرصا استثمارية مع شركات من بينها بي.بي البريطانية وشيفرون الأميركية للمساهمة في تطوير احتياطياتها من الغاز، وهي سادس أكبر احتياطيات في العالم، لمواجهة تنامي الطلب الداخلي.
وأشارت المصادر إلى أن أرامكو تدرس كذلك الاستثمار في مشاريع غاز خارج السعودية منها مشروعات مع إيني الإيطالية.
ويأتي هذا التوجه في إطار مساعي الرياض لتنويع مواردها الاقتصادية وتقليص اعتمادها على النفط ضمن “رؤية السعودية 2030″ وسط جهود عالمية للحد من استخدام الوقود الأحفوري الأكثر تلويثا للبيئة.
وتريد أرامكو زيادة إنتاج الغاز لمثليه تقريبا إلى 23 مليار قدم مكعبة قياسية يوميا في العقد المقبل.
وتعيد التطورات الجديدة للأذهان المحادثات بين أرامكو وشركات عالمية كبري في نهاية التسعينات وأوائل العقد الماضي والمعروفة باسم مبادرة الغاز السعودية.
خالد الفالح: أرامكو مهتمة بالاستثمار في مشاريع دولية لأنشطة المنبع لا سيما في قطاع الغاز
وانهارت معظم هذه المحادثات بسبب اختلاف الأطراف المشاركة على عوائد الاستثمار.
لكن هذه المرة تتأهب أرامكو لإدراج 5 بالمئة من أسهمها العام المقبل حيث تستهدف الشركة تقييما يصل إلى تريليوني دولار في الطرح العام الأولي الذي قد يكون الأكبر من نوعه في العالم.
وكان جون واتسون الرئيس التنفيذي لشيفرون قد قال لرويترز الأسبوع الماضي “لدينا علاقة قديمة مع السعودية ومن الطبيعي أن نجري محادثات معها حول تطوير الأعمال باستمرار”.
وأكد بوب دادلي الرئيس التنفيذي لشركة بي.بي، الذي زار السعودية نهاية العام الماضي، إنه لا يستبعد إقامة “شراكات خلاقة” مع أرامكو، لكن من المستبعد أن تضخ بي.بي استثمارا مباشرا في الطرح.
وتبنت الحكومة السعودية هدفا طويل الأمد يتمثل في زيادة استخدام الغاز في توليد الكهرباء محليا ومن ثم خفض استهلاك النفط في البلاد لإتاحة كميات أكبر من الخام للتصدير.
ويرى خبراء إن ذلك قد يسهم في رفع تقييم أرامكو إذ أنها تحقق إيرادات من تصدير النفط أكبر من بيعه بالأسعار المحلية المنخفضة.
وتعتبر السعودية خامس أكبر مستهلك للنفط في العالم رغم أنها تحتل المركز العشرين بين أكبر الاقتصادات في العالم.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة أرامكو، العام الماضي إن “الشركة مهتمة بالاستثمار في مشروعات دولية لأنشطة المنبع لا سيما في قطاع الغاز وقد تستثمر في استيراد الغاز للمملكة”.
وتقول مصادر في القطاع إن تنويع أصول الغاز في الخارج يسمح لأرامكو بالحصول على تقييم أفضل ويجذب المستثمرين. كما تنوي الرياض رفع أسعار الغاز المحلية وهي خطوة تعتبر حافزا للشركات الأجنبية.
بوب دادلي: شركة بي.بي لا تستبعد إقامة شراكات جديدة مع أرامكو في الفترة المقبلة
وذكر أحد المصادر أن وزير الطاقة أبدى رغبة أرامكو خلال اجتماعات خاصة مع عدد من المسؤولين التنفيذيين الغربيين في عقد شراكات مع شركات أخرى في مشروعات لأنشطة المنبع.
وقال مصدران سعوديان مطلعان إن “دادلي أبدى اهتماما بالاستثمار في التنقيب عن الغاز في البحر الأحمر ولكن لم يجر الجانبان مباحثات بشأن المشروع بعد”.
وتسيطر أرامكو على احتياطيات غاز تتجاوز ثمانية تريليونات متر مكعب بحسب المراجعة السنوية التي تجريها بي.بي لقطاع الطاقة. وتريد الشركة السعودية التنقيب عن الغاز في المياه الضحلة بالبحر الأحمر فضلا عن الغاز الصخري.
وكانت مبادرة الغاز السعودية في التسعينات في حقيقتها مسعى من وزير النفط آنذاك علي النعيمي لإحباط محاولات شركات مثل إكسون موبيل لإقامة شراكة مع الرياض في مجال تطوير النفط.
وفي كتاب نشر العام الماضي، قال النعيمي إنه كان مقتنعا بأن شركات النفط الكبرى تأمل بالاستحواذ على الاحتياطيات السعودية الرخيصة من مكثفات الغاز، وهي نوع من النفط الخام عالي الجودة، في إطار محادثات الغاز في ذلك الوقت.
وخلال مبادرة الغاز في 1997-1998 والتي قدرت قيمتها بنحو 25 مليار دولار، أبدى عدد من كبرى شركات النفط في العالم مثل إكسون وشل اهتماما ولكنها وجدت صعوبة في الاتفاق على الشروط.
ومنذ عام 2003، أسست شركات من بينها لوك أويل وشل وسينوبك الصينية مشروعات مشتركة مع أرامكو ولكنها لم تعثر على مكامن مجدية من الناحية الاقتصادية. كما شكت الشركات من انخفاض أسعار الغاز المحلية وارتفاع تكلفة الاستخراج.
وكانت شركة لوك أويل الروسية أحدث شركة أجنبية تتخلى عن التنقيب عن الغاز في السعودية رغم أن الرياض خفّضت الشهر الماضي ضريبة الدخل على شركات الطاقة العاملة بالبلاد لزيادة جاذبية استثمارات الطاقة.
العرب اللندنية