القاهرة – ارتسمت السعادة والبهجة على شفاه ووجوه المسيحيين المصريين الذين شاركوا في القداس الذي أقامه البابا فرنسيس للطوائف الكاثوليكية بمعلب الدفاع الجوي الذي يتبع الجيش المصري (شرق القاهرة)، السبت، حضره نحو 30 ألفا. وقال عدد منهم إن زيارة البابا لمصر ساهمت في رفع روحهم المعنوية بعد عدة هجمات تعرضوا لها في الأشهر الأخيرة.
وجاءت زيارة البابا فرانسيس إلى القاهرة، والتي تستهدف في جانب منها إلى تحسين العلاقات مع كبار رجال الدين الإسلامي وكذلك الكنيسة الأرثوذكسية، بعد ثلاثة أسابيع فقط من مقتل 45 شخصا على الأقل في تفجيرين انتحاريين استهدفا كنيستين في مصر.
وفي ديسمبر الماضي أودى تفجير انتحاري استهدف كنيسة ملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بحياة 29 شخصا. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد مسؤوليته عن الهجمات الثلاث.
ويمثل المسيحيون ما يصل إلى عشرة بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليون نسمة وهم بذلك أكبر طائفة مسيحية تقريبا في الشرق الأوسط. ويغلب الأرثوذكس على المسيحيين في مصر إذ يوجد فقط نحو 200 ألف من أتباع الكنيسة الكاثوليكية. وشارك آلاف أغلبهم من الكاثوليك في القداس الذي أقيم وسط إجراءات أمنية مشددة في ملعب تابع للقوات المسلحة.
وأعادت زيارة البابا فرنسيس ذكريات جميلة لزكريا جلوم الذي شارك في قداس أقامه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني عندما زار مصر عام 2000. وهذه الزيارة الأولى للبابا فرنسيس لمصر وهو ثاني بابا يزور البلاد بعد البابا يوحنا.
وقال جلوم وهو يقف في صف طويل استعدادا للتفتيش الأمني قبل دخول المعلب “هذه فرصة جيدة جدا. لقد جاءت الزيارة في وقت مناسب لترفع من الروح المعنوية وتقول إن مصر لا تزال بخير ولا تزال آمنة”. ورغم الصفوف الطويلة بسبب إجراءات الأمن والتفتيش كانت الابتسامة لا تفارق المشاركين وارتدى أغلبهم ثيابا فاخرة ومبهجة وكأنهم في يوم عيد.
داخل الملعب كان المشاركون يحتفلون قبل قدوم البابا على قرع الطبول وأبواق الفوفوزيلا على غرار مشجعي كرة القدم. وكانوا يصفقون ويلوحون عندما تحلق طائرات الهليكوبتر من فوقهم. وحمل المشاركون في القداس أعلام مصر والفاتيكان وأطلقوا بالونات في الهواء بشكل جماعي لحظة دخول البابا إلى أرض الملعب في موكب مهيب مع قساوسة يمثلون كل الطوائف الكاثوليكية في مصر: الكنائس القبطية والأرمنية والمارونية وكنيسة الروم الكاثوليك. وعلى أنغام الترانيم الدينية، توجه البابا نحو المذبح وقبله.
وتعول السلطات في مصر على أن تسهم زيارة البابا في تحسين صورة البلاد الأمنية أمام العالم وأن تسهم في تهدئة روع المسيحيين بعد سلسلة الهجمات التي تعرضوا لها على أيدي المتشددين الموالين لتنظيم الدولة الإسلامية.
وقال رجل يدعى إيهاب محيي إن “الزيارة تدعم الوحدة الوطنية”. وأضاف “الزيارة ساهمت في رفع الروح المعنوية للشرطة والشعب والمسلمين والمسيحيين ولكل المصريين”. واكتمالا لمظاهر البهجة والفرح بارك البابا فرنسيس زواج عروسين مسيحيين خلال القداس.
وأشاد بطريرك الأقباط الكاثوليك إبراهيم إسحق بالدعم “المعنوي والروحي” الذي يقدمه الحبر الأعظم بزيارته لمصر في وقت “أثارت فيه الأحداث المتتالية (ضد الأقباط) الكثير من الإحباط بل والغضب أحيانا”.
كان البابا فرنسيس شارك مساء الجمعة مع بابا الأقباط تواضروس الثاني في صلاة مسكونية في الكنيسة البطرسية في القاهرة التي استهدفها تفجير انتحاري تبناه تنظيم الدولة الإسلامية وأوقع 29 قتيلا في ديسمبر الماضي.
السلطات في مصر تعوّل على أن تسهم زيارة البابا في تحسين صورة البلاد الأمنية أمام العالم وأن تسهم في تهدئة روع المسيحيين بعد سلسلة الهجمات التي تعرضوا لها على أيدي المتشددين الموالين لتنظيم الدولة الإسلامية
وفي كلمة قصيرة في الكاتدرائية المرقسية قبيل هذه الصلاة، أعرب البابا فرنسيس عن تضامنه مع “شهداء” الأقباط في هذا التفجير وفي اعتداءين آخرين أعقباه ضد كنيستين قبطيتين وأوقعا 45 قتيلا في التاسع من أبريل الجاري. وقال “أريقت للأسف مؤخرا دماء بريئة لمصلين عزل وبقسوة.. آلامكم هي أيضا آلامنا. دماؤهم الزكية توحدنا”.
ووقع البابا فرنسيس وهو يرتدي زيه الأبيض والبابا تواضروس الثاني بزيه الأسود، وثيقة “إخاء وصداقة” تشير إلى التراث المسيحي المشترك على الرغم من الخلافات التي أدت إلى تباعد الكنيسة الكاثوليكية عن الكنائس الأرثوذكسية الشرقية.
وشددت الوثيقة على أن “أواصر الصداقة والأخوّة العميقة، التي تربطنا، تجد جذورها في الشركة التامّة التي جمعت كنائسَنا في القرون الأولى”. وتضمنت دعوة إلى الوفاق بين المسلمين والمسيحيين في العالم. وأكدت “أننا نسعى جاهدين إلى الصفاء والوئام عبر التعايش السلميّ بين المسيحيّين والمسلمين”.
وقبيل مغادرته إلى روما ختم بابا الفاتيكان زيارته إلى مصر بترؤس قداس ثان في كلية الإكليريكية للأقباط الكاثوليك في المعادي (جنوبي القاهرة). والتقى البابا كهنة المستقبل الذين يدرسون في الكلية. ودعاهم إلى أن يكونوا “قوة إيجابية “وسط الكثير من دوافع الإحباط ووسط الكم الكبير من الأصوات السلبية”.
العرب اللندنية