الكويت – تمكّنت الحكومة الكويتية من تجاوز “امتحان صعب” تمثّل باستجواب رئيسها الشيخ جابر المبارك الصباح ووزير الإسكان ياسر أبل في جلسة ماراثونية انطلقت الأربعاء، وتواصلت على مدار ما يقارب الـ12 ساعة، حتى فجر الخميس، دون أن تفضي إلى طرح الثقة بالشيخ جابر.
ومثّل ذلك نجاحا مزدوجا لجهة كسر حاجز الخوف من الاستجوابات ومواجهتها بدل الهروب منها نحو خيار حلّ البرلمان وإعادة تنظيم انتخابات مبكرة ثبت أنها تؤجّل المشكلة ولا تلغيها.
أما الوجه الثاني لذلك النجاح فتمثّل في كسب الحكومة لعدد كاف من أصوات أعضاء مجلس النواب، ما سيشكّل لها مظلة في قادم الأيام ضدّ الأصوات المناوئة لأعضائها والساعية وراء البحث عن هناتها وعثراتها في إطار حسابات سياسية لا تخلو من أغراض شخصية وأخرى حزبية.
وتسلك حكومة الشيخ جابر نهج مقارعة الاستجوابات، في إطار بحثها عن حدّ أدنى من الاستقرار السياسي، هو اليوم مطلوب أكثر من أي وقت مضى لمواجهة تحديات أمنية وأخرى اقتصادية ذات ارتباط وثيق بالوضعين الإقليمي والدولي.
وفشل المستجوبون في الحصول على توقيع 10 نواب من أصل 50، وهو العدد المطلوب لطرح الثقة برئيس الوزراء، حيث وقّع طلب طرح الثقة في الاستجواب الأول 6 نواب، والثاني 5 نواب فقط.
وقالت مصادر سياسية كويتية إنّ الاستعداد الحكومي للاستجوابات كان دقيقا وجرى بشكل منهجي وشارك فيه عدد كبير من الساسة ورجال القانون، وسلك منحيين: أولهما تقني وقانوني انصبّ بداية على البحث عن مطاعن دستورية لإسقاط الاستجوابات أو محاور منها، وتاليا توجّه الجهد نحو جمع الوثائق والقرائن لمواجهة المستجوبين.
أمّا المنحى الثاني، بحسب ذات المصادر، فاكتسى صبغة سياسية تمثّلت في إجراء عدد من الشخصيات ذات التأثير في البلد لجملة كبيرة من الاتصالات شملت عددا من نواب البرلمان وانتهت بإقناع البعض منهم بأهمية العمل على الحفاظ على الاستقرار السياسي نظرا لدقّة الموقف وصعوبة المرحلة محليا وإقليميا. وانتهى الاستجواب الأول الموجه لرئيس مجلس الوزراء من قبل النواب وليد الطبطبائي ومحمد المطير وشعيب المويزري إلى تشكيل لجنة تضم ثلاثة نواب للتحقيق في ما ورد بمحاور الاستجواب وتقديم تقرير بشأنها.
وتضمن هذا الاستجواب خمسة محاور من بينها مخالفة الحكومة للقانون فيما أصدرته من مراسيم وقرارات بسحب أو إسقاط الجنسية عن بعض حامليها، ومخالفة المعاهدات والمواثيق الدولية وإصدار تشريعات مخالفة للحقوق المدنية والسياسية، والإصرار على تعيين شخصيات فقدت شرط الكفاءة والأهلية، وزيادة الأعباء على المواطنين والإخلال بمبدأ المساواة.
أما الاستجواب الثاني فوجهه لرئيس الوزراء النائبان رياض العدساني وشعيب المويزري وشمل محورا واحدا تعلّق بارتكاب الحكومة مخالفات وتجاوزات مالية وإدارية وفنية في إنجاز عدد من المشاريع.
وانتهت مناقشة هذا الاستجواب بإحالة محوره على اللجنة الثلاثية التي شكلها المجلس إثر الاستجواب الأول.
وشهدت الجلسة أيضا مناقشة استجواب ثالث موجه من النائب شعيب المويزري إلى وزير الإسكان ياسر أبل يشتمل على أربعة محاور يتعلق أهمها بمحاباة الوزير للشركات الرئيسية والمقاولين المنفذين لأحد المشاريع الإسكانية، وانتهى استجواب وزير الإسكان بدوره دون تقديم طلب بطرح الثقة.
وسبّب إصرار نواب بمجلس الأمّة على استدعاء رئيس مجلس الوزراء بما له من سلطات فعلية، ومن مكانة اعتبارية كأحد أعضاء الأسرة الحاكمة أمام المجلس لاستجوابه بشأن مسائل تدور حول “مخالفة القانون وسوء استغلال السلطة وتفشي الفساد الحكومي”، حرجا للحكومة وتوتّرا في علاقة السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ويعتبر متابعون للشؤون الكويتية أنّ الاستجوابات النيابية تجاوزت في الكويت كونها مجرّد أداة رقابية على عمل الحكومة، ذات جدوى وفائدة، إلى وجه من أوجه العلاقة المتوتّرة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لا تخلو من تبعات على مستوى الاستقرار السياسي في البلد.
ويشير هؤلاء إلى أنّ أطرافا تستخدم هذه الأداة في تصفية حسابات شخصية وحزبية، مؤكّدين أنّها ستمضي قدما في استخدامها معتبرين أن حكومة الشيخ جابر كسبت جولة فقط من معركة أطول.
وإثر فشل طرح الثقة برئيس مجلس الوزراء، أكّد نواب بالبرلمان أن استجوابات الوزير أبل والشيخ جابر لن تكون الأخيرة.
العرب اللندنية