صنعاء – تلعب التطورات الميدانية والسياسية على حدّ سواء في غير مصلحة المتمرّدين الحوثيين المتحالفين مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، حيث لم يحدث طيلة حلقات الصراع الذي فجّروه منذ سنة 2014 بغزوهم مناطق البلاد واستيلائهم على السلطة بقوّة السلاح، أن كانوا أكثر تراجعا على جبهات القتال، ولا أكثر انقساما داخليا، ولا أشدّ حرجا إزاء المجتمع الدولي، ممّا هم عليه في الفترة الراهنة.
وبينما يتراجع المتمرّدون في مدينة تعز أحد آخر المواقع المهمة لهم بجنوب غربي اليمن بعد أن كانوا قد طردوا من مدينة المخا، جاء المقترح الأممي بتسليم ميناء الحديدة لجهة محايدة، ليضاعف من حرج المتمرّدين الذين رفضوا المقترح، فيما قبل به التحالف العربي ومن ثمّ حكومة الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي، وهو الأمر الذي يعني أنّ الحلّ الوحيد المتبقّي هو استخدام القوّة العسكرية في تحرير المدينة وتحميل المتمرّدين المسؤولية أمام المجتمع الدولي عما ينجم عن ذلك.
وانعكست الأوضاع الميدانية والتطورات السياسية بشكل واضح على تماسك تحالف الحوثي- صالح، حيث بدا الطرفان في تباعد مستمرّ وتواترت الأنباء عن خلافات حادّة بشأن العديد من المسائل.
وإمعانا في إحراج المتمرّدين أمام المجتمع الدولي أعلنت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا الأحد تأييد المقترحات والأفكار التي تقدم بها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، المتصلة بترتيبات انسحاب المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح من محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر والتي تحتوي على ميناء استراتيجي كان قد لعب الدور الأبرز في تهريب السلاح الإيراني لليمن.
وأكدت الحكومة في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية “سبأ”، “استعدادها الكامل لمناقشة تفاصيل المقترحات المتصلة بترتيبات انسحاب الميليشيات من محافظة الحديدة في ضوء مشاورات السلام التي رعتها الأمم المتحدة في الكويت العام الماضي والتي وافقت عليها الحكومة اليمنية”.
ودعت الحكومة الى تشكيل لجنة فنية من خبراء اقتصاديين وماليين لمساعدة الحكومة في إيجاد آلية مناسبة وعاجلة لدفع مرتبات الموظفين في الجهاز الإداري للدولة والتعامل مع الإيرادات في المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين بهدف توفير السيولة اللازمة لتغطية هذه النفقات.
وكان ولد الشيخ قال للأطراف المتنازعة خلال الاجتماعات التي عقدها مؤخرا مع الحكومة اليمنية وقادة التمرّد في صنعاء، إنه “لا بدّ من التوصل إلى حل وسط بالنسبة لميناء الحديدة”، مشيرا إلى أن “انتشار الأعمال العسكرية ووصولها إلى الحديدة سيخلف آثارا مدمرة على البنية التحتية وعلى أرواح المدنيين”.
ومع تعنّت المتمرّدين وإصرارهم على الاحتفاظ بالحديدة، يغدو الحل الوحيد المتاح لاستعادتها من أيديهم هو استخدام القوّة.
ويعزّز موقف التحالف العربي مزاجٌ دولي يبدو أكثر تفهّما لوجوب الإسراع بحسم الصراع في اليمن لتجنيب البلد والمنطقة المزيد من المخاطر. وتبدي الولايات المتّحدة تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، على نحو خاص، وفاقا أكبر مع دول الخليج لا يستبعد أنّ ينتج عنه موقف أميركي إيجابي من عملية تحرير الساحل الغربي لليمن التي يعتزم التحالف العربي إطلاقها، وقد باتت ضرورة ملحّة تحتّمها حماية الملاحة الدولية.
ووضع الوفاق الأميركي الخليجي إيران الداعمة للمتمرّدين الحوثيين في اليمن تحت مجهر الملاحظة الدولية كأكبر داعم للإرهاب في المنطقة. ويشمل التجريم الدولي لإيران أنشطتها في اليمن وتهريبها السلاح والذخائر إلى أتباعها هناك وتدريبها الميليشيات ومدّها بالخبرات والتقنيات العسكرية.
ويظهر ميزان القوى القائم حاليا على الأرض أنّ تحرير الحديدة من قبل التحالف العربي لن يكون أمرا بالغ الصعوبة، وقد لا تتطلب المعركة وقتا طويلا. وفضلا عن تفوّق التحالف بشكل ساحق في الأجواء وفي البحر، تمّت مؤخّرا استعادة مواقع هامة على الساحل الغربي لليمن يمكن استخدامها منطلقا لتحرير المحافظة.
وبعد استعادة مدينة المخا المجاورة للحديدة، أحدث الجيش اليمني بدعم من التحالف العربي الأسبوع الماضي خرقا مهمّا على جبهة مدينة تعز وتمكّن من انتزاع مواقع مهمّة داخلها، حيث استولى على القصر الجمهوري هناك والذي كان المتمرّدون يتخذونه معسكرا لقواتهم. كما اقتحم معسكر التشريفات التابع للحرس الجمهوري.
العرب اللندنية