مصير الحاجة أم محمود المصري في حي القابون بدمشق هو صورة مصغرة لما يواجهه ما تبقى من العائلات في الحي الذي هجر أهله منه الشهر الماضي، ولكن بعضهم تشبث بما تبقى من منزله وأرضه بعد ضمانات من النظام لم يفِ بها.
حي القابون الدمشقي بات خاليا من أغلب أهله الذين هُجروا بفرض قوات النظام اتفاق تهجير على الأهالي والمعارضة المسلحة منتصف الشهر الماضي، ولم يبق في الحي سوى عشرات العائلات التي آثرت البقاء فيه وفي ما بقي من منازلها والعيش مع ذكرياتهم متشبثين بأرضهم، وذلك بعد تقديم ضمانات عديدة من قوات النظام بشكل مباشر أو عن طريق لجنة المفاوضات.
لكن الضمانات لم تنفذ فعليا على الأرض، والأوضاع الإنسانية تزداد سوءا، فقوات النظام تستمر في فرض حصار على الحي وتمنع خروج الأهالي منه إلا في ساعات محددة ولمدة محددة و رفقة عنصر من قوات النظام يشرف على كل ما يتم شراؤه، كما أنه لديه السلطة لمنع شراء أي سلعة.
سجن دون أسوار
وبات الحي أشبه بسجن من دون أسوار، بحسب وصف الحاج أبو سامر -وهو أحد المتبقين في الحي- الذي أشار إلى أن قوات النظام أفرغت 90% من أثاث المنازل، ولا أحد بإمكانه الاعتراض.
ويضيف أبو سامر أن قوات النظام تمنعهم من زيارة أقاربهم في دمشق، مشيرا إلى أن الخروج من الحي يقتصر على شراء بعض المستلزمات اليومية فقط.
ولم تكتف قوات النظام بسرقة المنازل، بل أحرقت العديد منها بتهمة استخدامها من قبل مقاتلي المعارضة كمقار ومكاتب إعلامية وإغاثية، في عمل انتقامي بحسب ما أفاد به الناشط فادي الصيرفي.
ويقول الصيرفي “بعد خروجنا إلى إدلب وصلنا خبر من أحد جيراننا بأن قوات النظام أحرقت مكتبنا الإعلامي وأخبرت الأهالي بأن كل مكان وطأته أقدام من وقف بوجه الدولة مصيره الحرق”، واعتبر الصيرفي ذلك تطبيقا لمقولة قوات النظام “الأسد أو نحرق البلد”.
وتمنع قوات النظام أهالي حي القابون الذين نزحوا منه في وقت سابق إلى المناطق الخاضعة لسيطرته من العودة للحي، كما أنها لم تسمح لهم حتى بمعرفة مصير منازلهم أو الاطلاع عليها، بحجة وجود ألغام ومتفجرات زرعتها المعارضة المسلحة، وتعدهم بالعودة حالما تنتهي عمليات التفتيش ونزع الألغام وتفجير الأنفاق، في محاولة للمماطلة -بحسب متابعين- ضمن خطة التغير الديمغرافي.
الجزيرة