في بداية الشهر الحالي صادف عيد الأضحى المبارك، وهو العيد الذي ينتهي فيه موسم الحج لدى المسلمين. ويطلق جميع المسلمين تقريباً اسم “العيد” ببساطة على عيد الأضحى. أما بالنسبة إلى الأتراك وأقاربهم في دول أخرى، فيحمل العيد اسم “بايرام”. ويوفّر هذا الخط الفاصل بين التسميتين نظرةً غير متوقعة حول نتيجة محاولة تركيا بسط نفوذها على العالم الإسلامي، بين منطقةٍ بنت فيها روابط ثقافية ناجحة لتوسيع نطاق قوتها الناعمة، وأخرى، وهي الشرق الأوسط، حاولت فيها توسيع نطاق قوتها الصلبة ولكنها فشلت في ذلك.
وتستخدم معظم الدول الإسلامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا تسمية “العيد”، على غرار معظم المجتمعات الإسلامية في الغرب. إلا أنّ الأمم والجماعات الإثنية المتحدّرة من الأتراك – كالتتر في روسيا والأذر في القوقاز والأوزبك والكازاخيين في آسيا الوسطى – أطلقت على العيد اسم الكلمة التركية “بايرام”.
وينطبق ذلك أيضاً على البوسنيين والألبان الذي اعتنقوا الإسلام عن طريق الأتراك في أيام الحكم العثماني ويتهجأون الكلمة “باجرام”. وينطبق الشيء نفسه على بلدان أخرى في المنطقة كانت تخضع للسيطرة العثمانية على مدى قرون من الزمن، مثل صربيا واليونان.
لكن يبدو أنّ الاستثناء الرئيسي، الذي له مغزاه، هم الأكراد، إذ يستخدمون الكلمة الكردية “جه زن”. وهي تسمية مناسبة لأقلية لا دولة لها ومنتشرة على الحدود بين الأراضي التركية والعربية من دون أن تشعر تماماً بأن لها وطن.
ومنذ عام 2003، عندما تولى الرئيس رجب طيب أردوغان – الذي كان رئيساً للوزراء آنذاك – و «حزب العدالة والتنمية» الذي يرأسه زمام السلطة في تركيا، أطلقت البلاد محاولةً طموحة لبسط سلطتها على البلدان ذات الأغلبية المسلمة. ويحاول أردوغان ربط سياسته الخارجية بعظمة الامبراطورية العثمانية السابقة وأسلافها. إذ يرى أردوغان أن تركيا، كونها امبراطورية سابقة وقوة مسلمة سابقة، تملك القوة الناعمة الطبيعية على الدول الإسلامية في المنطقة.
بيد أنّ أردوغان راهن بشكلٍ أساسي على بسط نفوذه على الشرق الأوسط حيث أن الاختلافات الثقافية الحقيقية تقوّض الروابط التركية الدينية. وتنعكس هذه الاختلافات في النتائج. فقد تَسبّب انخراط تركيا في الحرب السورية، من بين مغامرات خاطئة أخرى، إلى جعلها أكثر عزلة وتركها غير آمنة أكثر من أي وقتٍ مضى. وفي سوريا، فشلت تركيا في الإطاحة بنظام الأسد، وولّدت عوضاً عن ذلك أعداء جدد مثل تنظيم «الدولة الإسلامية» والأكراد السوريين.
وفي الوقت نفسه، تسبب كل من دعم تركيا لجماعة «الإخوان المسلمين» في مصر وخارجها، والتحالفات التركية مع الأكراد والعرب السنّة في العراق ضدّ حكومة بغداد إلى عزل أنقرة بشكلٍ يثير الأسى. واليوم، وباستثناء قطر وبعض الأكراد العراقيين، لا تملك تركيا أي حلفاء أو أصدقاء في الشرق الأوسط، وهو موقفٌ حوّره مستشارو أردوغان بتفاؤل إلى “الوحدة الثمينة”.
وفي تناقضٍ مع كفاح تركيا في الشرق الأوسط، فإن جهودها الأكثر تواضعاً لبسط قوتها الناعمة من خلال الروابط الثقافية والتاريخية التي تجمعها بالبلقان وآسيا الوسطى – لنسميها “حزام بايرام” – قد حقّقت نجاحاً أكبر.
وهناك صورة أكثر اعتدالاً عن الإسلام روّجت لها ” رئاسة الشؤون الدينية التركية – ديانت”، وهي الهيئة الدينية الأعلى في تركيا، لقت ترحيباً جيداً، كما تتمتع الشركات التركية بالأداء الأفضل في روسيا وجمهوريات سوفيتية سابقة أخرى. وتُعد دول البلقان وآسيا الوسطى من بين البلدان المساندة الأكبر لتركيا في المحافل الدولية، بما فيها “الأمم المتحدة”.
ووفقاً للرؤى الجيوسياسية الراهنة، قد لا يكون “حزام بايرام” بالإنجاز العظيم، ولكنه يبقى أفضل من الوحدة الثمينة.
سونر چاغاپتاي و نيك دانفورث
معهد واشنطن