قال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، الوزير المفوض محمود عفيفي، إن ما تضمنه التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة بشأن وضعية الأطفال في إطار النزاعات المسلحة، وما تضمنه من ادعاءات حول ارتكاب دول التحالف العربي لاستعادة الشرعية انتهاكات ضد أطفال اليمن، كان يستلزم تبني نهج أكثر دقة من جانب معدي التقرير.
وأضاف عفيفي في بيان رسمي، أمس، أنه «مع كامل التقدير للأهمية الكبيرة لهذا التقرير، من منطلق أنه يتناول الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال، باعتبارهم من الفئات التي تتمتع بحماية خاصة في إطار القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، إلا أن التقرير تغيب عنه الدقة في رصد وتسجيل وتوثيق الانتهاكات التي تُثار بشأنها ادعاءات حول ارتكاب التحالف العربي لها في اليمن». وتابع، أنه كان يجب الأخذ في الاعتبار «التعقيدات المختلفة للموقف في اليمن، ومسؤولية الميليشيات الانقلابية عن عدد ضخم من الانتهاكات التي وقعت بشكل عام، تجعل من الأهمية بمكان الرجوع للحكومة الشرعية في اليمن كمصدر رئيسي للحصول على المعلومات والبيانات في هذا الشأن».
ولفت المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، إلى أن التدهور الحاد والمستمر في الأوضاع الإنسانية والمعيشية لأبناء الشعب اليمني يستدعي بالدرجة الأولى اتخاذ خطوات عملية لتعبئة الجهود اللازمة لمخاطبة هذه الأوضاع في أسرع وقت، على أن يكون أحد العناصر الرئيسية لهذا التحرك قيام حوار بنّاء وسليم بين المجتمع الدولي والحكومة الشرعية وحلفائها.
ونبّه إلى ضرورة عدم إغفال «الجهود الكبيرة التي بذلها التحالف العربي على مدى السنوات الأخيرة للتعامل مع هذه الأوضاع الصعبة والتخفيف عن الشعب اليمني، التي كان من بينها على سبيل المثال العمل الذي يقوم به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في مجال حماية الأطفال اليمنيين في إطار النزاع المسلح ووقف معاناتهم وإعادة تأهيل الأطفال المجندين».
وكان «تحالف دعم الشرعية في اليمن» قد رفض تقرير الأمم المتحدة بشأن الدول التي ترتكب جرائم بحق الأطفال، مشدداً على أن التقرير تضمن معلومات غير صحيحة. وأبدى التحالف تحفظه بشدة على تلك المعلومات والبيانات، قائلاً إن من شأن تلك المعلومات أن تؤثر على مصداقية تقارير الأمم المتحدة. كما عبر التحالف عن رفضه الأساليب التي تمّ من خلالها تزويد مكاتب الأمم المتحدة بمعلومات مضللة وغير صحيحة عن الوضع في اليمن، هدفها صرف الأنظار عن جرائم الحوثيين وأتباع الرئيس السابق علي صالح.
واعتبرت مصادر حقوقية أن مصداقية تقارير الأمم المتحدة، ودقتها، باتت على المحك، بعد أن لجأت المنظمة الدولية في الآونة الأخيرة إلى استخدام بيانات إحصائية غير دقيقة صادرة عن جهات غير محايدة وربما متورطة في النزاعات. وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» السنوات الأخيرة شهدت تزايدا في إخفاق المنظمة الدولية واقتصرت مهام أمينها العام على الشجب والاستنكار، وأن مواقف الوكالات التابعة لها وقراراتها وتقاريرها باتت تصدر وفق مصالح معينة، بل وصل الحال ببعضها إلى الاختراق من أطراف متورطة في جرائم حرب.
ورأى الدكتور هادي اليامي الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان العربية، أن المنظمات الدولية حاولت استغلال الدعم السعودي المتواصل لبرامجها، وإصدار تقارير تصب في مصلحة أعدائها، معبراً عن استغرابه الشديد من وضع الأمم المتحدة تحالف دعم الشرعية في اليمن على لائحة الدول التي تنتهك حقوق الأطفال. وأضاف: «للأسف المعلومات التي تستقيها المنظمات الدولية غير موضوعية، فغالبية مصادرهم موظفون يعملون لصالح الحوثيين، وهي مصادر غير منصفة ولا تعكس واقع انتهاكات الحوثيين للأطفال وإقحامهم في العمليات العسكرية». ولم يستبعد اليامي أن تؤثر تلك التقارير على علاقة الأمم المتحدة بتحالف دعم الشرعية وفي اليمن، وقال: «أجزم أنها ستؤثر على سمعة ومصداقية الأمم المتحدة، كما ستنسحب على علاقة التحالف مع الأمم المتحدة، لأن المصداقية هي محور العلاقة مع أي طرف وفي أي نزاع».
وأورد دليلاً آخر على تحيّز المنظمات الدولية وافتقار بعضها للمهنية والموضوعية ودقة المعلومات، مبيناً أن لجنة حقوق الإنسان العربية التي كان يرأسها أصدرت في الفترة الأخيرة تقريراً أعده خبراء عرب بعد زيارة ميدانية إلى عدة مناطق يمنية شهدت انتهاكات لحقوق الأطفال واستغلالهم، إلا أنه مع الأسف لم ينظر لهذه التقارير من قبل المنظمات الدولية، على حد قوله. وأردف «هنالك خلل كبير من دون شك في آلية عمل الأمم المتحدة، وهذا يضعف الثقة فيها لدى كل الفرقاء في أي نزاع دولي». ودعا الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان العربية، الأمم المتحدة إلى «تغيير آليات عملها بعيداً عن المصالح الخاصة والصفقات السياسية إذا كانت تريد لقراراتها النجاح».
كما انتقد اليامي دور المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وانكفاءه وعدم توضيحه الحقائق للمجتمع الدولي، وأنه لا يزال يدور في حلقة مفرغة منذ توليه مهامه خلفاً للمغربي جمال بن عمر. وأضاف: «للأسف، التقارير التي قدمها ولد الشيخ أمام مجلس الأمن اتّسمت في كثير من الأحيان بالسلبية والتمويه، ومحاولة عدم استثارة الانقلابيين».
من جانبه، أكد الناشط الحقوقي اليمني همدان العليي، أن تقارير المنظمات الدولية حول الشأن اليمني يشوبها الكثير من التساؤلات ولا تتمتع بقدر كبير من المصداقية، مبيناً أن من أهم أسباب الطعن في هذه التقارير هو عدم قدرة هذه المنظمات على دخول مناطق الصراع الساخنة وأبرزها تعز المحاصرة منذ أكثر من عامين. وأضاف: «هذه المنظمات لا تستطيع دخول محافظة تعز المحاصرة التي تنتهك فيها الحقوق يومياً عبر قصف عشوائي من الميليشيات، وعليه فإن التقارير لا تصدر كاملة على الإطلاق، وحتى في حال تمكنت المنظمات من الدخول فإن موظفي الرصد يعملون لصالح الحوثيين وإلا لما سمح لهم بالدخول».
وفي 28 فبراير (شباط) 2017. لم يتمكن ستيفن أوبراين، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، من دخول مدينة تعز اليمنية، بعد محاصرة موكبه من قبل الحوثيين، حسب ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية آنذاك. وما يضعف من مهنية تقارير المنظمات الأممية، حسب العليي، هو أن مكاتبها لا تزال تعمل في العاصمة صنعاء الخاضعة للانقلابيين، وهو ما يخالف القانون اليمني الذي ينص على أن تكون هذه المكاتب في المكان الذي توجد به الحكومة اليمنية الشرعية. وقال: «مكاتب الأمم المتحدة ما زالت تعمل في صنعاء وهو أمر مخالف للقانون اليمني الذي يلزم المنظمات الأممية أن تعمل في المكان الذي توجد فيه الحكومة الشرعية وهي عدن لأنها في هذه الحالة تستطيع ممارسة عملها بشكل مهني وصحيح، لكنها اليوم محاصرة في صنعاء».
الشرق الاوسط